الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
صحفيون وخبراء يكشفون حقيقة جماعة 'الخوذ البيضاء' كذراع إرهابي آخر أوجده الغرب في سورية ...إعداد: بيانكا ماضيّة

جماعة "الخوذ البيضاء" هذه المنظمة التي تمارس نشاطها في سورية وتكيل لها وسائل الإعلام الغربية المديح، إذ تظهر على عكس مضمون عملها الحقيقي كمنظمة تطوعية إنسانية، وكجماعة مدنية تطوعية، وقد تم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام، وكوفئت عام 2016 عبر نيل فيلم "ذي وايت هلمتس" الذي يتناول عملها المحفوف بالمخاطر في إنقاذ المدنيين في سورية، بجائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي قصير..تظهر حقيقتها في النهاية ويتضح منشؤها المشبوه.

وبينما يستمر الغرب في توفير الدعم المالي لـها ويسبح بحمدها، ترتسم ملامح الانهيار الذي يطال أطراف واجهة هذه المنظمة، وإضافة إلى ذلك تكشف التحقيقات التي يجريها صحفيون جريئون أن هذه الجماعة وليدة الدول الغربية التي سعت إلى تغيير نظام الحكم في سورية.

فمن خلال جولات صحفيين وباحثين مستقلين في أثناء وجودهم في سورية، انكشفت حقيقة هذه المنظمة التي تدعم الأطماع الاستعمارية للدول الغربية وتؤيد نشاطات المجموعات المتطرفة في سورية. وهذا ماكشفته الصحفية البريطانية فانيسا بيلي لموقع (سبوتنيك) بعد جمعها معلومات موثقة تلقي الضوء على دور "الخوذ البيضاء" في الحرب الإرهابية ضد سورية، وقيامها بتسجيل وتدوين وقائع التعاون الوثيق بين منظمة "الخوذ البيضاء" وتنظيمات التطرف مثل "جبهة النصرة" و"حركة نور الدين الزنكي" في مناطق شرقي حلب وأماكن أخرى.

وتشير فانيسا إلى أن الفيلم الوثائقي الذي نال جائزة الأوسكار قامت بتصويره عناصر الجماعة بواسطة ما وُضع تحت تصرفهم من معدات تقنية راقية لا يشغّلها إلا من تلقى التدريبات المناسبة.

وقد عرضت الجماعة في أحيان كثيرة مقاطع الفيديو والصور المزيفة عن عملياتها "الإنقاذية" مؤكدة أن عمل "الخوذ البيضاء" يخدم غرضاً آخر وهو تمويه فظائع المتطرفين المتعاونين مع الجماعة، والتستر على ما يقومون به على أرض الواقع.

وتقول فانيسا: "ذهبت إلى مناطق شرقي حلب في كانون الأول 2016 حين حررها الجيش العربي السوري من الإرهابيين. ونفى منتسبو الهلال الأحمر العربي السوري الذين تحدثت لهم أن يكونوا رأوا الخوذ البيضاء هناك في حين قال المدنيون الذين حاورتهم إنهم لا يعرفون من هم الخوذ البيضاء، وإن الجماعة الوحيدة للدفاع المدني التي سمعوا عنها هي جماعة الدفاع المدني التابعة لجبهة النصرة. وقال بعضهم إنهم رأوا كيف يسرق أعضاء هذه الجماعة جثث الموتى".

وتشير فانيسا إلى أن فريق الدفاع المدني الحقيقي في سورية والذي أنشئ في عام 1953 يعمل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة ويحتلها المتمردون على نحو سواء حتى عام 2016 عندما اضطر إلى مغادرة المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة حفاظاً على سلامة أفراده الذين هددهم المتطرفون في أثناء قيامهم بأعمال الإنقاذ، وأن الفريق في مطلع عام 2018 قام بتقديم المساعدة والدعم لـ80 % من سكان سورية.

