الخميس 3/6/1446 هـ الموافق 05/12/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مسيرة العودة وهدم بيت العنكبوت....نسرين الأطرش

 الكبار يموتون والصغار ينسون قالت الصهيونية جولدا مئير ربيبة الموساد ورئيس وزراء دولة الكيان الصهيون ، مات الكبار وهم يتحرقون شوقا لديارهم وقراهم ومرابع طفولتهم ، ماتت الأمهات بعد أن أرضعت أولادها حليب العودة إلى فلسطين وأن بلادهم تمت سرقتها من قبل شذاذ الآفاق ، ولد الصغار وهم يعرفون عن بلادهم أكثر مما عرف أباءهم ، النكبة أتاحت للفلسطينيين التعلم والخروج من دائرة الجهل المظلمة ، اللاجئ الفلسطيني أجبر على ترك بلاده ولم تعد له سلكة أو ملكه ، لم تستطع مغريات وكالة غوث اللاجئين أن تغريه بنسيان بلاده خاصة بعدما أصبح لللاجئ مأوى مؤقت في مخيمات اللاجئين ، بالرغم من أن الفلسطينيين قد هجروا وهم فقراء وبالرغم من اقطاعية المجتمع الفلسطيني قبل النكبة إلا أن من أحبها من الفقراء وضحوا من أجلها كانوا أضعاف غيرهم .

هذه هي فلسطين قضية عشق لا ينتهي لأن عليها ما يستحق ، عظيمة هذه الأرض فيها سر كلما تعبت فيه أحببتها أكثر وكما يقول الشاعر الله يا ها الوطن شو مسوي بي الله *** نيرانه مثل الثلج تكوي وأقول الله .

تفنن الفلسطينيون في الحفاظ على الذاكرة الحية ، سبعون عاما وأصبحت الذاكرة الفلسطينية جزأ من النضال الفلسطيني ، بالرغم من محاولات طمس الهوية والشتات الذي أجبر الفلسطينيون على مكابدته ، فتجد الفلسطيني مازال يحتفظ بأي شيء يشهد على مآسيه ، فمنهم من مازال يحتفظ بمفتاح بيته ومنهم من يحتفظ بجواز سفره أو سندات تسجيل الملكية الطابو.

نسج الفلسطينيون ذاكرتهم وحاكوها ألوانا زاهية على ثيابهم والتي تستطيع أن تميز أصحابها إن كانوا من شمال فلسطين أو جنوبها . ظلت أطعمتهم وأشربتهم شاهدة على مدى تعلقهم بأراضيهم واعتبروا الحفاظ عليهم نضال والتفريط فيها خيانة ، وصارع الصهاينة في المحافل الدولية على قرص الفلافل وطبق الحمص ، إنه صراع على الهوية ليس له حدود ولازمان أو مكان .

ظل حلم العودة يراود الفلسطينيون شيبا وشبانا ولم يمت فلسطيني إلا وقال قبل موته نفسي أشوف بلدي أو خذوني وادفنوني فيه ، وظل الصهاينة ومن يواليهم من قوى الشر والاستكبار في العالم يحرمون على الفلسطيني حتى حلم العودة ، ومنعوا أي محاولة لتحقيق هذا الحلم بالرغم من أن دولة الكيان الصهيوني لم يعترف بها إلا على شرط تحقيق قيام الدولة الفلسطينية على الجزء المخصص لها من فلسطين .

لم يعد أمام الفلسطينيون أي وقت يضيعونه في ترف الانقسام  والاختلاف ، خاصة بعدما انشغلت الدولة العربية الناتجة عن آثار الخريف العربي ، وأصبح ليس لهم إلا الاعتماد على الله ثم على أنفسهم في ابتداع أنواع من المقاومة وأشكال تصلح لهذ الزمن  ، وبعد أن وصل الفلسطينيون إلى حالة من اليأس من كل المبادرات والحلول والضحك على الذقون ، صار الوقت أزفا لأن يحققوا العودة بقنابلهم البشرية ، بجيوشهم الجرارة الهادرة ، بقض مضاجع سكن القرى والمدن الحدودية ، فتفتق عقلية الفلسطيني إلى الدعوة إلى التخييم والتجمهر بجوار الحدود مقابل بني صهيون للضغط على كل من يعنيه الأمر ، ولإذابة الجليد من تحت أقدام الصهاينة ، وليعلم القاصي أن أوسلو ومخرجاتها وراء ظهورهم وأن قرارات الأمم المتحدة لا تزول بالتقادم وأن حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتصرف .

فإلى مسيرة العودة شيبا وشبانا ولا يرهبنكم بني صهيون فهم أضعف من بيت العنكبوت .

وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت

الكاتبة نسرين الأطرش

[email protected]

 

2018-03-28