الخميس 13/10/1444 هـ الموافق 04/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الكونجرس الفلسطيني.. بين الخداع والإصرار...بقلم جودت مناع

احتدام الجدل حول جدوى ما يسمى بالكونجرس الفلسطيني الاقتصادي يعود للواجهة مرة أخرى بعد لقاء رئيسه بقائد فلسطيني للمرة الثانية في عمان. فاللقاء الأخير الذي جرى مؤخرا بين فاروق القدومي و د. عدنان مجلي أثار حفيظة الوطنيين الفلسطينيين لسببين؛

الأول إصرار مجلي على البحث عن غطاء وطني لمشروعه والثاني إغفال القدومي لما وصفه بالخداع الذي تعرض له في لقائهما الأول.

وهنا يتضح ما بين الإصرار والخداع قراءة غير محمودة لسلوك قائد مخضرم نعتز به وبتاريخه النضالي وبين مدعي للقيادة نفخر بعلمه وقدراته لا بمشروعه.

والسؤال الملح ليس غبيا بل جديرا بالاهتمام للحصول على إجابة بعيدة عن الغباء. كيف لقائد مزعوم الجرأة على لقاء القدومي الذي وصفه بالمخادع بعد لقائهما الأول؟

وكيف لقائد تاريخي يوافق على لقاء مجلي بعد ان قطع على نفسه العهد أمام رفاق دربه بأن لا يلتقي بأشخاص قد يحملون معهم أجندات مشبوهة لتمريرها من خلاله مستفيدين من وضعه الصحي الهزيل.

إذا نحن نقف أمام حالة فريدة بسماتها القيادية التي تفتقد للوضوح والصراحة في الوقت الذي يواجه الشعب الفلسطيني الحرب على عدة جبهات:

أولا: إضعاف منظمة التحرير الفلسطينية.

ثانيا: اختراق الجبهة الداخلية.

ثالثا: تمرير المشاريع التصفوية ومن هنا يمكن قياس ميزان القوى بين العرض المفترض الذي يمثله القدومي ومجلي في هذه المرحلة دون حاجة لاستطلاعات رأي و أو من خلال ردود الفعل المتوقعة. وإذا ما وضعنا الحقائق أمام الشعب الفلسطيني فإن القدومي لم يعد في سنه المتقدم قادرا على تقييم مشروع مجلي من موقع قيادي لا يمكنه من التواصل مع رفاق دربه المتواجدين بالقرب منه جغرافيا.

فكيف الحال بالرفاق الذين يعيشون خلف الحدود!

الغرق بين مجلي والقدومي هو ان الاول مكلف بتنفيذ مشروعة من الولايات المتحدة الأمريكية التي قطعت علاقاتها بمنظمة التحرير الفلسطينية وأوقفت مساعداتها للمنظمة والانروا وغير ذلك من أسس الحياة الفلسطينية.

لذلك يلتبس عليه الإصرار ولا يعاني منه... أسباب ذلك هي أنه يحظى بغطاء امني ومالي ولوجوستي وتقني ويحيط به فريقا من ذوي الخبرة ممن يهاجمون منظمة التحرير ويحملونها المسؤولية عن نتائج اوسلو.

وعلى ذكر اوسلو فإن مجلي يتنقل من باغد لآخر ويعرض مشروعه على قيادات فلسطينية كان آخرها لقائه بخالد مشعل في قطر ويعتقد أنه سيسافر الى السعودية في اطار مهمته. ويبقى السؤال المحير لأخواننا الذين يعيشون في عمق الاحتلال وليس الأعمق في سجونه. فالأسير يصبح رفيقا لذاكرته.. صديفا لها أو عدوا. بينما من يعيش في العمق يتنفس الهواء المتجدد مما يمكنه النطق وإبداء الرأي إزاء ما يحاك من مؤامرات.

لكننا لم نسمع تصريحا رسميا بشأن الكونجرس المفترض حتى الآن.

نعلم ان مجلي تربطه علاقات بأقطاب السلطة وقيل أنه من رتب موعد اللقاء الأول بين عباس وترامب وغير ذلك من علاقاته مع كوشنير ومسؤولين في الادارة الامريكية ممن يريدون استبدال الحل الاقتصادي بالسياسي وهو ما لم ولن يقبله الشعب الفلسطيني أبدا. وليعلم مجلي ومن يقف وراءه أن الحلول الاقتصادية أشبه بتمثال من رمل يذوب مع أول زخات المطر بينما الحل السياسي راسخ كنلال الوطن وربوعه لا تتغير .

وفي هذه المرحلة العصيبة لم نكن نتوقع ان يهبط علينا قائدا مزعوما من الولايات المتحدة بل من عمق المأساة وممن مكثوا ولا زالوا جل حياتهم في الأسر. أولئك هم الأقدر والأكفأ على مواجهة مخططات العدو وتدابيره الارهابية ضد الشعب الفلسطيني.

بقي شيء أخير ... إن الشعب الفلسطيني لا يعيش في سجن كي نبرر صمته ووحدته. إنه يعيش مع قضيته ونضاله اليومي لأجل الحرية. ومع كل ذلك فإن الولايات المتحدة وحليفتها المستعمرة الاسرائيلية ووكلائهما ككرازاي ولحد وغيرهم، لن يفلحوا ابدا في النيل من منظمة التحرير الفلسطينية بيت كل الفلسطينيين وحصنهم المنيع الذي انطلقوا منه وقدموا التضحيات الجسام لأجل التحرير. لذلك فإن المرة في ملعب المنظمة والشعب الذي اختارها ممثلا له منذ عقود.

2019-03-22