والتقت فانيسا أثناء وجودها في سورية بأعضاء فريق الدفاع المدني في حلب واللاذقية وطرطوس ودمشق. وكشفوا لها أن عناصر جبهة النصرة وتنظيمات التطرف الأخرى اغتالوا زملاءهم بوحشية في شرقي حلب والرقة ودير الزور وإدلب، واستحوذوا على معداتهم بما فيها سيارات المطافئ والإسعاف الأولي. وانضم الكثيرون منهم إلى جماعة "الخوذ  البيضاء".

مؤكدة أن من يقضي ساعات معدودة في مناطق شرقي حلب يعثر على كمية هائلة من الدلائل على أن منظمة "الخوذ البيضاء" تمارس العنف أو تتغاضى عن عنف الآخرين وأنها كانت تستخدم المدنيين كدروع بشرية. وبأن هذه المنظمة تقدم دعماً لتنظيمي "القاعدة" و"داعش" من خلال توفير احتياجاتهما، ورصد مسارات الطيران السوري والروسي..

وقد حاورت هذه الصحفيّة الكثيرين من السوريين الذين قالوا لها إن "المراكز الإنسانية" التابعة لمنظمة "الخوذ البيضاء" تقع دائما قرب قواعد "النصرة" وإن الذين يتلقون العلاج في مستشفياتهم معظمهم عسكريون وليسوا مدنيين. واستخدمت الجماعة أحياناً المباني نفسها التي توجد فيها "النصرة" والتنظيمات الإرهابية الأخرى.

ومن خلال هذه المعلومات التي حصلت عليها فانيسا باتت تنظر إلى هذه المنظمة نظرة الارتياب بعدما اكتشفت أن الجماعة أسست في تركيا، وأسسها الخبير الأمني جيمس لي ميزوريه، وهو موظف سابق في مخابرات الجيش البريطاني.

 

.من هو جيمس لي ميزوريه؟!

عمل ميزوريه بعدما ترك الخدمة في الجيش لحساب منظمات تزاول النشاط المشبوه مثل جماعة المرتزقة "أوليف غروب" وقد قال ميزوريه لمجلة "مينز جورنال" في عام 2014  إن إنشاء منظمة "الخوذ البيضاء" تصادف مع وجوده في تركيا حيث قضى إجازته هناك، ورأى لزاماً عليه أن يساعد المدنيين في سورية بعدما استمع إلى اللاجئين القادمين منها الذين حكوا عن الدمار الذي أصاب بلادهم.

وتشير فانيسا إلى إنها تعتقد بأن العكس هو الصحيح، فوجود ميزوريه في تركيا حين إنشاء منظمة "الخوذ البيضاء" لم يكن بالمصادفة، إذ تم ذلك حين بدأت جهود إسقاط الدولة السورية تتعثر.

لم يواجه ميزوريه صعوبة في الحصول على الدعم المالي من الدول الأجنبية. إذ حصل في بادئ الأمر على مبلغ يقارب 300000 دولار من عدد من الدول منها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. ثم ارتفع حسابه إلى 100 مليون دولار حين بدأ يتلقى الدعم من المنظمات غير الحكومية. كما حصل من هولندا على 4.5 مليون دولار، ومن ألمانيا على 4.5 مليون دولار، ومن الدانمارك على 3.2 مليون دولار. ووصلت المعدات وتجهيزات أخرى من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. فحصلت الجماعة على ما يزيد على 150 مليون دولار أمريكي قبل شباط 2018.

 

عمل منظمة "الخوذ البيضاء"

تبين من تحليل مقاطع الفيديو المسجلة عن نشاطات "الخوذ البيضاء" كما تشير الصحفية فانيسا، أنهم لم ينقذوا المدنيين في سورية بل على العكس قاموا باتخاذ الإجراءات التي تودي بحياة الإنسان.

وكشفت منظمة "أطباء سويديون لحقوق الإنسان" أن من يسمون أنفسهم منقذين وطوعيين لم ينقذوا الأطفال السوريين بل على العكس قاموا بقتلهم. وبعد التدقيق بالمقاطع المسجلة التي تظهر معاناة أطفال سوريين نتيجة "هجوم كيميائي" مفترض، توصل الخبراء السويديون إلى أن "المنقذين" يقومون بحقن الطفل بالأدرينالين في منطقة القلب بواسطة حقنة ذات إبرة طويلة، مع العلم أن الإسعاف الأولي لمصابي الهجوم الكيميائي لا يتم بهذه الطريقة. ولم يتم الضغط على مؤخرة الحقنة في مقطع الفيديو المسجل وهذا يعني أنهم لم يقوموا بحقن الطفل بالدواء.

