الأربعاء 5/4/1446 هـ الموافق 09/10/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
في امتحان حيفا إما يُكرم الفلسطيني أو يهان.... تميم منصور

  قال أحد الأدباء الفرنسيين أثناء الاحتلال الالماني لباريس ، يكفي أن تُقام حفلة في باريس ويعزف فيها النشيد الوطني الالماني ، لنعرف ما معنى الاحتلال !!

وعندنا مئات الحفلات العنصرية التي اقيمت فوق تاريخنا ووجودنا ، حتى عرفنا ما معنى ضياع وطن واحتلال ليس فقط الأرض بل كرامتنا ووجودنا .

آخر مسرحية " نائب رئيسة بلدية حيفا " لم يبق صوص في اليمين ، إلا وحاول الصراخ ورفض وجود " رجا زعاترة " نائباً لها – حيفا المدينة الفلسطينية التي تحمل تراث وهواء ورائحة ونبض الصفحات التاريخية - من نتنياهو ودرعي الى العربي المتأسرل يوسف حداد – لا نريد القول – حتى أنت يا بروتوس _ لأن تاريخنا يحمل المئات من وجوه بروتس ، ولكل مرحلة تاريخية كان لها بروتستاتها. لا أريد ان اعرف من هو يوسف حداد ، الذي حشر نفسه وموقفه ورأيه في موقع " الواينت " وربما نشره في مواقع أخرى، أو في الصحف الصفراء التي نتعاطى معه ، وبالتأكيد ان الاعلام الاسرائيلي ، خاصة اليمين منه سوف يستثمر هذا الموقف لصالح القوى اليمنية داخل المجتمع الاسرائيلي . قبل ان يكمل بنيامين نتنياهو مهمته باعتباره رأس الحربة التي يشق بواسطتها اليمين الفاشي في اسرائيل ، لفرض المزيد من الحصار والقيود ضد الجماهير العربية ، سارع السيد يوسف حداد نشر كلمات تحريضية تبرر سياسة نتنياهو التضليلية في آخر معركة يخوضها من أجل البقاء . اللغة التي استعملها يوسف حداد في دعم موقف نتنياهو وسياسته من مسألة تعيين عضو عربي في بلدية حيفا نائباً للرئيس ، هي لغة الطابور الخامس المعروفة عبر التاريخ ، اللغة التي تنصر الباطل على الحق ، وتنصر الظالم على المظلوم ، وتدعم القوى على الضعيف ، لم نسمع مثل هذا اللفظ الا من قبل شخصيات امريكية أو بريطانية أو فرنسية ، وأحياناً كندية واسترالية ، عندما تعتدي اسرائيل على أية دولة عربية ، خاصة قطاع غزة أو سوريا ولبنان . عندما يتشدق هؤلاء بمقولة من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها ولسان حال يوسف حداد كما نشر في موقع " لواينت " يوم الاثنين الماضي يقول : نعم من حق بنيامين نتنياهو ان يدافع عن عنصريته ومن حقه الاستمرار بجلد المواطنين العرب ، يتلخص موقف يوسف برفضه رفضاً قاطعاً شرعية تعيين رئيس قائمة الجبهة الديمقراطية ، حزب شرعي ممثل في الكنيست ، نائباً لرئيسة البلدية ، هذا الموقف المدان والرخيص ، يذكرنا بمواقف مشابهة لامثال يوسف حداد من المواطنين العرب عندما صفحوا عن نتنياهو ، بعد تصريحاته العنصرية الدامية ضد المواطنين العرب ، فقد صفحوا له ، وصدقوا كذبة وتزيفه وهو يدافع عن موقفه بعد اصدار قانون القومية العنصري ، وصفحوا له بعد ان اتهم الشهيد ابو القيعان الذي قتل وهو يدافع عن بيته في قرية أم الحيران ، عندما أقدمت قوات الاحتلال على هدمه ، ومن أجل تبرير نتنياهو لهذه الجريمة سارع نتنياهو الى اصدار بيان برر من خلاله ادعاءات الشرطة ، وأعلن على الملأ أن ابو القيعان عضو في منظمة داعش الارهابية . ان التعابير التي نقلها موقع " الواينت " على لسان يوسف حداد تعبر عن موقف خطير للغاية ، وسابقة لم يحدث مثلها من قبل ، من أقواله مثلاً " ليس من حق العرب في حيفا ان يكون من بينهم نائباً لرئيس البلدية ، وهذا يعني انه اذا انطبق على حيفا ، فإنه ينطبق على جميع المدن المختلطة ، من الناصرة العليا ، الى تل أبيب يافا ، اللد والرملة .

