الأربعاء 11/5/1446 هـ الموافق 13/11/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
كتب الدكتور ناجي صادق شراب:أليست غزه محتله؟!

الحديث ان غزه ليست محتله فيه مبالغة سياسيه وبعيده عن الواقع ، وعن مفهوم الإحتلال، ومفهوم تكامل الإقليم الفلسطيني. فالتكامل الإقليمى يجعل من غزة جزء لا يتجزأ من الإقليم الفلسطيني والذى تحدد بمفهوم الدولة الفلسطينية، وحدود ما قبل الرابع من حزيران  1967 أى أن الضفة وغزة تكونان حدود الإقليم الجغرافى والسياسى للدولة الفلسطينية، وإحتلال اى جزء من هذا ألإقليم يعتبر إحتلالا كاملا لكل الإقليم، لأن فيه إنتقاص للسياده، ومن ناحية أخرى إنهاء الاحتلال لايكون فقط بإنسحاب القوات المحتله من غزه، فالإحتلال له صور كثيره:التحكم في المعابر، التحكم في الموارد المادية والطبيعية، التحكم في حركة البشروالإنتقال من مكان لآخر, والحصار المفروض على غزه ،والتحكم في المياه ألإقليميه وتحديد مناطق الصيد،والتحكم في الفضاء الجوى، كل هذه المظاهر تؤكد ان غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي، حتى معبر رفح وما يبدو من ظاهرية التحكم فيه من الجانب الفلسطيني لكن الحقيقة ان إسرائيل تتحكم في إستمرار فتحه من غلقه، فهذا الفتح يتم عبر تفاهمات سياسيه إما مباشرة او بواسطة طرف ثالث. ولا مجال للحديث عن السياده في الجانب المصرى ، فهذه تخضع لسيادة مصر كاملة ، لكن الحديث يقتصر على الجانب الفلسطيني ،فلا أعتقد ان التحركات البشرية، وتحركات بعض القيادات السياسية تتم بعيدا عن هذه التفاهمات.هذا التوصيف لحالة غزه مهم  ويتوقف عليه مسار العملية السياسية الفلسطينية من مصالحه وإنقسام وسعى لقيام الدولة الفلسطينية ، وأشير إلى خطورة إعتبار غزه ليست محتله، وإعلان ذلك من الجانب الفلسطيني. ففيه إعفاء لكل مسؤوليات إسرائيل عن غزه، وربط مستقبل ومصير غزه بالمتطلبات ألأمنيه لإسرائيل حتى خيار المقاومه يصبح مرهونا بهذه المتطلبات، والخطورة هنا ان تتحول لوظيفة أمنيه، لا تختلف كثيرا عن التنسيق الأمنى في الضفة الغربية.ماذا يعنى الإعلان عن إنهاء ألإحتلال؟ وما هي التداعيات والنتائج المتوقعه؟ الإنهاء الاحتلال يكون بالإعلان الرسمي من قبل الدولة المحتلة، وبإتفاق مكتوب مع السلطة المحتلة اى التي تحت الإحتلال، وبعدها يمكن ان يتم تنظيم العلاقة كأى علاقة مع دولة أخرى. في حالة غزه هذا لم يحدث إسرائيل أعلنت إنسحابا أحاديا من غزه، ولم توقع إتفاق مع السلطه الحاكمة وقتها لغزه وهى السلطة الفلسطينية الشرعية. ومن ناحية أخرى لا يمكن للسلطة أن توقع على إتفاق بإنهاء الاحتلال من غزه دون بقية ألأراضى الفلسطينية، فكما الأرض لا تتجزأ الاحتلال لا يتجزأ. الآن الحديث عن ان غزة غير محتله يتناقض تماما مع الوضع السياسى القائم ـ ويتناسب مع حالة ألإنقسام السياسى ، وسيطرة وحكم غزه من قبل حماس، وفى حال الإعلان عن أن غزة ليست محتله فهذا تكريس لحالة من ألإنفصال السياسى التام مع السلطه، وما يؤكد ذلك أن هذا ألإعلان يستوجب أولا قبولا ممن يحكم غزه، وثانيا التوقيع على إتفاق تهدئه بل أدق هدنه دائمه ، وبعدها يمكن توقع تنظيم العلاقات بين إسرائيل وبين غزه كإقليم منفصل، وثالثا مع من يتم التوقيع على هدنه أو إتفاق تهدئه؟ في حال مع السلطه وهذا مستبعد تماما، فالتوقيع وحتى ولوبطرف ثالث سيكون مع حماس، وهو شكل من أشكال الإعتراف الضمنى بين الطرفين.ومن التداعيات الخطيره لمثل هذا إحتمال وقف كافة العمليات المسلحة مع إسرائيل،وبداية علاقة تحكمها الوسائل السلمية. والنتيجة الأخرى تنعدم أي مسؤولية لحركة حماس في الضفة الغربيه. وأضيف ان هذا ألإعلان يعنى نهاية للقضية الفلسطينية ،وأن تبحث الضفة الغربية عن خياراتها وكيفية تعاملها مع إسرائيل، تفكيك للقضية الفلسطينية بآليات فلسطينية. هذه التصورات لإعتبار غزه منطقة أو إقليما جغرافيا غير محتل. تأكيد على ان غزة بات ينظر لها على أنها كينونة سيىاسيه مستقله، قد تتحول لدولة ليس لها علاقة بفلسطين.وأخيار علينا أن نفرق بين المطالبة برفع الحصار وإنهاء الاحتلال.

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]

 

2019-01-31