وما أعلنته منظمة "الخوذ البيضاء" من أنها أنقذت أكثر من 90 ألف شخص عار عن الصحة لاسيما وأنها والحكومات الغربية الداعمة لها لم تقدم أية وثائق ولم تعلن أسماء من تم "إنقاذهم".

وتقول فانيسا إن "الخوذ البيضاء" يقدمون ما يجب أن يدل على أن القوات الحكومية تستخدم الأسلحة الكيميائية وتقترف غير ذلك من "الفظائع" التي يمكن اتخاذها ذريعة للتدخل في سورية. ويتبين في وقت لاحق أن "أعمال" القوات الحكومية مزيفة أو هي من أعمال المجموعات المسلحة. وإضافة إلى ذلك لا تُظهر مقاطع الفيديو التي يعرضونها القتال الحقيقي بل تُظهر "آثاره" التي تلتقطها عدسات أعداد غفيرة من المصورين.

 

مقاطع فيديو تفضح عملهم

وترى فانيسا من خلال تلك الوثائق غير تبرير للاشتباه بأنهم تلقوا التدريبات العسكرية من مؤسس منظمتهم ميزوريه. أما مقاطع الفيديو التي أشارت إليها الصحفية فتؤكد بما لاسبيل للشك فيه أن منظمة "الخوذ البيضاء" على اتصال وثيق مع التنظيمات الإرهابية لوجودها في المناطق السورية نفسها التي تحتلها التنظيمات الإرهابية. فبالإضافة إلى المساعدة الطبية التي تقدمها الجماعة إلى تلك التنظيمات توجد معلومات موثقة عن تعاون "الخوذ البيضاء" معها في المسائل الأكثر خطورة.

فعلى سبيل المثال كما تشير فانيسا، يُظهر مقطع الفيديو الذي التقط أثناء قيام النصرة بشن الهجمة الشعواء في شهر آذار 2015، "الخوذ البيضاء" يعتدون على المدنيين بالضرب بالتنسيق مع عناصر النصرة. ويُظهر مقطع الفيديو الآخر "الخوذ البيضاء" يحتفلون مع عناصر جبهة النصرة بـ"الانتصار" في الساحة الرئيسة لمدينة إدلب. وهناك مقاطع فيديو تسلط الضوء على مشاركة "الخوذ البيضاء" في تنفيذ حكم الإعدام على ضحايا الجهاديين والتي ينشرها أعضاء منظمة "الخوذ البيضاء" بأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي...وثمة صور ومقاطع فيديو كثيرة تُظهر عناصر منظمة "الخوذ البيضاء" يحملون السلاح أو يقفون وسط المجموعات المسلحة...ويُظهر أحد مقاطع الفيديو الذي التُقِط في محافظة درعا في حزيران 2017، سير أحد عناصر منظمة "الخوذ البيضاء" على الجثث الممزقة لجنود الجيش السوري الموضوعة في صندوق سيارة الشحن.

كما يُظهر الفيديو نفسه المسلحين الموجودين قرب السيارة يلوّحون بالرأس المقطوع. ولا يربك هذا المشهد عنصر منظمة "الخوذ البيضاء" الذي ينتشل العلم السوري من تحت الجثث ويرميه على الأرض.

وتشير إلى أن "الخوذ البيضاء" أعلنوا تنصّلهم من تلك الوقيعة زاعمين أنهم طردوا المتطوع "الوقح".ولم تعبر المصادر الرسمية والإعلامية الغربية عن استنكارها لتلك الوقيعة غير الجائزة لمن ينسبون أنفسهم إلى فريق الدفاع المدني.

