الأربعاء 8/10/1445 هـ الموافق 17/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أسرانا .. عشاق الأمل....خالد موسى البطران

نقف اليوم لعرض أكثر القضايا وجعاً بالشرح والتوضيح ألا وهي قضية أسرى فلسطين القابعين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي الذي ما فتئ بكل الوسائل لكسر إرادة هؤلاء العمالقة، إلا أنه خاب وفشل رغم كل جبروته وممارساته لكسر إرادة هؤلاء الثوار، فكان يواجه بكل خطوة تركيع صلابة وقوة وتصميم على أن يبقوا أولى القلاع التي تدافع عن المشروع الوطني، الذين دفعوا آلاف السنين من اعمارهم ولحمهم ودمهم وصمودهم، من أجل بقاء قضية فلسطين حية.

هؤلاء العظماء يا سادة كانوا وما زالوا بوابة نصرنا المحتم بإذن الله، صمدوا وتحدوا السجن والسجان وتراكم النضال الذي بدأوه فحولوا زنازينهم إلى مدارس وجامعات يتعلمون فيها فنون الاشتباك مع عدوهم وسجانيهم ولو كتب لأحدهم الخروج يكون هذا العلم دافعاً لهم ليكونوا بناة في صرح الوطن الذين ضحوا من أجله أجمل سنين عمرهم .

وهنا أقف على رواية أحد المحررين عندما روى لي تفاصيل الأشياء داخل السجون وكيف لسجين ربما يتشارك داخل زنزانة العزل مع فأر يؤانس وحشته وينسج معه حكايات وربما يحوله إلى بطل أسطوري ليتكيف معه ويعلمه كيف ينقل رسالة من قبر لا تدخله الشمس إلى سجناء أخرين يريدون معرفة ولو خبر عنه إما حيٌ أو شهيد لينجح هذا الفأر بالمهمة وينقل الرسالة للأخوة بالأقسام وتعم السعادة على الاطمئنان.

هذا غيض من فيض يا سادة، فحياة أسرانا الذين يتقاسمون رغيف الخبر وفراش النوم وذكريات الألم والامل وأحلام الحرية ما يجمعهم أكبر بكثير مما يفرقهم رغم اختلاف الثقافات والتنظيمات والمسميات والجغرافيات، فالوطن جمع كل هؤلاء الأحرار والثوار والأبطال لينسجوا سوياً خارطة الوطن بكل تفاصيله الجميلة والمتجانسة، هؤلاء يا سادة هم الأطهر وهم الأنقى، ولو ذكرنا عظماء أسرانا في الحركة الأسيرة، الذين سجلوا أكبر محكوميات في تاريخ البشرية لم تسجل في السجون النازية فكان عندنا أطول حكم يقضيه سجين في سجون الاحتلال والذي كان بحق " كريم يونس وأخيه، اللذان يسجلان الآن بدخولهما للعام 39 في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ومثلهم العشرات وربما المئات أمضوا مثلهم أو أقل منهم بقليل.

وهنا نقف على عتبات من يدعون أنهم بالعالم الحر الذي يحارب الظلم والطاغوت لنقول لهم ألم تسمعوا بكريم يونس وأخيه، ألم تسمعوا بالعشرات من القصص والتحقيقات حول انتهاكات حقوق البشرية من تعذيب وحرمان وتجبر وظلم لهؤلاء الأبطال، متى سوف تفيقوا من الكيل بمكيالين بين أسير تجند له كل الدنيا ليطلق سراحه وأسرى كثر لا يسمح لهم حتى بالشكوى، هؤلاء الأسرى دفعوا حياتهم من أجل نيل حرية وطنهم الذي اغتصبته الصهيونية العالمية مدعومة ومحمية بأمريكا ومن وقف خلفهم من العالم الظالم .

وفي هذه الأيام يقبع ما يزيد عن ستة آلاف وخمسمائة أسير في سجون الاحتلال لكل واحد عنده ألف حكاية وحلم وأمل، منهم من تمنى " طفلاً " فكان عن طريق النطف المهربة، ومنهم من تمنى " يفرح بابن له " فتزوج ابنه وأصبح جد دون أن يشاركهم، ومنهم من تمنى أن " يقبل يد والديه " قبل أن يتوفاهم الله، فخرج وخرّ على قبرهم باكياً لكي يقبل تراب وارى أجسادهم .

هنا فلسطين وهنا الوجع والامل .. وهنا الجزائر الأرض التي عشقنا، والجند الذي بكونا، نرسلها لكم من فلسطين أننا سنبقى قابضين على جمر الأمل حتى يتحقق النصر و ونفرش كل عذاباتنا جسوراً لنستقبلكم عليها وننثر زهور حقول برتقالنا تحت أقدامكم الطاهرة، معاً نلتقي بكم، بوطنكم الذي يحبكم " فلسطين " عشتم وعاشت الجزائر أرض الشهداء

2018-12-20