الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
حوار مع الإعلامية اليمنية وداد البدوي عن اوضاع حقوق المراة اليمنية في زمن الحرب

حاورها من باريس ـ حميد عقبي:

الإعلامية اليمنية وداد البدوي:

المنظمات الدولية غير فاعلة بالشكل المطلوب لرصد العنف الجنسي ضد نساء وأطفال اليمن والحرب جعلتهم عرضة للعنف بكل أنواعه وأشكاله..

لا وجود لأي حرية تعبير


تستضيف أغلب الفضائيات العربية والأجنبية في نشراتها وتحليلاتها الاخبارية حول الشأن اليمني الكثير من الشخصيات المقيمة بفنادق فرهة في الرياض ودبي والقاهرة واسطنبول والدوحة وغيرها وهم خارج الواقع ولا يُحسون بألم الناس ولا بشاعة الحرب لذا يصعب أن نلمس الحقيقة بل هناك تزييف لصالح هذا الطرف أو ذاك.في ضيافتنا الإعلامية والناشطة الحقوقية اليمنية وداد البدوي التي تعيش في اليمن وتعايش الواقع بكل قسوته التي تزداد ساعة بعد ساعة وتكشف لنا تفاصيل مهمة عن حياة المرأة اليمنية وما تتعرض له من عنف وكوارث قاسية ومع ذلك تظل صامدة وتناشد العالم بضرورة التحرك السريع وإيقاف الحرب، كما تكشف لنا تعامل أطراف الحرب مع الصحافة وعدم تقبلهم لأي رأي بحجة أنهم في وضع حرب.لنستمع لتفاصيل أكثر مع ضيفتنا ونتمنى أن يصل صوت نساء وأطفال اليمن إلى قلب وضمير الإنسانية.
* تثار قضية فتاة الخوخة وحكاية اغتصابها من جندي سوداني تابع للتحالف..هل لديك معلومات بخصوص القضية وما قراتك لهذه الحادثة؟
– كل ما لدينا من معلومات هي صادرة عن جهات تستغل القضية ولم نتوصل لمعلومات حقيقية في هذا الجانب لم نصل للمرأة أو نعرف تفاصيل عنها وعن أسرتها ولا تفاصيل واضحة عن الجندي أيضاً، لا أستطيع هنا أن أنكر الانتهاك ولا أثبت التهمة، وحتى المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ليس لديها حتى اللحظة تفاصيل حول ما حدث، وتضارب المعلومات يوحى بأن ثمة شيء من عدم المصداقية في هذه الحادثة التي لا أستبعد حدوثها أو ما يشبهها في مناطق الصراع أو النزوح.
أما عن قراءتي لهذه الحادثة فأقول بأن ثمة استغلال لها بشكل كبير وغير منطقي من قبل أطراف الصراع وأتحدث عن الأطراف التي تتاجر بها ولا تناصرها ، فتذهب لتحث الناس للذهاب للجبهات العسكرية بحجة الدفاع عن الشرف والقيم علماً أن مثل هذه الحادثة سمعنا بمثلها كثيراً في السابق وبشكل كبير في تجمعات النازحين بمحافظة أب ولم يحرك أحد ساكن.
بنفس الوقت أستغرب أن يقوم البعض بالنقي وبشكل قاطع دون معرفة تفاصيل فقط لكونه يريد أن يدافع عن عناصر التحالف بدون أي معطيات أو معلومات يستند لها، هذا يجعلنا أم واقع يحكمه التعصب لا العقلانية في الأمر، ولذا يجب علينا في كل الحالات أن نقف لجانب الضحية أو المنتهك ونغمض أعيننا عن الانتماء، فالمجرم يجب أن يدان والضحية لابد أن تنصف والانتهاك مرفوض من أي طرف كان، لان هذه الحالات في مجتمع قبلي محافظ كاليمن بادرة خطيرة ستجرنا لمربع غير لا تحمد عقباه، وعلينا أن ندين ونرفض هذه الجرائم ولا نقبل استغلالها، ونطالب بالتحقيق فيها.