وتختم فانيسا حديثها قائلة: يزوّد "الخوذ  البيضاء" الدول ووسائل الإعلام المانحة بصور "الكارثة الإنسانية" و"جرائم الحرب". ويقبل المانحون ما يقدمه لهم "الخوذ  البيضاء"، ويستمرون في توفير التمويل للجماعة من أجل تحقيق هدفهم بإقامة مناطق حظر الطيران في سورية لكي تتقلص مساحة الدولة السورية وتصبح دولة فاشلة.

 

الصحفي السوري عباس جمعة وكشفه كذبة المنظمة

كما اكتشف الصحفي السوري عباس جمعة منذ عامين، كذبة المنظمة الإنسانية "الخوذ البيضاء" التابعة للولايات المتحدة في سورية، حيث نشرت المنظمة صورا تزعم فيها أنها تقوم بـ"إنقاذ" السكان المدنيين في سورية...وقد وثق عباس جمعة بثلاث صور، من الصور المنشورة لفتاة، ولكن في أماكن مختلفة. وكتب عباس جمعة على صفحته على تويتر: "الممثلون في "الخوذ البيضاء" ينقذون نفس الفتاة في ثلاثة أماكن مختلفة فهل فعلاً أنه لا يوجد في سورية أفلام جيدة التصوير".

وهذه ليست أول حالة من هذا القبيل. ففي تشرين الأول عام 2015، بعد أن بدأت روسيا بشن غارات جوية على تنظيم "داعش" في سورية. بدأت تظهر صور تزعم أنها دمرت منازل المدنيين. وحينها نشرت منظمة "الخوذ البيضاء" على تويتر صورة لفتاة مصابة، وكتبت: "اليوم، روسيا شنت غارة على حمص، وقتلت 33 مدنياً من بينهم ثلاثة أطفال". ولكن سرعان ما اكتشف رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن الصورة التقطت في 25 أيلول، أي قبل ثلاثة أيام من بدء العملية الروسية في سورية

 

بيتر ماركفارت خبير تشيكي يفضح عمل "الخوذ البيضاء"

كما أكد الخبير التشيكي المختص بقضايا الشرق الأوسط الدكتور بيتر ماركفارت أن مجموعة ما يسمى "الخوذ البيضاء" هي اليد الطولى للمخابرات البريطانية "ام اي 6" في سورية.

وأضاف ماركفارت في حديث أدلى به اليوم لموقع إلكتروني تشيكي نقلته وكالة الأنباء السورية "سانا": إن هذه المجموعة أسست من قبل ضابط سابق في جهاز الاستخبارات العسكرية البريطاني له علاقات واسعة مع الأنظمة الخليجية". مشيرا إلى أنه "بين عناصر هذه المجموعة العديد من عناصر المخابرات من دول أخرى ما يعني أنها في الحقيقة عبارة عن شركة للعمليات المشتركة لتحقيق مصالح الأنظمة الوهابية والدول الأنغلوسكسونية".

وأكد ماركفارت أن "أعضاء هذه المجموعة الذين يظهرون في صور الفيديو على أنهم ينقذون الناس من بين الحطام ليسوا في الحقيقة سوى طلائع متقدمة لعمليات الإرهابيين ولا سيما لجبهة النصرة".

وسبق أن أكدت العديد من التقارير أن مجموعة ما يسمى "الخوذ البيضاء" ليست سوى أداة للترويج لاتهامات ومزاعم باطلة بحق الجيش العربي السوري. حيث بين رئيس تحرير صحيفة "تقويم" التركية الكاتب أرغون ديلر أن "الخوذ البيضاء" التي تمولها الحكومة البريطانية وتدعمها الولايات المتحدة وتنظيم "القاعدة" تقف وراء الهجوم الكيميائي على بلدة خان شيخون.

فيما تكشف الصور والتعليقات للعديد من أصحاب "الخوذ البيضاء" والتي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي حقيقة انتمائهم إلى المجموعات الإرهابية، وأنهم ليسوا كما يدعون "منظمة إنسانية" بل عبارة عن غطاء لتقديم العون للإرهابيين كذراع إرهابي آخر أوجده الغرب في سورية.

2018-04-19