السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
إسرائيل تفرقنا ونحن نوحدها!!!....د.ناجي صادق شراب

بدلا من أن يكون الاحتلال الإسرائيلي وإنهائه وصولا لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف الجامع للكل الفلسطينى،نجحت إسرائيل أن تعميق الفرقة والإنفصال بين أجزاء الجسد الفلسطيني الواحد. نعم إسرائيل نجحتفى سياسة فرق تسد. عمقت من بذور الخلاف، وظفت الجغرافيا السياسية بفصل غزة عن الضفة الغربية، نجحت في خلق سلطتان وحكومتان متصارعتان متناقضتان كل منها تحارب الأخرى. ولم تقتصر مظاهر النجاح على خلق بينية سياسية غير تصالحية ، بل ما نراه ونسمعه من خطاب سياسىوإعلامى غير مسبوق وغريب ودخيل في مفرداته يعمق الكراهية والحقد والرفض والتخوين والإنكار، وتبادل التهم ، والتمسك بقاعدة انا الوطنى وأنت الخائن. وسيادة مبدأ نحن وهم ، تحولت الفرقة الفلسطينية نحن وهم ، وهذه تنطبق على كل من حماس وفتح.سياسة تعميق الخلافات والفرقة بين الفلسطينيين احد أهم ثوابت السياسة الإسرائيلية إدراكا منها أن أسهل الطرق وأقصرها لفرض ما تريد، وتقزيم القضية الفلسطينية في جزئيات صغيره، والإبتعاد بها عن جوهرها هو بخلق المعطيات السياسية الفلسطينية التي تؤكد أن الفلسطينيين غير مؤهلين لمنحهم دولة ، وأنهم غير ديموقراطيين فكيف يمنحوا دولة او يمارسوا الديموقراطية ، وانهم إرهابيون يمجدون ثقافة العنف والتحريض ، ولا يؤمنوا بثقافة الحوار والتعايش، وإسرائيل في تحقيق هذه الأهداف وهذه السياسة توظف كل مفردات الخطاب السياسىوالإعلامىوالدينىالفلسطينيى  داخليا بخلق راى عام إسرائيلى لا يرى في الفلسطينيين إلا مجرد جماعات بشرية عابرة ، وهذا نراه في تنامى قوة اليمين والأحزاب اليمينية ، والتى أعتقد احد النجحات فيها ما وفرناه لها من هذ المادة. وخارجيا بتصوير الفلسطينيين انهم ليسوا جديرين بالدولة ، وكيف وهم منقسمون، ويحاربون أنفسهم، ويفتقدون للشرعية التي يشكك فيها فلسطينيا قبل ان تشكك فيها إسرائيل.ولقد لجأت إسرائيل لكافة الوسائل وألأساليب لتعميق ظاهرة الخلافات، من خلق قيادات بديلة ، ومن التشكيك في الشرعية السياسية وعدم وجود شريك للسلام ورفضهم الدائم ، ومن تبنى خطاب وثقافة التحريض والإرهاب والعنف، فالفلسطينيون سياسيا وتفاوضيا يرفضون السلام،ومقاومة يمارسون الإرهاب والعنف، وحقيقة إسرائيل وهى دولة قوة لا يقلقها أبدا قوة المقاومة العسكرية التي لا تقارن مع قوة إسرائيل، لكن إسرائيل توظف الصاروخ والهاون والبالونات الحارقة ، ولتؤكد هدفها بإلصاق وسائل الإرهاب. وأنا لا ألوم إسرائيلفهذا شأنها وهدفها في محاولة تفتيت الشعب الفلسطيني ، والعبرة كما يقال بالنتائج، الإنقساموالإندفاع نحو الإنفصال بات حقيقية سياسية مؤكده. ولا شك ان الفلسطينيين يلامون ويتحملون المسؤولية المباشرة لما آلت إليه الحالة السياسية الفلسطينية ومن الإنقسام والحروب الكلامية ، ورفض الشرعية السياسية القائمه، فعندما نسمع ان منظمة التحرير لا تمثل الشعب الفلسطيني فهذا نجاح لإسرائيل بفعل فلسطيني ، وعندما تفشل الحوارات في موسكو وغيرها فهذا بفعل فلسطيني .فشل كل إتفاقات المصالحة بفعل فلسطيني .نعم عندما نقول الفلسطينيون يرفضون المصالحة فهم ينفذون ما تريده إسرائيل.مرحلة إنهاء القضية الفلسطينية وتفكيكها ليس بسبب ما تريد إسرائيل وصفقة القرن ، بل لأن الفلسطينيين لا يريدون المصالحة ومتمسكون بسلطتانوحكوماتان وشرعيات متصارعة غائبة. وبالقابل الفلسطينيون يوحدون إسرائيل.إسرائيل موحده كلها إتجاه الفلسطينيون، فعلى عدد الأحزاب السياسية في إسرائيل، وتباينها ما بين اليمين واليسار إلا أنهم كلهم متفقونحول القضايا السياسية بشأن الصراع مع الفلسطينيين، فلا دولة فلسطينية  والقدس العاصمة ألأبدية لإسرائيل، والإستطيان حق ، ولا إخلاء لأى مستوطنات في الضفة الغربية. هذا على الرغم من أن إسرائيل تواجه مشاكل وتحديات بقاء داخليهمن نزاعات إثنية وطائفيه وسياسيه وإقتصاديه ، لكن هل هذه الخلافات التي يمكن أن تشكل تهديدا لبقاء إسرائيل التوحد من الصراع مع الفلسطينيين هو الذى يؤجل كل ذلك؟ فهنا العامل الفلسطيني يوحد إسرائيل رغم كل مشاكلها. أين الفلسطينيون من هذا الشعوروهذا الإحساس بالتوحد ؟

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]

2019-03-06