الثلاثاء 1/6/1446 هـ الموافق 03/12/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ملاحظات عشر لماذا الفيدراليه والكونفدراليه ألآن؟....دكتور ناجى صادق شراب

الزمان ليس الزمان وإن كرر نفسه بصورة مختلفه، وفلسطين قبل أكثر من أربعين عاما ليست فلسطين اليوم، وطرح ألأفكار واالمبادرات والتصريحات لا يفهم إلا في سياقاته الزمنيه والمكانيه، وإبتداء لا أتفهم اى تصريح وإعلان سياسى لأى مسؤول سياسى فلسطيني بدءا من الرئيس عباس إلا بربطه بالقضية الفلسطينيه ومستقبل مشاريع التسوية التي تطرح.فقبل اكثر من أربعين عاما طرح الرئيس عرفات على الملك حسين فكرة الكونفدراليه للخروج من مأزق الضغط ألأمريكى على منظمة التحرير وإستبعادها من أي مفاوضات، وكان الرد ألأردنى واضحا وحاسما كما هو اليوم من المبكر الحديث عن الكزنفدراليه، واليوم وفى تصريح للرئيس عباس أثار الكثير من الجدل والنقاش وتباين المواقف والأراء ما بين معارض ومنتقد وما بين موقف خجول او صامت، تصريح للرئيس يقول فيه أن الإدارة ألأمريكيه طرحت عليه فكرة الكونفدراليه مجددا، وأشترط ان تكون إسرائيل طرفا فيها. وهنا أسوق بعض الملاحظات حول هذه الفكرة وأبتدئها بملاحظة نظريه.

                                       -1-

الفيدراليه والكونفراليه شكلا من أشكال التكامل والإندماج بين الدول ، وهى شائعه ولها أمثلة كثيره، وتفرضها مصالح مشتركه ومحددات داخليه وإقليميه ودوليه ورؤى مستقبليه للقيادات السياسيه، وكل منها تمثل درجة من درجات التكامل الكونفدراليه أدناها وتفترض شكل من أشكال التنسيق في مجالات كثيره بين الفاعلين لها ، ولا تفقد اى منهما جنسيتهما ولا سيادتهما ولا شخصيتهما الدولية ولا علاقاتهما الدبلوماسيه، اما الشكل الثانى ألأكثر إندماجا الفيدراليه وتفقد الدول شخصيتها الدوليه، وجنسيتها وعلاقاتها الدبلوماسيه ويكون لها دستور أتحادى ومؤسسات إتحاديه عليا لها السمو على المحليه، والشكل الثالث الإندماج والإنصهار اى التحول لدولة واحده بسيطه مركزيه، في كل هذه ألأشكال الشرط والمحدد ان تكون الأعضاء دولا مستقله لها سيادتها وحدودها .

                                                -2-

العلاقات بين ألأردن وفلسطين اكبر من كونها علاقات كونفدراليه ، فالتنسيق والتكامل في العلاقات موجود، ولكن الطرح قبل الدولة غير مقبول، لأنه ببساطه يسقط الحق الفلسطيني في الدولة والعاصمة القدسـ ويجدد فكرة الوطن البديل، لذلك ليس من المصلحة الوطنيه المشتركه القبول بالفكرة وتجددها. الموقف الأردنى ثابت من قيام الدولة الفلسطينيه وعاصمتها القدس الشرقيه، لذلك جاء الرد على لسان الملك عبدالله الثانى حاسما وقاطعا مع مين؟ والمقصود هنا اين هي الدولة الفلسطينيه؟

                                        -3-

ربط الرئيس عباس بين الإقتراح ومشاركة إسرائيل فيه خروج ورفض غير مباشر للفكرة ،لأنه يدرك ويعرف مسبقا أن إسرائيل سترفض فكرة إنضمامها لأى رابطه عربيه فيها ألأغلبيه للعرب والفلسطينيين، وهذا يتنافى مع الحفاظ على هويتها القوميه لكن السؤال ماذا لوقبلت إسرائيل؟ كيف سيكون الرد؟

                             -4-

الرئيس عباس يعرف ويدرك أن الكونفدرليه تحتاج لدول فلسطينيه مستقله ، وإنهاء الاحتلال، وهنا الفارق بين طرح الرئيس عرفات وطرح الرئيس عباس ، في الحالة ألأولى الحديث عن مفاوضات، وألآن الحديث عن تسوية نهائيه.