* لأي حرب ضحايا وعنف جنسي ضد النساء والأطفال..هل يوجد جهات أو هيئات شعبية أو دولية باليمن ترصد مثل هذه الحوادث؟
– للأسف ضحايا العنف والحرب والصراع كثير ولا تخلو حرب من الضحايا، ولكن للأسف المنظمات اليمنية المحلية تعمل وفق أجندة أطراف الصراع ولذا تُسيس القضايا أو تنظر في قضايا معينة ولا تهتم لقضايا أخرى ولذا لا ثقة لنا بها، أما المنظمات الدولية فإنها غير فاعلة في هذا الجانب بالشكل المطلوب ولعل القرار الأممي 1325 جاء للحديث عن مثل هذه الحالات بالإضافة لحزمة القرارات التابعة له كالقرار 1820 الذي تحدث بشكل صريح وواضح عن العنف الجنسي حتى إنه أستثنى هذا الجرائم من أحكام العفو العام وعلى الأمم المتحدة بكل أجهزتها أن تفعل تطبيق هذه القرارات في اليمن وبالذات هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومكتب المبعوث الخاص لليمن والأجهزة المعنية الأخرى لانهم الأكثر مسؤولية في هذا الجانب، غير أن هذه الجهات أو الهيئات لا تقوم برصد مثل هذا الحالات، وربما لها أسبابها وعراقيل تواجهها لتمنها من القيام بذلك.
* المرأة اليمنية حققت بصعوبة بعض الخطوات ما قبل الحرب ولكن كيف هو واقع المشهد الحقوقي للمرأة اليمنية في ظل الحرب وما الذي يمكن رصده من عنف ضدها؟
– المشهد الحقوقي للمرأة اليمنية اليوم يختلف عن واقعها كثيراً، لقد وقفت المرأة عاجزة في المشهد الحقوقي أمام آلة الحرب التي لا تحترم الكلمة ولا تؤمن بالحقوق، ولا تنصت إلا لصوت القوة والبندقية، وهو ما لا تجيده النساء ولا تملكه، ولذا تراجع العمل الحقوقي النسوي في اليمن بشكل كبير وربما أصابته الحرب بالشتات، وحاول أن يلملم شمله من خلال التكتلات والائتلافات غير أن هذه المحاولات لم تكن لها صدى حقيقي على مستوى الشارع ولا على مستوى صناعة قرار السلام والعملية السياسية، ولكن في مثل هذه الظروف تكون المحاولة بحد ذاتها نحاج ولعل أهم تجربة في هذا الجانب هو تشكل التوافق النسوي اليمني من أجل الأمن والسلام الذي يضم 60 امرأة قيادية يمنية من مختلف التوجهات والمحافظات ويحاول الضغط على الأطراف المختلفة من أجل السلام والذهاب لطاولة المفاوضات وجعل أجندة النساء حاضرة في العملية السياسية وصناعة السلام.
الحرب جعلت النساء عرضة للعنف بكل أنواعه وأشكاله، فهي من تخسر ابنها في الجبهات أو زوجها وهي من تضررت بشكل مباشر من فقدان الرجل الزوج لوظيفته والجلوس في البيت وهنا زادت المشاكل وارتفعت بشكل ملحوظ حالات الطلاق والخلافات الأسرية، وهي من تحملت عبء الأسرة والمصاريف والتربية عندها فقطت رب الأسرة في الحرب أو عندما يتركها الزوج بسبب عدم قدرته على مواجهة أعباء الحياة فيغادر المنزل بلا رجعة لتتحمل هي كل الأعباء والتكاليف، وهي من فقدت ايضاً عملها وعادت لتصنع البخور أو تشتغل الحرف اليدوية لتوفر مبلغ مالي تسد به رمق الأسرة، كما كانت ضحية للحرب المباشرة عندما تستهدفها الصواريخ أو الكاتيوشا أو رصاص القناصة فتلقى مصرعها دون سبب إلا أنها ع هذا الوطن، كما أن انعدام الخدمات الصحية وغلاء المعيشة أيضاً جعلها لا تحصل على حقها الصحي بل وتحملت أعباء إيجاد الحطب والبدائل لتدبير معيشة العائلة.
