الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الوطن مثلنا عاطفي جداً ....راميا الصوص

أعرف سيّدةً عجوز، تسكن معنا، هنا، في القاع، تأكل الترابَ صباحًا، وتشرب دماءَ الثائرين في المساء، وتبكي بحرقةٍ بقيّة النهار.

إنَّها مثلُنا يا حبيبي، عاطفيّةٌ وتستحي أن تكسفَ الموت، وألَّا تُلبّي دعوتَه إلى العدم.

ولأنني أحبُّها، وأريدُ لها أن تموتَ ميتةً شريفة؛ انحرفتُ عن المسار العاطفيِّ، وأعلنتُ عصياني: نحنُ نصعدُ إلى الجحيم كلَّ يومٍ، ونستفزُّ النارَ لكيّ تصهرَنا وتُحوّلَنا رمادًا لنلحقَ بكِ إلى العدم، ولكنَّها لا تفعل.

إننا نُنكرُ عليكِ أن تذهبي وحدَكِ هناك، وأن تسلّمينا للحياة.

من أخبركِ أننا أهلٌ للحياة؟

هل سمعتي صوتَ تأوّه الأبد حينما حاولنا أن نخبّئ آمالنا فيه؟

هل رأيتِ كيف سقطت الشمسُ بعدما رفعنا الرايةَ البيضاء؟

هل رأيتِ الهواءَ وهو يهرب خارج القاع؟

هل رأيتِ الظلام وهو يهبط نحوَنا؟

نحن لا نريد أن نعيشَ أكثر. أنتِ أيَّتُها العجوز التي أسموكِ فلسطين، عليكِ أن تعصي الموتَ كما أعصيكِ الآن، وأن تطلبي منه أن يسمحَ لنا بالمجيء إليه، فنحنُ كما تعرفين، قد لفظنا الجحيم.

2018-05-16