                                  -5-

ما طرح ليس مجرد تصريح ولا فكره بل يكمن ورائه مشروع ورؤيه كامله، والفكرة في أساسها إسرائيليه وتبنتها الأدارة ألمريكيه لتطرح على الرئيس فقط ،ولم تتم مناقشتها لا مع ألأردن ولا على المستوى الفلسطيني وهنا التحفظ. المشروع المتجدد إسرائيلى ليكودى يتفق ورؤية الليكود الفكرية لا للدولة الفلسطينيه ونعم لفكرة الوطن البديل، ومن هنا جاء الرفض السريع من ألأردن ، ولها الحق.المسألة لا تحتاج مناورات ألان، بل مواقف وقرارات قاطعه.

                                     -6-

لا يجوز الحديث عن اى كونفدراليه ولا فيدراليه قبل الحديث عن إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينيه المستقله.اماالحديث ألان ان تقوم ألأردن بما ستقوم به الدولة الفلسطينيه، فتتحول المسؤولية ألأمنية إلى ألأردن، وحماية الحدود للجيش ألأردنى, والمعاهده المعقوده مع إسرائيل هي البديل.

                                    -7-

لا حاجة للتفاوض مع الفلسطيينيين، ولا حاجة لمعاهده سلام معه،/ ولا حاجة حتى لصفقة القرن التي تكون قد حققت أهدافها بالكونفدراليه، بإستبعاد القدس وتبقى الوصاية ألأردنيه الدينيه، وإستبعاد اللاجئيين. وقضايا الحدود، اى تفريغ القضية الفلسطينيه عبر الأردن.

                                    -8-

الكونفدراليه تعنى منح المواطنه لكل اللاجئيين في ألأردن، والسلام مع ألأردن ، وتحويل الفلسطيينيين لمجرد سلطة أقل من دول واكبر من حكم ذاتى بقليل، وتحويل القضية الى قضية حقوق إنسانيه.

                                       -9-

إستبعاد غزه من هذا التصور لأن الهدف هو الضفة الغربيه التي لن تسمح إسرائيل بقيام الدولة الفلسطينيه فيها وهى القلب لها، والبديل لذلك ألأردن.بشرعنة المستوطنات ، وشرعنة ألإحتلال.

                                         -10-

العلاقات بين ألأردن وفلسطين أكبر من الكونفدراليه ، وأقرب إلى الفيدراليه وذلك مع قيام الدولة الفلسطينيه، وبعد ان يتحقق هذا الهدف ، قد تطرح مشاريع بها إسرائيل طرفا لأننا وقتها نحتاج أن نفكر خارج الصندوق، وبرؤية مستقبليه متحرره من ألأفكار التقليديه، فأقرب الطرق للتعامل مع إسرائيل مشاريع التكامل ولكن بعد قيام الدولة الفلسطينيه وإنهاء الاحتلال.

وأخيرا القضية الفلسطينيه والتسوية والسلام لا تقبل التأويل ، ويبدو لى أيضا أن هذا مرتبط بفشل خيار حل القضية وفشل إدارتها والذهاب لمرحلة تحويل القضية من قضية فلسطينيه وقضية حقوق سياسيه لقضية أردنيه بحقوق إنسانيه .ويبقى موقفى انا مع الفيدراليه بعد مرحلة الدولة ، ومع التسيق ألان بين فلسطين وألأردن ،فتبقى ألأردن العمق الإستراتيجى والسكانى للدولة الفلسطينيه وشعبها ولا حديث بدون غزه وبحرها. وأخيرا ما كتبته إجابه على السؤال كيف تفكر إسرائيل وأمريكا؟!

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]

2018-09-14