* ليتك بخلاصة مختصرة تحلقين بنا مع المشهد الإعلامي اليمني المستقل والتحديات الجديدة وأبرز ما يعانيه الصحفي؟
– الحقيقة أنه لا وجود لمشهد إعلامي يمني في الحرب، فقد تحولت أغلب الوسائل الإعلامية للأسف إلى أبواق تابعة لأطراف الصراع، ولم نجد أي وسيلة لا تحمل أجندة سياسية محلية أو خارجية، ولذا تاه المتلقي وأصبح لا يثق بأي وسيلة، وهناك الوسائل التابعة للأطراف بشكل مباشر والناطقة باسم الجهات والتيارات وهذا الوسائل لا تلتزم بالمهنية و لها جمهورها من الطرف نفسه وتعد مصدر للمعلومة عن الطرف وليست وسيلة للحقيقة لا يهمها أن تعمل وفق منهج المصداقية والحياد، ولعل أهم ما نقف أمامه في الإعلام المستقل هو انهيار وتوقف عدد كبير من الوسائل الإعلامية بسبب الحرب وظهور وسائل أخرى جديدة تتحدث أنها مستقله لكنها تتبع الأطراف الحاكمة وكلاً في إطارة الجغرافي “شمال أو جنوب ” اليمن، وما يؤلم فعلاً إلى جانب ذلك أن عدد كبير من الإعلاميين فقدو وظائفهم ومصدر دخلهم وأصبح وضعهم المادي صعب للغاية بسبب رفضهم العمل مع الأطراف واحترام مهنيتهم وأخلاقيات ومواثيق العمل الصحفي، وبالمقابل هناك من الإعلاميين من استغل الحرب وذهب للعمل مع طرف كي يكتسب أموال أو على أقل تقدير كي يجد ما يضمن له حياة كريمة و دخل مادي .
*كيف يتعامل أطراف الحرب مع قضية حرية التعبير ؟
– أطراف الحرب لا يؤمنون بحرية التعبير للأسف جميعهم، ولا يتقبلون الرأي الأخر، بل ويرفضون النقد بحجة أنهم في وضع حرب، ولا يعطون المعلومة إلا المعلومة الموجهة ويريدون منا تصديق ما يرد منهم من معلومات وأن لا نلتفت لما يرد من الطرف المضاد لهم، وعندما نتحدث عن حرية التعبير المكفولة لنا في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يكون الرد بأنه في حالة الحرب تعطل كل هذه القوانين والمواد، ومن الصعب الذهاب للمطالبة بهذا الحق لأنه قد يفسر في إطار العمالة والخيانة العظمى، وكثير من الزملاء وقعوا ضحية العمل الصحفي وحرية التعبير فتعرضوا للاعتداء أو أطلاق النار أو الموت.
* وداد البدوي ناشطة حقوقية وإعلامية يمنية..نود معرفتك عن قرب وأنشطتك؟
– أنا امرأة يمنية بسيطة من الطبقة الكادحة في هذا البلد، أنتمى لمحافظة تعز وأعيش في صنعاء وأعمل في الجانب الإعلامي ولكن أحاول من خلال العمل الصحفي خدمة القضايا الحقوقية وبالذات المرتبطة بالمرأة، كان لي الشرف أن أكون ضمن من طالب بالدولة المدنية و التغيير سنة2011، أعمل مؤخراً في الجانب الثقافي كونه النافذة التي ستنقلنا للدولة المدنية لان الثقافة هي روح المدنية، ولذا أسست مع عدد من الزملاء مركز الإعلام الثقافي cmc ونقدم من خلال هذا المركز الحديث أنشطة ثقافية تتركز في الشعر والإبداع وإيجاد منصة للشباب في الغناء والفنون المختلفة، والحمد لله حققنا نجاح لا بأس به رغم ما واجهنا من عراقيل، ولعل أهمها ما قمنا به بالإضافة للفعاليات هو إصدار تقرير عن الفعاليات الثقافية في اليمن يوثق لكل ما يجري من أعمال ثقافية بمختلف المحافظات اليمنية.
* كانت توجد مئات الجمعيات والمؤوسسات المجتمعية التي تهتم بالمرأة والطفل والثقافة والفنون وبعضها كان يملك مقرات ودعما خارجيا جيدا..ما الذي بقي منها؟ وهل يوجد من صمد في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ اليمن ووجوده؟
– الكثير منها أختفى بفعل الحرب وبسبب عدم توفر دعم خارجي لان المنظمات الدولة الداعمة جعلت أولوياتها إغاثية ومتعلقة بالحرب وليس كالسابق فتراجع العمل كثيراً ، والعديد من العاملين فيها عاد للريف بسبب عدم المقدرة على تحمل تكاليف الحياة بعد فقدان العمل، وهناك من استقر خارج اليمن وتشتت المجتمع المدني الذي وقع ضحية السياسة والحرب، وبالمقابل هناك منظمات نشأت حديثاً خلال الحرب ولكنها تعمل وفق أجندة الأطراف المتصارعة في أغلب الحالات أن لم تكن تدار بشكل مباشر من قبل هذه الأطراف.
