الأربعاء 12/10/1444 هـ الموافق 03/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
حول شروط قصيدة النثر ....جواد العقاد

حول شروط قصيدة النثر ( النص الشعري الحديث، النص النثري ) .

لست ُفي خضمِ معركةِ التسمية البائسة . يقولُ أنسي الحاج -أحد أهم شعراء قصيدة النثر العربية إن لم يكن أهمهم- عن شروط قصيدة النثر: "لتكون قصيدة النثر قصيدة حقاً لا قطعة نثر فنية، أو محملة بالشعر، شروط ثلاثة: الايجاز والتوهج والمجانية" الايجاز : جمع معانٍ كثيرة في ألفاظٍ قليلة. وهنا بدقة : التكثيفُ الشعري، وهذه ميزةُ الشعر عمومًا .

هذا الشرطُ ليس حكرًا على قصيدة النثر والتي قد تخرج عنه أحيانًا ، ربما يدخلها السرد أو الحوار؛ هذا يرجع لكونها نصٌ تهجيني مفتوح، فالشعرُ الحديث مفتوح على ألوان الكتابة الأدبية كلها . وتلاقحُ الأجناسِ الأدبية ليس بالأمر الجديد ولا يقتصر على قصيدة النثر .

مثلًا :قصيدة (في القدس ) للفلسطيني تميم البرغوثي سردية من الدرجة الأولى،يبقى الأمرُ نسبيًا . حين نقرأ نصًا مثلًا للشاعر وديع سعادة ، نعرفُ بوضوح ٍمعنى النص التهجيني.

يقولُ : ماءٌ يسقط على الجسر ولبوءات في دفن الشتاء والهواءُ يتابع السير إلى المقهى.

الحمام يأتي اليوم وسنذهب لرؤية المداخن الدمُ نقيٌّ بحيث تُمكن رؤية العظام: كائنات مالحة في وعاء ودخان أبيض. التوهج : توهجتْ النيران أي توقدت.

أما شعريًا تأخذُ دِلالةَ التنميق اللغوي وقوة تأثير العبارة بلاغيًا . هذا واجبٌ في الأدب عمومًا ،لكن لطبيعة ِقصيدة النثر التوهجُ فيها مكثف . المجانية : بمعنى أنها تدورُ حولَ ذاتها، لا هدف لها خارج نفسية شاعرِها. إن كنّا نقصد ُبها الذاتية (أي أنها لا تخرج عن نفسية الشاعر ) .

هذا يقودنا إلى غنائية الشعر وقد سُمي الشعرُ الغنائي غنائيًا ؛ لأن الشاعر يغتني به لنفسه عن العالم الخارجي، فهو يكتبُ القصيدةَ بناءً على تصورهِ الخاص للواقع. المجانية سمة ٌللشعر عمومًا لكنها مكثفةٌ في قصيدة ِالنثر، وربما يرجعُ ذلك لانعدام الدلالة المعجمية للجُمل فيها -غالبًا - .

الخلاصة

 *الشعرُ بطبعه يتسمُ بالتكثيف اللغوي، ولكن يبقى الأمر نسبي؛ فالشعرُ الحديث مفتوح ٌعلى أشكال الكتابة .

*يُشترطُ التوهجُ في الأدبِ عمومًا ، ولطبيعة قصيدة النثر التوهج فيها مكثف.

*المجانيةُ سمةٌ للشعرِ عمومًا ونجدها بكثافةٍ في قصيدة النثر .

جواد العقاد

2018-04-01