الخميس 3/6/1446 هـ الموافق 05/12/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
طريق الثقافة الوعــر..!! ...عبد الهادي شلا

 

 حين تأتي صرخة مكتومة على إستحياء من شاعر كبير ويصرح أنه : ( لايملك موهبة التسول..!!) وهو شامخ و بحزن شديد عن إغلاق موقعه ألألكتروني لعدم توفر الدعم المالي،ويشكر كل من ساهم في دعمه خلال 22 عاما.. في رسالة قصيرة تردد صداها بين الأدباء فإن هذا يعني أن هناك خلل كبير في منظومة الثقافة العربية الجادة رغم كل ما يقام من معارض ومسابقات ومهرجانات تحت مسمى الثقافة والإبداع،وأن كل هذه المظاهر علينا أن ننظر إليها بتمعن من أنها لا تسير في الجادة الصحيحة وأن نلفت نظر القائمين عليها لأن ذلك لا ينطبق فقط على ما جاء في رسالة الشاعر البحريني الكبير -قاسم حداد -من أسف وعلى جهد تجمد تحت وطأة الحاجة إلى قليل من دعم مالي يمكن أن يوفره شخص واحد أو مؤسسة ثقافية ذات ميزانية فيها الفائض الذي يمكن أن يبقي صرحا شعريا قائما .

بالنظر حولنا إلى ما يتفرع عن عالم الإبداع من مسرح وموسيقى وفن تشكيلي جاد ورفيع،فإننا سنصاب بخيبة أمل كبيرة ليس من قلة في عدد المطروح على الساحة الإبداعية ولكن من المستوى الغير مبشر مما يعرض للعامة و خاصة المتلقي الذي يجتهد في البحث عن كل ثمين يغني به ملكة التذوق عنده ويتربى عليها جيل نطمح بأن يكون قادرا على تحمل المسؤولية والرسالة العظيمة من وراء الفن الرفيع وما يتفرع عنه.

أن تُفتح أمام هذا الغث أبواب على مصرعيها ترفع أسماء وتفرد لها صفحات في الصحف والقنوات الفضائية  فإن هذا يجعلنا نعيش صدمة لا تقل عن تلك التي نستشعرها في كثير من مناحي الحياة في وطننا العربي.

 

سيقول البعض أن الحياة في تطور وإستمرار في البحث بما يتوافق مع متطلب العصر ونحن نضم صوتنا إليه ،ولكن أليس من الواجب أن يكون هذا التوافق مع  العصر ومراحله أن تكون أدواته حاضرة بإيجابية وأن تُستغل على أفضل صورها وإمكانياته؟

 

أليست هذه الأدوات والإمكانيات العجيبة التي توفرت لنا في عصر التقنيات من حقنا أن نقول أنها يجب أن تكون عاملا مساعدا على الإرتقاء بمستوى الثقافة والمعرفة التي باتت في متناول اليد بمجرد الضغط على مفتاح صغير في جهاز في حجم ساعة اليد؟!

 

كيف يكون الحال إن تعطلت عجلة العطاء،ولم نجد هذا المفتاح الصغير يدلنا على مواطن الثقافة الرفيعة في الوقت الذي يمكنها أن تصل إلى كل من يبحث عنها و تتوقف لسبب مادي لا يعجز عنه إلا صاحب مبدأ لا يجيد التسول؟!

 

إن الخوف الذي يحتل عقولنا وقلوبنا يكاد يصيب كل طموحاتنا في ثقافة مستنيرة تخرجنا من ضلال المرحلة وما بها من تضارب وتناقض وضجيج تعلو فيه أصوات غريبة وصرخات الجياع والمنكوبين وقد تحولوا إلى مادة تشغل بال الإنسان الذي يتخبط بين ما يسمع وبين ما يرى وكأن الطحن في الماء هو القانون السائد الذي يفرد جناحيه.!!

 

قد تكون هناك أصوات استغاثة أخرى في فروع ثقافية مماثلة لا تصل إلينا الآن،لكنها حتما ستصل في وقت نتمنى أن لا يكون الوقت قد فات عليها وتجد من يمد لها يد الإنقاذ!!

2018-03-23