الثلاثاء 14/10/1445 هـ الموافق 23/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مظاهر رمضانية مختلفة !! ...عبد الهادي شلا

 

 لست أول من يلفت النظر إلى ما أصبحت عليه مظاهر إستقبال شهر رمضان الكريم.

بعد أن اختفت كثير من صوره الجميلة التي شكلت جزءا من تراثنا العربي والإسلامي، وحلت مكانها مظاهر جديدة بروح مختلفة وأدوات أخرى.

لم نعد نشاهد الصبية قبل وقت قصير من موعد الإفطار وهم يقطعون الأزقة والشوارع الضيقة حاملين معهم أطباق المأكولات التي قلما نجدها بهذا الحضور إلا في شهر رمضان يتبادلها الجيران وبعضها يصل إلى البيوت الفقيرة .

أصبحت الموائد الرمضانية في البيوت تذخر بشتى أنواع الأطعمة التي يتم احضار بعضها من المطاعم ويدعى لها المقربون بينما الفائض يلقى في أكياس القمامة !!

لم نعد نرى الأطفال بفوانيسهم المصنوعة من الصفيح والملونة التي تعمل على الزيت ،ولا نسمع أغنياتهم الرمضانية وأناشيدهم التي كانت تصدح بها حناجرهم الصغيرة وهم يطرقون الأبواب التي تفتح لهم بالخيرات من حلوى و فواكه وغيرها.

 

قلما نجد بيتا يستقبل مقرئ قبل صلاة العصر ليقرأ ما تيسر من الآيات الكريمة ترحما على أمواتهم وسعيا لبركة تحل عليهم ،وأخذ مكانه مذياعا أو تلفازا وقنوات فضائية اختصرت هذا المشهد الجميل في أقصر مساحة في مواقيت الصلاة ودقائق لداعية يكرر ما يقال في شهر رمضان كل عام لتحل محله أيضا مسلسلات وأفلام تتسابق في شد الصائم إليها ساعات وساعات.

كان الناس ينامون مبكرين ليستيقظوا في وقت السحور،اصبحوا يقطعون الليل سهرا في المقاهي الرمضانية بكل ما فيها، والتسامر حتى ما قبل الفجر.

منذ أن أصبح العالم "قرية صغيرة" إستقبلنا الكثير من غريب العادات التي لا تتفق مع شخصيتنا وأصالتنا ولا مع تراثنا وقيمنا الرفيعة التي حافظنا عليها وبها ســُدنا الأمم في زمن ما قبل أن نصبح ملعبا لكل المسرحيات الهزلية والغريبة في أفكارها وأدواتها.

ومع هذا الانفتاح والانصهار في بوتقة العالم "القرية"، اقتحم مجتمعنا العربي متسلقون ومنافقون يبيعون الوهم والسذاجة وتمكنوا من صروح الإبداع الحقيقية وحولوها إلى أماكن تهريج على أنه فن رفيع يحمل صفات الحداثة والتوحد مع العالم ضاربين عرض الحائط بكل القيم التي لا يمكن لمجتمعنا العربي أن يتقبلها لو أن الظرف مختلف عما هو علية الآن من الإضطراب الأمر الذي هيء البيئة الصالحة لها وفُتِحَ المجال لهؤلاء المهرجين كي ينشروا العابهم السحرية اللامعة في ظلمة الحالة المتردية عبر القنوات الفضائية وهي تتسابق على جذب المشاهد وإخراجه من الحالة الإيمانية التي تميز الشهر الفضيل.

نعم هي سنة الحياة أن تتبادل الأجيال الأدوار وهي تصنع التغيير في بعض مظاهر الحياة وأدواتها،إلا أن شهر رمضان ليس من"الموضة" أو مما يمكن أن يجري عليه تغيير فيما فــُرِضَ فيه،إلا أن العادات إذ تتبدل لا يجب أن تفقد أصالتها وتطمس روحها ولا يجب أن تخرج بالشهر الفضيل عن الصورة الإيمانية وروح المحبة والتواصل والتقرب إلى الله.

لا يحتاج الأمر هنا أن نذكر بخصائص الشهر الفضيل وما يتوجب على كل من يشعر بالمسؤلية أن يوجه كلمته وفعله إلى المحافظة عليها وثباتها في نفوس البالغين وغرسها في نفوس الناشأة على أمل تتبدل هذه المظاهرالتي لا نعرف متى تنتهي إلى ما هو أفضل..!!

2018-06-02