لماذا استكثر السيد يوسف حداد هذا المنصب على مواطنين عرب فلسطين يعيشون في ارضهم ووطنهم وفي مدينة حيفا ، قبل السكان اليهود بمئات السنين ، ان هذا التنازل عن هذا الحق الشرعي يعتبر دونية قدمها يوسف حداد الى نتنياهو والى كل عناصر اليمين الفاشي في البلاد . الأخطر من ذلك انه دافع عن تنازله ودونيته عندما قال : بأن زعاترة ومعه قائمة الجبهة في بلدية حيفا ، تتعاطف مع منظمات ارهابية ، وقد حدد نتنياهو هذه المنظمات وهي المقاومة اللبنانية ، والمقاومة الفلسطينية .

ان – حداد - تطاول على هذين التنظيمين المقاومين واتهمهما بالإرهاب ، مع ان الجمعية العامة للأمم المتحدة ، رفضت اقتراح امريكا قبل اسبوع ، الذي طالب الجمعية المذكورة بإصدار قرار باعتبار حركة حماس حركة ارهابية ،وقد جن جنون امريكا واسرائيل من هذا الرفض ، كذلك الأمر فإن جميع المؤسسات الدولية رفضت اعتبار المقاومة اللبنانية بأنها حركة ارهابية ، لأن هذه المقاومة حركة شعبية دفاعية ، ممثلة بالبرلمان اللبناني وفي الحكومة اللبنانية ، لقد تجاوز السيد حداد كل المعايير الدولة والشرعية دعماً لموقف نتنياهو العنصري . كذلك الأمر فإن السيد حداد زاود على اتهامات نتنياهو ، وجعل من نفسه قاضياً ممثلً لجميع سكان حيفا العرب عندما قال : بان زعاترة رئيس قائمة الجبهة في البلدية ، يدعم ويشجع اقامة أطر ومنظمات تنشط وتعمل على مقاطعة اسرائيل سياسياً واقتصادياً وثقافياً ، واضاف في مزايداته قائلاً : قائمة الجبهة في بلدية حيفا بكل مركباتها، تعارض قيام المواطنين العرب بتقديم الخدمة المدنية في مؤسسات الدولة ، السؤال : هل هذا الموقف يخص قائمة الجبهة في بلدية حيفا ، الحقيقة أن هذه سياسة الجبهة قطرياً ، ولم ولن تتغير هذه السياسة فيما لو بقيت قائمة الجبهة في بلدية حيفا خارج " الائتلاف البلدي " في رأيي من يدعي بمثل هذه الافتراءات هو انسان يعزل نفسه عن حقائق وثوابت قوانا الوطنية .

