الأحد 23/10/1444 هـ الموافق 14/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مبادرة جفرا الريادية.....حمادة فراعنة

 

 بمبادرة من مجموعة جفرا الاخبارية وناشرها نضال فراعنه، تجاوب العشرات من الكتاب والصحفيين والمهنيين على مختلف أصنافهم الهندسية والطبية والحقوقية والصيدلانية وربات بيوت ورجال أعمال وسياسيين محترفين، رجالا ونساء، وهبّوا في مسيرة مهيبة مميزة متماسكة، محاطة بفرقة دراجات نارية رفيعة الأداء والمستوى، ليؤدوا الواجب، بما يليق بمكانة الحدث والمغزى والهدف، تعبيراً عن تضامن الأردنيين، وأحزانهم، مع عائلات الأطفال، ومرافقيهم من المدرسات، ضحايا مأساة البحر الميت يوم الخميس الأسود 25 تشرين أول، ليقوموا بالخميس الذي يليه في الأول من تشرين الثاني، برحلة سيارة من حافلات شركة جت الأردنية المساهمة بقرار من رئيسها صبيح المصري ومديرها مالك حداد، التي تبرعت ودعمت المبادرة والفكرة والمشروع البسيط، العميق في مغزاه ودلالاته، على أننا كأردنيين في خندق واحد، معاناة متبادلة، إحساس كبير في الوجع، لسقوط الضحايا في يوم عاصف غير معهود بقسوته وحصيلته منذ مأساة أهل معان في الستينات حينما صابهم الفيضان.

سعت المبادرة لتحويل شراسة النتيجة التي لا تُعوض الأهالي بفقدان الاعزاء، إلى أن تكون لفتة حُب إنسانية أخوية، رسالة وطن من وطنيين الى أبناء الوطن، تقول أننا شركاء، بتماسكنا ومحبتنا ووقوفنا معا، نتجاوز الحزن، لأن الحياة واستمراريتها أقوى من الموت، وكي تكون تضحياتنا لها فائدة على مجمل الوطن، كي نقهر الفقر والعازة وسوء الخدمات، ونرتقي بأفعالنا الى مستوى ندرك أن سوء الخدمات ستعصف بكل منا، من حياتنا وعلى حساب أولادنا.

مبادرة تدعو الأردنيين لزيارة النصب التذكاري الذي وضع اسماء الضحايا الاعزاء، كي نتذكرهم دائماً، ليكونوا شمعة مضيئة تُبدد ظلام التخلف والتقصير وقلة الإمكانات، هي رمزية ولكنها يجب ان تتحول الى تراث وقيمة معنوية دالة على الحب والوفاء والقسمة في الوجع والإحساس بالمسؤولية أن خسارة هؤلاء الأطفال، يجب ان لا تمضي بلا فائدة، بل تتجه الى مستوى الشراكة حرصاً على ما تبقى لدينا من وعي وإنسانية، لأن بلدنا فيه ما يستحق الحياة والاحترام والتضحية.

حينما ننظر حولنا وندقق بمعاناة الاشقاء السوريين والعراقيين واليمنيين والليبيين والصوماليين، علينا أن نتذكر أن أمن بلدنا، وخدمات بلدنا، ونظام بلدنا، على ما عليه من ملاحظات، وهي ملاحظات جوهرية، وعلى ما فيه من نواقض، وهي نواقض جوهرية. وعلى ما فيه من تخلف، وهو تخلف جوهري، ولكنه حقاَ، رغم ذلك، فيه ما يستحق أن نتباهى به ونعتز بما لديه.

لم يكن صدفة توافق يوم الخميس التالي للمأساة، استقالة وزيري التعليم والسياحة، على خلفية التقصير، وبداية عهد جديد من التعلم أُسوة بالشعوب المتقدمة التي تحترم نفسها أن المسؤولين فيها يقدمون استقالاتهم على خلفية أحداث مأساوية كما حصل لدينا في البحر الميت.

في ذروة الأحساس بالوجع، عند زيارة المكان ووضع شاهد النصب الذكاري المحفور على صفحة البلاط أسماء الضحايا، لم ينس الحضور النوعي من المشاركين وهم مطلون على فلسطين، كي يتوجهوا نحو الغرب الفلسطيني ونحو القدس وبيت لحم والخليل وغزة والناصرة، قائلين ومرددين دعاوي الشراكة الأردنية نحو تطلعات الشعب الباسل الشجاع الذي يرفع رؤوسنا بالكرامة عبر تضحياتهم في مواجهة العدو الوطني والقومي والديني والانساني، العدو الاسرائيلي ومشروعه الاستعماري التوسعي، وان الدور الأردني بالانحياز لفلسطين ومقدساتها الاسلامية والمسيحية، وتوجهه نحو القرار الأردني برفض صفقة العصر ومقدماتها للرئيس الامريكي ترامب لما فيه من مساس بحضور ومستقبل وتاريخ فلسطين العربي الاسلامي المسيحي، وفي توجيهات رأس الدولة جلالة الملك في إنهاء العمل بملحقي معاهدة السلام الخاص بمنطقتي الباقورة والغُمر، ليكونا هدية ليس فقط للأردنيين بل وللفلسطينيين.

أسماء وضحايا مأساة البحر الميت ستبقى حية في ذاكرتنا من أجل أردن أفضل تعددي ديمقراطي موحد، تسوده المحبة والشراكة والتقدم.

[email protected]

2018-11-03