الثلاثاء 18/10/1444 هـ الموافق 09/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
نحو جبهة فلسطينية موحدة....حمادة فراعنة

 

 على الرغم من أن مبادرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بدعوته واستقباله للنائب سلام فياض عضو المجلس التشريعي، رئيس الوزراء الأسبق يوم 29 حزيران /2018، لم تثمر عن حصيلة سياسية عملية ملموسة يمكن تسجيلها من نتائج الحوار الذي تم بين الرجلين بحضور طاقم الرئيس وفريقه الأقرب له، إلا أن الحدث نفسه والمبادرة التي أقدم عليها تعتبر حدثاً سياسياً، بسبب القطيعة بين الرجلين منذ استقالة سلام فياض على خلفية نزاعات سياسية، وعدم تناغم في الإدارة، وفجوة الأولويات بينهما، أدت إلى الطعن والتشكيك مما دفعت فياض لمغادرة فلسطين، نحو العمل في جامعات أميركية بعيداً عن تدني الحالة السياسية، وضيق الأفق السائد لدى المشهد السياسي الفلسطيني.

زيارة فياض لفلسطين، تمت لأسباب شخصية محضة، وهي لم تنه ارتباطه الوظيفي كمحاضر لدى جامعتين أميركيتين يعمل معهما، وصادفت زيارته خروج الرئيس من المستشفى، ففرضت اللياقة على فياض للسؤال عن صحة الرئيس الذي التقط المناسبة والسؤال لتوجيه الدعوة لرئيس وزرائه السابق كي يلتقيا، غير منفردين.

اللقاء استمر لأكثر من ساعة، تناول المأزق الفلسطيني، وعناوين التحدي، وضرورات المواجهة بجبهة فلسطينية متحدة تقوم على كلمتي الوحدة والشراكة بين مكونات الشعب الفلسطيني في مواجهة تفوق المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي المدعوم بجبروت الولايات المتحدة وأدواتها المؤذية المسخرة لخدمة اليمين الإستيطاني الإسرائيلي المتطرف.

إجابات الدكتور فياض ونصائحه، لم تكن بعيدة عما كان يجري بين الرجلين قبل سنوات القطيعة، حيث لازالت ضرورات الوحدة هي القاعدة الصلبة المجربة التي يمكن اعتمادها والبناء عليها، خاصة بعد التحولات السياسية التي اجتاحت خيارات حركة حماس، على أثر فشلها في إدارة قطاع غزة منفردة لأكثر من عشر سنوات، وبعد هزيمة مرجعيتها السياسية والفكرية والتنظيمية حركة الإخوان المسلمين، مما يستدعي التعامل الإيجابي من قبل إدارة الرئيس محمود عباس مع تحولات حركة حماس ورغبتها بل ومصلحتها الضاغطة في التوجه نحو الوحدة، ولا خيار آخر لها وأمامها.

مبادرة الرئيس أبو مازن بالمبادرة واستقبال النائب سلام فياض ليست بريئة النية، بل هي محاولة سياسية أكيدة لفتح ثغرة مهما بدت ضعيفة في جدار القطيعة مع الثلاثي سلام فياض، ياسر عبد ربه، محمد دحلان، وثلاثتهم وإن كان لكل منهم شخصيته، ولكنهم في نظر الرئيس عباس فريق واحد، وثلاثتهم كانوا حلفاء سياسيين أساسيين معه، اعتمد عليهم لتركيز سلطته وبرنامجه قبل أن ينقلب ضدهم على التوالي، وعلى كل من له صلة معهم، سواء كان من داخل حركة فتح أو من خارجها، وبذلك ظهر الرئيس أن لا صديق له يمكن الركون إليه أو الوثوق به.

الكثير هوّل وزاد من أهمية اللقاء، الذين ارتاحوا له وأولئك الذين صدموا منه، كل ذهب إلى ليلاه، الذين ضده من الخائفين على عودة الفريق الثلاثي ليكون شريكاً بعد مصالحة، والذين معه يراهنون على أنها الخطوة الأولى المتدحرجة التي تصل إلى نهايتها في عودة المياه إلى مجاريها السياسية، خاصة وأن لا خلاف سياسي أصلاً بين الثلاثي فياض وعبد ربه ودحلان من جهة، وبين الرئيس من جهة أخرى، وهم من طينة سياسية متكاملة، تفرض أدواتها وبرنامجها اليوم قبل غد بسبب مبادرة ترامب التدميرية لكل ما أنجزه التراث الفلسطيني من مكاسب، وبلدوزر ترامب المعتمد على طاقمه الصهيوني المتطرف : مستشاره كوشنير، ومبعوثه جرينبلات، وسفيره فريدمان يتطلب تماسكا فلسطينيا يبدأ بوحدة حركة فتح الداخلية ولملمة صفوفها، لتمر بالتفاهم والإئتلاف مع حركتي حماس والجهاد، وليس انتهاء بالكل الفلسطيني مع الجبهتين الشعبية والديمقراطية والقطاع الواسع من المستقلين، هذه وتلك هي المعادلة الفلسطينية المفقودة والتي بدونها لن يستقيم الوضع الفلسطيني ولن يسير على سكة السلامة، باتجاه إحباط مشروع ترامب التدميري، وباتجاه استعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني: حقه في العودة، وحقه في الاستقلال

[email protected]

* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.

2018-07-03