السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
القوة الناعمه الفلسطينية والمنظومة ألأخلاقية !!.....دكتور ناجى صادق شراب

يعانى المجتمع الفلسطيني  من حالة غير مسبوقه من التدهور وألإنحدار في منظومته القيمية الحاكمه والناظمة لتماسك وقوة المجتمع.وتلعب القوة الناعمة دورا سلبيا في عملية التدهور في منظومة القيم الأخلاقيه، وذلك لسبب بسيط بعثرة القوة وتشتتها ما بين القوى والفصائل الفلسطينيه وخصوصا حركة فتح وحركة حماس، ومن ناحية أن كل الفصائل لها مصادر قوتها الناعمه.والسبب ألاخر ان توظيف القوة الناعمة والتي يقصد بها القدرة في التأثير على أفكار وسلوكيات المستهدفين، والعمل على تغيير أفكارهم وحتى منظومة القيم التي تتحكم في سلوكياتهم . فغياب المرجعية الأخلاقية احد أسباب هذا التدهور, فالقوة توظف هنا لأهداف تحقق مصالح وأولويات كل فصيل. كل فصيل يريد أن يخلق الداعمين والمساندين له بتقليص الداعمين للفصيل ألاخر. ومن ناحية التشكيك في منظومة القيم التي يتمسك ويدافع عنها الفصيل الخصم أو المنافس.هذه الحالة من التراجع تتناقض وحالة الاحتلال التي يخضع لها الشعب الفلسطينى والآراضى الفلسطيني والتى تفترض التماسك والتصلب حول منظومة القيم الأخلاقية التي حكمت نسيج العلاقات المجتمعية والسياسية الفلسطينيه على مدار عقود طويله. ولعلى لا ابالغ إذا قلت إن من أهم عناصر قوة الشخصية الفلسطينية الوحدانية في الهوية والإنتماء ، الفلسطينيون وعلى مدار تاريخهم شكلوا كتلة بشرية واحده تجمعهم منظومة واحده من الأخلاق إستندت على روح التآخى ، والمصير الواحد والمعاناة الواحده، ولم يشعر الفلسطينيون في يوم ما أنهم منقسمون مجتمعيا وقيميا كما هم اليوم. لا فرق بين فلسطيني في الداخل او الخارج، او مسيحى ومسلم، او مواطن ولاجئ، الكل كان يشعر ان قوة منظومة القيم الأخلاقية كانت من القوة ما حال دون لك، اليوم الإنحدار واضح ، ويواكبه إنحدار في المنظومة الأخلاقية ، اليوم نسمع عن توصيفات جديده فتحاوى وحمساوى وجبهوى وديموقراطى  وضفاوى وغزاوى، ومتشدد ومتطرف ومعتدل، إلى آخر هذه التوصيفات الغريبة . الذى ساعد على تسارع هذا الإنحدا رالقوة الناعمة بكل عناصر ومكوناتها التي يملكها كل فصيل.وهنا أذكر بقوة المنظومة الأخلاقية في أي مجتمع بقوله تعالى: وإنك لعلى خلق عظيم.وقوله تعالى : وفبما رحمة من الله لنت لهم ، ولوكنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك. عمران 159. هذه الرسالة ألأخلاقية لها دلالات سياسيه عميقه وخصوصا في الحالة الفلسطينية التى تعانى من شتى وسائل الحصار والتفكيك والإستهداف من قبل إسرائيل. هذا وقد ساهمت عوامل كثيره في هذا الإنحدار في المنظومة الأخلاقية ، بتحول المجتمع الفلسطيني إلى مجتمع إستهلاكى ، وسيادة عامل السلطة والتمسك بكرسى الحكم الذى علا على اى قيمة أخرى.ولقد لعبت عناصر القوة الناعمة دورا كبيرا في هذا المنحى السلبى من خلال وسائل التواصل الإجتماعى  والتي حولت الممجتمع الفلسطيني إلى مجتمع مفتوح لكل المؤثرات الخارجية ، وهنا تكمن فرضية ان مناعة وقوة الشعب الفلسطيني قبل الإنقسام كانت كفيلة بإحتواء أي آثار سلبيه، اما مع الصراع على السلطة والخلافات الداخلية فقد الشعب الفلسطيني الكثير من مناعته القيمية والمجتمعية ، مما أدى إلى ظهور الكثير من الصورة السلبية كالعماله، والغربة السياسية وضعف الإنتماء والولاء ، والرغبة في الهجرة .والسؤال كما اشرنا أين دور القوة الناعمه؟القوة الناعمه لا تقل أهمية عن القوة الخشنه، بل قد تفوق أهمية القوة الخشنه أو الصلبة بما لها من تاثير في تغيير السلوك والتصورات السياسيه، وفى القدرة على التغلغل في قلب الطرف المستهدف داخليا أو خارجيا. وفلسطينيا يملك الفلسطينيون الكثير من عناصر القوة الناعمه سواء في وسائل التواصل او الميديا ألإجتماعية ، وفى الفضائيات والآعلام، ومراكز البحث والتفكر، وفى دور النخب الفكرية والثقافيه، وعلى الرغم من تعددها إلا إنها تتسم بالتشتت ، وبدلا من إستهداف والتغلغل في قلب إسرائيل ، وعالميا لتوصيل حقيقة القضية الفلسطينية ، والمعاناة التي يعانى منها الشعب الفلسطيني ، نجد التركيز المكثف على الإستهداف الداخلى بين الشرائح المختلفه للشعب الفلسطيني ، الذى بدأ يسمع رسائل متناقضه في مضمونها وغريبه عن قيمه التي تنشأ وتربى عليها. والنتيجة الحتمية التخلي عن كثير من القيم الثابته ، وإحلالها بقيم وتصورات جديده تجعلنا أمام اكثر من شخصية فلسطينية،ومما زاد الأمور كارثية الدور التشكيكى والتفكيكى للنخب الفكرية والثقافية التي باتت تحمل تصورات وقيم ضيقه تعبر عن تنظيماتها، وزاد ألأمر خطورة توظيف الدين وهو من أهم عناصر القوة الناعمة تأثيرا وخصوصا في مجتمع يلعب الدين دورا محوريا في تكوين السلوك والتصرف والفعل كالمجتمع الفلسطيني .هذه التداعيات السلبية من شأنها أن تحول المجتمع الفلسطيني إلى مجتمع تابع، ويعانى من كثير من عوارض الهشاشة السياسية ، وهذا في النهاية قد يقود الى التسريع في التخلص من قوة المجتمع الفلسطيني الحاضن لمقاومته وسلطته. هذا يتطلب المراجعة النقدية ، وإعادة النظر في دور كل مكونات القوة الناعمة ، وضبطها بمنظومة القيم ألأخلاقية الأصيلة للمجتمع الفلسطيني ، المجتمع الفلسطيني وبيئتة السياسية من أكثر المجتمعات والبيئات السياسية المستهدفه بكثير من موجات وتيارات الحرب الفكرية وأقربها إسرائيل.

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]

2019-02-07