مرة أخرى يعلن الرئيس الامريكي ترامب وإدارته أنهم قرروا تأجيل الإعلان عن تفاصيل صفقة الفرن ويترافق ذلك هذه المرة بتسبيب عدم الإعلان بأنه جاء إرضاء لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بإيحاء واضح يهدف الى القول بان تلك الصفقة " الصفعة " لا تتناسب مع مصالح دولة الاحتلال وبالتالي فهم يعارضون الإعلان عنها ولا يرغبون بوجودها , والسؤال هو إذا كان ترامب لم يعلن حتى اليوم عن صفقة القرن فما هو الذي نعلن رفضنا له اليوم وعن ماذا يتحدث قادة الاحتلال وساسة العرب بما فيهم منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها بما في ذلك الفصائل الفلسطينية غير المنتسبة للمنظمة وتحديدا حركة المقاومة الإسلامية حماس وحركة الجهاد الإسلامي, وما هي بنود تلك الصفعة التي نرفضها ومن الذي جاء بها الينا الا اذا كانت صفقة معروفة التفاصيل للقادة ولا يريدون للشعوب معرفتها ابدا.
كل العرب يرفضون إذا صفعة ترامب وكذا تظهر دولة الاحتلال عبر رفض الإعلان عنها كما أعلن للعموم فما الذي يجري على الأرض إذن وهل تم اللجوء الى التنفيذ الصامت بديلا للإعلان اللفظي ويرى المراقب على الأرض ان ما يجري يثير الدهشة في واقع الحال فلا ترامب قدم صورة عن حقيقة صفعته ولا دولة الاحتلال أعلنتها ولا أعلنت موافقتها عليها وكل ما لدينا رفض فلسطيني وعربي لفظي لم يجد طريق للفعل أبدا على قاعدة أن الصفقة لم تعلن في الأصل.
كل المراقبين يعرفون تفاصيل الصفقة دون الإعلان عنها والرئيس الفلسطيني في آخر خطاباته قال بوضوح إن الصفقة تم تنفيذها بالكامل والأمر صحيح فالصفقة تسعى في الجوهر إلى تصفية القضية الفلسطينية واعتبارها جزء من الماضي لا وجود لها فهي سعت ونفذت عبر الإدارة الأمريكية الى الوصول بالاونروا الى الاختفاء من خلال تجفيف مصادر دعمها المالي تدريجيا حتى وان حاولت تلك المنظمة إيجاد مصادر تمويل بديلة لن تدوم طويلا وبالتالي نتخلص من اخطر قضية في المسالة الفلسطينية وهي قضية اللاجئين فالعنصر الديمغرافي هو اخطر العناصر الضاغطة على المشروع الصهيو امبريالي في المنطقة وجرى ويجري إعادة تشتيت وتشريد الفلسطينيين مرة أخرى في بقاع الأرض حد إلغاء علاقتهم الفعلية بقضيتهم الى جانب أن إدارة ترامب قامت عمليا بنقل سفارتها إلى القدس وأعلنت إغلاق مكاتب المنظمة في واشنطن وأوقفت مساعداتها للسلطة الفلسطينية بينما أعطت ضوئها الأخضر لقطر وغيرها بتقديم الدعم المنفصل لقطاع غزة من خلال الرواتب والبترول وقد تم تنفيذ ذلك عمليا بموافقة وحماية اسرئايل نفسها بل أن إسرائيل هددت باقتطاع جزء من أموال المقاصة للسلطة وتسليمها لقطاع غزة.
إلى جانب موضوعة الأونروا واللاجئين فقد تناسى الجميع حكاية القدس كعاصمة لدولة الاحتلال بل وشارك فلسطينيين تحت سمع وبصر الجميع في انتخابات بلدية الاحتلال هذا العام وهو ما لم يفعله احد من قبل وانتهت المعارضة الفلسطينية للتهدئة بين حماس وإسرائيل بتوقيع اتفاق التهدئة الأخير بمشاركة فاعلة ممن عارضوا وممن أيدوا على حد سواء وصارت حكاية دولتين لشعبين على قاعدة دولة غزة اقرب الى حلوقنا ان لم تكن قد مرت منها بالفعل إلى أحشاءنا وينشغل فلسطينيي الشتات ببدائل لتوفير القدرة للأونروا على المواصلة وتسعى غزة للتخلص من معاناتها المادية اليومية كما تنشغل الضفة كما لم تفعل أبدا من قبل بقانون الضمان ويشارك في مسيرات الاحتجاج على قانون الضمان عشرات الآلاف كما لم يحصل أبدا في أي نشاط احتجاجي او كفاحي ضد الاحتلال وصفعة العصر وتجلياتها.
بكلمات قليلة ومختصرة فان صفعة القرن سارت على سكة تنفيذها منذ رصاصة ترامب الاولى في اعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال وتنفيذ قرار نقل سفارة واشنطن الى هناك فلقد شاركنا نحن ونشارك عمليا بدراية أو بدون دراية في تنفيذ صفعة العصر قبل الإعلان عنها فقد وقعت كل الفصائل في غزة على اتفاق التهدئة مع إسرائيل بعيدا عن منظمة التحرير والسلطة وشاركت قطر وغيرها بإيجاد حلول لما هو عالق مع السلطة والمنظمة اخرج السلطة والمنظمة من المعادلة ووجدت غزة جميعها طريقا الى الخارج وشاركنا بلا وجل في انتخابات بلدية الاحتلال في القدس بعد نقل سفارة أمريكا إليها وهو ما ظل محرما حد الخيانة منذ احتلال القدس عام 1967م وظهر العديد من الدول التي تبحث عن سبل متلونة ومتعرجة لإيجاد مبرر لنقل سفارتها الى هناك وبات الحديث عن المدن الجديدة المشتركة في سيناء بتبادل الأراضي وإعادة تنظيمها بين مصر والسعودية والأردن بحيث يجري بناء مدن جديدة في سيناء يتم توسيع قطاع غزة بها عمليا لا قولا عبر انتقال فلسطينيين إلى هناك للعيش بسبب العمل بما لا يظهر الجانب التهجيري السياسي بالأمر ولن تجد غزة الجائعة المحاصرة بديلا للقبول بما هو أمر واقع فرضته الظروف وليس السياسة.