الخميس 13/10/1444 هـ الموافق 04/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
'سيلفي'....عبد الهادي شلا

 

 لا ينكر أهمية التقنيات الحديثة إلا جاهل بها وبقيمتها وبدورها المواكب لتطور الحياة التي تفاجئنا كل يوم بجديدها.

 

 فبعد أن صار من الضروري أن يقتني كل فرد جهاز تلفون فيه العديد من الإمكانيات المتاحة مثل كتابة رسالة نصية مرفقة بصورة أو الاستماع إلى الموسيقى ونشرات الأخبار وبه "كاميرا تصوير" دقيقة الحساسية وغيرها،و التي لم تكن متوفرة في تلفونات الزمن الماضي قليلة الإمكانيات التي أقصى ما وصلنا منها هو الاستماع إلى رسالة صوتية أو ظهور رقم المتصل.

ما نود لفت النظر إليه ،هو استغلال هذه الإمكانية العجيبة ( التلفون الذكي) حيث لا يختلف إثنان على ضرورة أن تكون في صالح صاحبه وضمن إمكانيات هذا الجهاز الذي يمكننا أن نقول عنه بأن عجيب في زمن كثرت فيه الاختراعات والاستفادة منها إيجابا،وللأسف سلبا أيضا !!

ليس هناك إعتراض على أن تستغل هذه التقنية في بعض الترويح عن النفس حيث يتوفر فيها ألعاب تشبه الأفلام والتي يمكن الاستفادة منها في تمرينات للعقل والخيال لكل الأعمار،ولكن الاعتراض يكون في كثرة استخدام امكانيات هذه التقنية فيما لا طائل منه ومضيعة الوقت الذي يمكن تسخيره بما هو نافع ومفيد.

 

نتوقف عند إمكانية واحدة في التفلون الذكي وهي "الكاميرا"،إذ أصبح استخدامها في بعض الأماكن ممل و غير متفق مع قدسية هذه الأماكن أحيانا.

 

سنتوقف أيضا عند تلك الصور التي تلتقط في المعارض الفنية أو الندوات الفكرية في مراكز فنية وفكرية ومن المفترض أن يكون أكثر روادها من أصحاب الذوق الرفيع والاهتمام بما يعرض ويقدم فيها.

 

من داخل هذه المراكز والقاعات يقوم بعض هؤلاء الذين أشرنا لصفتهم بإرسال صور"سيلفي" مع أصدقائهم ومع الحضور والتنويه عنهم دون أن يكون في هذه الصور واحدة لعمل فني معروض أو لمضمون الندوة الفكرية،بل يقتصر السيلفي على الأشخاص ،الأمر الذي يدعو للتساؤل،هل هؤلاء حقا على وعي بما يقومون به؟،وهل جاءوا للتصوير مع أصدقائهم أو مع شخصيات مجتمعية بارزة للتباهي،دون الاستمتاع والاستفادة بجهد الفنان أو الأديب وكأنهم مدعون لجلسة لشرب الشاي ذات ضحى؟!

يتعذر الإجابة التي يمكن أن تسري على كل من يحضر هذه اللقاءات بل على فئة هي محور الحديث،ولكنها ظاهرة تحدث منذ مدة غير قصيرة وفي تسارع وتسابق في النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكأن كل من يملك تلفون ذكي به كاميرا حساسة أصبح مراسلا صحفيا يشعر بأنه يؤدي واجبا وطنيا لا يجب أن يسبقه فيه أحد!!

نحترم من يحترم المكان والمناسبة،ونقدر من يشارك برأي وحوار بناء في ضمون ما يقدم من معارض وندوات لا غنى عنها دائما بل ونحث على ديمومتها ليتابع المتلقي ويشاهد كل جديد في عالم الفن والأدب،مع التقاط صور لما يقدم ونشرها على مهل ولا داعي للانشغال عن جوهر الفعالية الفنية أوالأدبية بما يمكن تأجيله إلى ما بعد انتهائها.

2018-12-15