السبت 22/9/1446 هـ الموافق 22/03/2025 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الانتخابات المبكره في إسرائيل :انتخابات بين اليمين!....د.ناجي صادق شراب

 

الملاحظ والمتتبع لتطور النظام السياسى الإسرائيلي يلاحظ أن ظاهرة ألإنتخاباتالمبكره تلازم النظام السياسى البرلماني في إسرائيل، وقد يتفرد النظام السياسى في إسرائيل بهذه الظاهرة عن غيره من النظم البرلمانية التي تقوم على قاعدة حجب الثقه التي بيد البرلمان في مواجهة الحكومه. وقاعدة حل البرلمان وهى سلاح الحكومه في وجه برلمان متشدد، وتفرد النظام السياسى الإسرائيلي بظاهرة الانتخابات المبكره أحد أسبابها التعدديهالحزبيهالكبيره في إسرائيل، وظاهرة الشخصانية القيادية، وإنتفاء ظاهرة الحزب الكبير الذى كان يحقق أكثر من أربعين مقعدا، هذه الظاهرة لم تعد قائمه، واكثر ما حققه حزب الليكود ألان حوالى الثلاثين مقعدا، مما يحتم ظاهرة الإئتلافات الحكومية، ويجعل الحزب الحاكم تحت رحمة أصغر ألأحزاب في الحكومه، فالحكومة يمكن أن تسقط بسبب مقعد واحد، ولهذا معظم الحكومات الإسرائيلية مبتزه من قبل الأحزاب الصغيرة، ولهذه ألأسبابوغيرها تعتبرالإنتخاباتالمبكرةةأحد آليات النظام السياسىالإسرائيلي.فالإنتخابات في إسرائيل وهى الوحيده على مستوى النظام السياسى تجرى كل أربع سنوات للكنيست الذى تنبثق منه الحكومهويقوم الحزب الفائز بأكثرية المقاعد بتشكيها، وحيث انها انتخابات تتم بالتمثيلالنسبى على مستوى القطر كله وبنسبة حسم 3،25 في المائه ، فهذا يعنى ان أي حكومه لا بد وأن تكون إتئلافيه، وهذا الذى يجعلها تحت رحمة أي من الأحزاب المشاركه، ويشترط لتشكيل الحكومه الحصول على 61 مقعدا في الكنيست وهى نفس النسبه التي تسقط الحكومه في حجب للثقه، ولهذا احد ميكانيزمات النظام السياسى الإسرائيلي الانتخابات المبكرة، وهى ظاهره عامه، وألأمثلة كثيره حكومة 1951، والحكومة الخامسة 1961، والعاشرة 1981، والحادية عشر 1984،والثالثة عشر 1992، والخامسة عشر، وثلاث انتخابات مبكره ما بين حرب غزه ألأولى 2008 و2014. هذا والتوجه للإنتخابات المبكرة يتم عندما يكون للحزب المسيطر ما يقدمه للجمهور،ويريد الدعم الشعبى ، وفى اعقاب التصعيد ألأخير على غزه ليس لدى نتانياهو ما يقدمه للجمهور ولذلك إستمات على تأجيل الانتخابات بعد إنسحاب ليبرمان وتقديم إستقالته من الحكومه  وخروج حزبه من الإئتلاف الحاكم، ليبرمان لديه ما يقوله ، لكن نتانياهو ليس لديه ما يقوله.وهذا سبب محادثاته ألأقرب للإستجداء مع حزب نفتالى وحزب كحلون لتأجيل قرار الإنتخابات المبكرة. والسبب الثانى أن نتانياهو ينتظر ان يقدم شيئا ملوسا ليرفع من شعبية حزبه، كأن يعقد صفقه لتبادل الأسرى بعد إتفاقالتهدئه، او حرب جديده في غزه هذا أمر غير مستبعد. او ان يحقق زيارات عربيه أو موضوع ألأمن في الشمال وأنفاق حزب الله  .ويضاف لذك قدرة نتانياهو على إقناع أعضاء حكومته ان تأجيل الانتخابات فيه مصلحة سياسيه بتأجيل صفقة القرن التي يعرف ان هناك ثمنا سياسيا سيدفعه  لا يقدر على دفعه أثناء الإنتخابات، وهذا كاف للإسراع في إسقاط حكومته ، والذهاب للإنتخاباتالمبكره.ولذلك كان التهديد بالإنتخابات المبكرة رساله موجهه للرئيس ترامب الذى على ما يبدو أنه خضع لضغوطات نتانياهو وأجل عرض الصفقه، حتى يكتسب نتانياهو مركزا أقوى او يحقق إنجازا سياسيا كبيرا. لكل هذه المعطيات تم الاتفاق على الانتخابات المبكرة والتي ستجرى في شهر أبريل القادم.،. والمهم الآن ليس عقد الانتخابات لكن ماهى شكل هذه الانتخابات وتحالفاتها؟ وما هي أجندات وأولويات الأحزاب المشاركهوالمتنافسهفيها؟. تجرى هذه الإنتخابات ولأول مرة في ظل تحولات وتحالفات غير متوقعه و في سياقات سياسيه تعمل لصالح المعسكر اليمينى ، ومن ثم إحتمالات تشكيل حكومه يمينيه متشدده أو أكثر تشددا قائم، وضعف قوى اليسار التي من المستبعد ان تحقق إختراقات كبيره في الإنتخاباتالقادمه.ويبقى التحدىالأكبر للنواب العرب ، وقوائمهم ، وهل قادرون على الحفاظ على عدد المقاعد التي يتمتعون بها الآن، ام أن يخسروا او يحققوا عدد اكبر، وليكن معلوما ان مجرد زيادة عدد مقاعدهم ولوبمقعد واحد يعتبر إنجازا مهما ومطلوبا، ولذلك لا بد من حشد كل الأصوات والمشاركهباعلى نسبه. هذه الانتخابات تتسم بالفوضى الحزبيه، وبالتركز على الأحزاب اليمينيه، فهى كما توصف بانها انتخابات بلا يساروإنتخابات بلا خلافات أيدولوجيه، هي انتخابات حول شخص نتانياهو، فلأول مرة يصبح العامل الشخصىأساسى في السياسة ألأسرائيليه.. وأن الإختيار بين قيادات هي أصلا في الليكود. والتفاؤل الوحيد هل سيكون بمقدور غانتس ان يكون بديلا لنتانياهو والليكود. وقدرته على تشكيل يسار وسط مع ليبيد؟  هذا أمر مستبعد، لكن بلا شك تاثيره سينعكس على الخارطة السياسية الجديده.ويبقى ان هناك تراجع في الديموقراطيهالإجتماعيه في إسرائيل. وقد تعيد ألإنتخابات نفسها بعدم قدرة اى حزب على الحصول على أغلبيه تضمن الحكم، وهو ما يعنى توقع مزيد من عدم الاستقرار السياسى ، وتجدد دورية ألإنتخابات.

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]

2019-02-21