هل سيصاب السيد حداد بصدمة إذا عرف بأن جميع القوى الوطنية والقومية من العرب الداخل الفلسطيني ، تدعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية لأنهما تقفان بالمرصاد ضد سياسة التوسع الاسرائيلية ، وان جميع هذه القوى ترفض ما يسمى بالخدمة الوطنية ، مهما كلف الثمن ، كما أن هذه القوى تعمل جهدها لتقوية المؤسسات والأطر التي تساهم في فرض المقاطعة على دولة الاحتلال . الشيء الذي لا يعيه السيد حداد ان معلمه نتنياهو أصبح محاصراً ، كالثعلب في المصيدة ، أنه يعرف أكثر من غيره بأنه غير قادر على الافلات من قبضة القضاء الذي يكتشف كل يوم فضيحة جديدة بحقه وحق زوجته سيدة اسرائيل الأولى ، لكن نتنياهو يحاول كل يوم توسيع مساحة هذه المصيدة بإصدار تصريحات ، واتخاذ مواقف براقة وهو داخل هذه المصيدة ، أكثر المواقف لمعاناً وحساسية ، التي يلوح بها هي مسألة الأمن ، واشعال جبهة ايران ، جميعها لهايات هدفها اشغال وزرع القلق في نفوس المواطنين ، مع أنه لا يوجد أي جهة تهدد اسرائيل ، لأنها هي التي تهدد جيرانها . حاول قبل شهر الهاء المواطنين بعملية خاطفة في قطاع غزة ، فسقط كل شيء على رأسه ، فخرج مهزوماً ، معنوياً وسياسياً ، سارع بعدها الى مجال آخر ، كي يثبت نفسه ، ويجد منفذاً له يخرج من خلاله من القفص الذي يحاصره . نتحدث عن توسيع ابواب التطبيع مع عدد من الأنظمة العربية ، بدأها في عمان ، واليوم يتحدث عن السعودية وغيرها ، لكن هذا التبجح لا يحرره مطلقاً من المصيدة التي تحيط به لأن أي تطبيع مع أنظمة عربية فاسدة ، لم يغير من حاله ومن حالة الاكتئاب التي يعيشها . بعد ذلك ، نقل نتنياهو عيون الاسرائيليين الى جبهة جديدة ، وبصورة مفاجئة وبأسلوب مسرحي ، وأطلق عليها درع الشمال ، وهي حركة استعراضية أكثر منها استراتيجية ، ان ما يغيظ اسرائيل حتى الآن ، هو التزام حزب الله الصمت اتجاه هذه الحركة الاستعراضية على الحدود اللبنانية ، والكل يعتقد أن نتنياهو الذي لم ينتصر في أية معركة حتى الآن ، وأنه يتصف بالجبن والجعجعة الفارغة كما يقول خصومه ، ولا يملك اية خلفية عسكرية قيادية ، يجرؤ على فتح جبهة الشمال واشعال فتيل الحرب مع حزب الله .

وقبل ان يحسم موقفه من جبهة لبنان ، تذكر عرب الداخل الفلسطيني ،فقرر تنظيم حملة غزو عنصرية ضدهم كعادته ، لأنه لم يكتف بالقوانين العنصرية التي صدرت ضدهم ، آخرها قانون العنصرية الذي يفوق في خطورته مرحلة الحكم العسكري ، لقد بدأ نتنياهو غزوته العنصرية ضد المواطنين العرب بإصراره وتدخله في منع مواطن عربي يتولى منصب نائب رئيس بلدية حيفا ، هذا نوع خطير ومميز من العنصرية ، واذا نجح نتنياهو في محاولته ، فإنه أولاً يشبع جزءاً من شهوته وغريزته العنصرية ، لكنها ستصبح سابقة لحرمان المواطنين العرب من وظائف خدمية كثيرة ، اليوم نائب رئيس بلدية وغداً عضو بلدية ، ومدير مدرسة وعاملاً في مصنع وغيرها . المواطنون العرب أمام امتحان مصيري ، واجبهم التصدي لمثل هذه الظاهرة العنصرية التي يقودها نتنياهو بنفسه ، ونأمل من رئيسة بلدية حيفا ان ترفض وتتصدى لمثل هذا الغزو العنصري ، انه تجربة وامتحان لجميع المواطنتين العرب والقوى الديمقراطية اليهودية ، عليهم جميعاً كسر موجة هذا الغزو العنصري .

2018-12-11