الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الثقافة أمانة !! ....عبد الهادي شلا

 

 هل كل ما يصلنا ونقرأه يصب في خانة الثقافة والمعارف التي نحتاجها؟

 

أصبحنا نشعر بأن الكثير من المقالات التي تنشر في المواقع ووسائل الإعلام وفي بعض الصحف أيضا،هي تفريغ شحنات غضب خرجت عن السيطرة وانفلتت من عقال الواعي فتحولت إلى لكمات أصابت ودقت أبواب عقولنا منذرة بما لسنا في حاجتة.

 

حين يتحول الغضب وعدم الرضى عن حالة ما إلى طوفان يغرقنا دون إقناع،فإن العقل يصبح مشوشا والتركيز يتنحى وقد يختفي فتكون النتيجة كلمات أشبه باللكمات وفجاجة وانفلات لن يدركه من وقع فيه إلا بعد فترة حين يستعيد العقل الواعي وهو غير العقل الذي تنحى وقت تفريغ ما وصلنا من انفعالات وتشجنجات بعيدة في جوهرها عن الغرض السامي الذي يحتاجه المتلقي..

 

هل فكر من يكتب بدعوى الثقافة وإصلاح الحال في أثر الكلمة والفكرة التي يرسلها ،وقلــَّبها على كل وجه ؟!

 

أتصور أن ما نقرأه الآن فيه الكثير من الغث،وأن الكلمة الجادة قد توارت وتوارى أصحابها أو حُجـِبت لأغراض وأهداف بمنهج يقوم على إلغاء القيم والأهداف النبيلة إلى ما يُهيء وجها أخر للثقافة العامة هو في أقل وصف له أنه قبيح ولا يمكن أن يستمر طويلا ،لكنه سيترك أثرا يحتاج إلى وقت أطول كي يندثر ويحل مكانه ثقافة رفيعة،وهذا يشبه البناء الذي يحتاج إلى وقت ليكتمل قوامه ولكنه لا يحتاج إلا إلى القليل من الوقت ليتم هدمه لو كان المعول قويا،وهذا ما يحدث في ايامنا حيث المعول هو وسائل وتقنيات عظيمة القوة وقمة إبتكارات العقل البشري الذي استخدم فيه بضراوة وشراسة في فيما ينفع وما لا ينفع.

 

قد يرى البعض أن لكل زمان مقال ومقام وأن هذا زمن السرعة والانفتاح على الآخر تصعب فيه السيطرة؟!

 

نقول وعلى الرغم أنه قد سُنت القوانين وإمكانيا كثيرة ومتعددة تحد من أسلوب التجريح والإثارة فإن التسرب بين سطورها يبقى ممكنا مادام كل شيء أصبح مباحا ويحميه بعض فجوات في القانون نفسه.

 

الحديث عن حرية التعبير جميل ولا يرفضه إلا دكتاتور،فهل معنى التعبير الحر ان نغضب ونستخدم كلمات السباب والشتائم ونضع الصورالملفقة عن حالة ما يتم تداولها بسرعة البرق دون ضابط ولا ضمير ودون تحري صدقها من كذبها؟

 

هذا من مقاصد الثقافة التي ننادي بضرورة أن تكون سامية تُجبر ما كـُسِر من قيم ترسخت بعقائد وعادات جنت منها الإنسانية عظمة حضاراتها في أماكن كثيرة وكانت الأساس الذي بُني عليه صرح التقدم الذي تنهل البشرية من نتائجه العظيمة ويسر لها الكثير مما كان عصيا وفي غير المقدورالتغلب عليه.

 

لا يختلف عاقل وصاحب وعي وضمير على أهمية ضبط معيار التعبير ومساحة الحرية فيه،لذلك وجب ضبط إيقاع الكلمات ووزنها بدقة ومعرفة مصبها ولمن توجه وفي أي وقت حتى يتحقق النفع منها.

 

فإن استتب الأمر على الكلمة الحق والهدف النبيل فإن النتائج ستكون على كل المستويات متناسقة ومتآلفة وسيتلقاها المتلقي بنفس راضية ويبني عليها كل إبداع في االأدب والفن والشعر والموسيقى والصناعة والحياة الاجتماعية ،والأمان الذي لا غنى عنه في كل وقت.

2019-01-26