* وداد إعلامية معروفة كثيرة المشاركات لكنها تعود بعد كل مشاركة خارجية إلى اليمن ولم تفعل كما فعل الكثير بالهروب ..لماذا هذا الخيار؟
– ربما أنا محظوظة بحصولي على عدد من العروض للخروج من البلد، ولكن الحقيقة هذه الفكرة ترعبني حتى في ظل الظروف الصعبة التي واجهتها خلال السنوات الأخيرة، فكرتي أن أكون هنا بين الناس وبالشارع العام، لا أحبذ الهروب من مصير الوطن أو الابتعاد عن وجعنا فأن ككل اليمنيين لم نألف الرفاهية ولست نخبوية أو من الطبقة البرجوازية حتى أبتعد عن الوطن عندما لا تناسبني ظروفه، ولذا قررت البقاء وتحمل كل هذا الوضع، وعندما أخرج في أي مشاركة خارجية أكون دائماً مرتبطة باليمن وبأصالة الناس ووجعهم ولذا أسرع بالعودة، أنا أحب هذا البلد وأحاول أن أجد فرصة لخدمته ما أستطع، ولذا لا جدوى من الخروج لأن هدفي في الحياة أن أخدم بلدي لا أن أعيش أنا برفاهية، وهذا خيار مستغرب من الكثيرون لكنه أتخذ برضى كامل وقناعة تامة. طبعاً أنا أتفهم خروج الكثيرون وربما يجدون فرص لخدمة الوطن من بعيد لكن شخصيا أنا لا أقوى على الخروج النهائي من اليمن ولا أتخيل نفسي في بلد غير اليمن.
* يقال أن الحرب توشك على نهايتها..ما هي قراءتك لهذه المقولة؟
ـ أتمنى ذلك.. ولكن لا ثقة بالأطراف اليمنية، إلا في حالة واحدة إذا تدخل المجتمع الدولي بشكل جاد وصادق مع اليمن ، وأقصد بالمجتمع الدولي الأمم المتحدة والهيئات التابعة أو الموازية لها والمانحين والدول الراعية، في هذه الحالة ممكن الوصول لحل وبشكل سريع، وعبر الضغط أولاً على الأطراف الإقليمية ومن ثم الاطراف اليمنية، لان القرار ليس يمني خالصاً بعد دخول دول من المنطقة، ومع هذا نحن متفائلون جداً ونستبشر بالقادم لكن لا يوجد ما نراهن عليه، تظل الفكرة أمنية وتصريحات لا تجد طريق للتنفيذ.
وعندما يقرر اليمنيون الذهاب للسلام سوف تغمد جراحنا وتلتئم وسنعود أخوة وأبناء بلد واحد، لأننا ورغم الآلة الإعلامية التحريضية بين اليمنين إلا أن هذه الحرب ظلت حرب سياسية وحرب مصالح ولم يستطيع أي طرف تحويلها لحرب طائفية أو حرب مجتمعية أو مناطقية، وهذا مؤشر إيجابي فالمجتمع المنتمي لكل المحافظات والتيارات والمذاهب لم يعر الحرب اهتمام وظلت الحروب بالجبهات ولم تداهم عقلية الناس الذين كفروا بالأطراف وأمنوا باليمن وعرفوا كيف أصبحت الأطراف تجار حروب تحت ذريعة الوطنية و الوطن.
* كلمة أو رسالة إلى نساء العالم من امرأة يمنية؟
– كامرأة يمنية أدعو أولاً المجتمع الدولي للعمل الجاد من أجل العملية السياسية في اليمن وإشراك النساء في التفاوضات القادمة ومراحل صناعة السلام في اليمن، وأتمنى من المرأة اليمنية أن تظل داعية للسلام فهي ضحية وصاحبة مصلحة من السلام وعليها أن تدفع بهذا الاتجاه دون ملل ولا تنتظر من الرجال أن يهدوها السلام لانهم هم من صنع الحرب واتخذوا قرارها وهم قادتها وأصبحوا تجارها.
أما نساء العالم فأقول لهن المرأة اليمنية رغم الحرب والوجع ورغم أنها مازالت تموت على سرير الولادة ولا تحصل على الخدمات الصحية إلا أنها قوية وتمتلك إصرار وعزيمة ، وقلب مليء بالحب للحياة ، فأعينوها لأن تصل للسلام واجعلوها حاضرة في أذهانكن وأجندة الدفاع عن النساء.

2018-04-06