رَجُلٌ عَنِيدٌ
زاهد عِزَّت حرش
من كتاب "نهدكِ وجِراحي"
أنا رَجُل نِصفُهُ بَشرٌ
وَنِصْفُهُ من حَدِيد
مَرَتْ علَيهِ
جَحَافِلُ الزَّمَنِ التَّلِيِدْ
حَفَرَتْ بِهِ الأَحْزَانْ
خَنْدَقَهَا الوَحِيِدْ
وَالسَّيْفُ
والرُمْحُ
والسَنَابِكُ
في الوَرِيِدْ
زَحْفًا يَسِير شِبْهَ مَخْلُوقٍ زَهِيدْ
يُعْطِي حَيَاتَهُ مَشْعَلاً
وَمَنَارَةً لِدَمِ الشَّهِيدْ
كَيْ يَسْتَعِيدْ
مِنَ الْمَحَبَّةِ لَحْظَةً..
كَيْ يَسْتَعِيدْ
أو اهْتِمَامًا
أوْ بَقَايَا نَظْرَةٍ
تُطَيِّبُ القَلْبَ الوَلِيدْ
مَرَتْ بِيَ الأَيَّامْ
لَمْ تُعْطِنِي يَوْمًا سَعِيدْ
مَرَّتْ بِيَ الأَحْزَانْ
وَعْدًا
تَوَعُّدًا
وَوَعِيدْ
كُلُّهَا أَلَمٌ وَوَجَعٌ
وَصِرَاعٌ وَصَدِيدْ
يَا جِبَالاً قَدْ هَوَتْ
بِوَطْأَةِ الظُلْمِ الشَدِيدْ
يَا جِبَاهًا حَطَّمَتْهَا
قُوَةُ الزَمَنِ السَدِيدْ
كَمْ تَبَقَى مِنْ صُمُودِي
وَلَيسَ لِي أَمَلٌ أَكِيدْ؟!
صِرتُ أَخَافُ سَيْرَ الْحَبْلِ
وَالخَيْطُ اللَبِيدْ
صِرْتُ أَخَافُ لَحْظَةً تَأتِي
بِلاَ حُزْنٍ عَنِيدْ
أَحْسِبْ حِسَابَ الآتِيَاتِ
مِنَ الْعَوَاصِفِ كَالشَّرِيدْ
أَنَا هَارِبٌ مِنْ عَصْرِ
ذِي القِرْنِ الْوَحِيدْ
أَنَا هَارِبٌ، مِن الرُّطُوبَةِ
وَالْبُرُودَةِ، وَالْجَليدْ
وَالوَاثِبُونَ عَلى رَصِيفِ
الذِكْرَيَاتِ، كَمَا العَبِيدْ
قَلبِي عَلى طِفْلٍ
أَتَيتُ بِهِ، دُنْيَا الْقَدِيدْ
فَتَعَثَّرَتْ بِهِ الحَيَاةُ
وَبِقَلْبِهِ نَزَفَ الوَرِيدْ
قَدْ يَمْضِي كَمَا جَاءَ
قَدْ يَبْقَى.. قَدْ يُغَادِرُ
إِلى الأَبَدِ البَعِيدْ
تَحْمْلُ الأَيَّامُ لِي وَعْدًا
وَتَمْضِي
وَلاَ تُعِيدْ
مَاذَا تَبَقَى كَي أُحِسَّ
بِأَنَّنِي بَاقٍ عَنِيدْ
وَبِأَنَّنِي جَبَلٌ مِنَ الأَحْزَانِ
زَنْبَقُهُ مَجِيدْ
أَنْتَظِرُ لَحْظَةَ ضَوءٍ
بِحُلْكَةِ اللَّيْلِ الشَّدِيدْ
أَنْتَظِرُ وَمْضَ بَرِيقٍ
لَيلَةَ العِيدِ السَعِيدْ
هَيْهَاتِ تَأتِي لِي الأَيَّامُ
بِمَا أُرِيدْ
هَيهَاتِ يَهْدَأ خَاطِرِي
يَوْمًا إِلىَ حُلْوِ النَّشِيدْ
أَهكَذَا؟ يُولَدُ الشُّعَرَاءْ
مِنْ مِحَنٍ وَمِنْ حُزْنٍ
وَمِنْ صِرَاعٍ كَالطَّرِيدْ
يَحْمِلوُنَ صَلِيبَهُمْ
عَبْرَ مَسَارِبِ العُمْرِ المَدِيدْ
يُجْلَدُونْ
وَيُصْلَبُونْ
فِي مَحَطَّاتِ القِطَارِ
وَمَفَارِقِ السَفِرِ البَعِيدْ
يَا زَمَانَ المُوبِقَاتِ
وَالبَغَايَا
وَالعَبِيدْ
قَدْ يَبْقَى مِنِي
لآخِرِ الأَيَّامْ
بَقَايَا مِنْ رَجُلٍ عَنِيدْ
بَقَايَا مِنْ رَجُلٍ عَنِيدْ
كُتبت ليلة رأس السنة 1/1/1992
وتمت يوم 7/9/1992
اللوحة المرفقة من اعمالي، بعنوان "وجع" رسم بالقلم الضوئي على الحاسوب