نشرت صحفية “التايمز” البريطانية تقريرا سريا حول الحرب التي شنها حلف شمال الأطلسي (الناتو) على الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي، بعد مظاهرات شعبية اندلعت ضد حكمه عام 2011.
وقالت الصحيفة في تقريرها إنه منذ أبريل/ نيسان 1986، أي قبل حوالي ربع قرن من الحملة الجوية المدمرة التي قادها الناتو عام 2011، والتي حولت ليبيا إلى حالة “خراب”، بدأت حملة الناتو من أجل التخلص من القذافي.
ولفتت الصحيفة إلى أنه كان هناك محاولة لاغتيال القذافي في أبريل 1986، بعد اتهام الاستخبارات الليبية بالتورط في تفجير ملهى ليلي في برلين الغربية في تلك الفترة، قتل فيه جنديان أمريكيان وامرأة تركية، وأكثر من 200 شخص، من بينهم 79 مواطنا أمريكيا، واتهم الرئيس الأمريكي حينها، رونالد ريغان، القذافي بالتورط في الهجوم.
وأشارت “التايمز” إلى أنها حصلت على “وثائق سرية” تكشف عن إعداد وزارة الدفاع البريطانية خططا سرية للدفاع عن إقليم “جبل طارق” الخاضع لسيطرتها، ضد أي هجوم ليبي محتمل.
كما أن التقرير يكشف أيضا أن لندن كانت تدعم بقوة الغارات الأمريكية على طرابلس وبنغازي في عام 1986، مشيرة إلى أن تفجير برلين الغربية قد يكون ردا انتقاميا من ليبيا.
ووفقا لهذا التقرير السري، فإن مجلس الوزراء البريطاني وافق على عدد من المبادئ التوجيهية التي تسمح للطيران الملكي البريطاني بإظهار “نوايا معادية” ضد أي محاولة للهجوم.
وقال التقرير: “سيتم تحديد هوية أي طائرة مجهولة الهوية أو طائرة مشتبه في أنها معادية تمر فوق جبل طارق أو تقترب منه بأي وسيلة متاحة، وسيتم إما إجبارها على تحويل مسارها أو إسقاطها مباشرة سواء عن طريق إطلاق نيران تحذيرية أو إطلاق النار مباشرة عليها”.
وتابع التقرير الذي رفع عنه السرية وحصلت “التايمز” على نسخة منه: “ترصد الأجهزة الأمنية والاستخباراتية نشاطات عديدة لمنظمات إرهابية مختلفة في إسبانيا لديها متفجرات وترتبط بالأنظمة في ليبيا، ويظهر أن هناك تهديدا كبيرا على جبل طارق، خاصة أن بها عدد كبير من السكان العرب من شمال أفريقيا، وهناك روابط متصلة ومنتظمة بينها وبين المغرب عن طريق العبارات”.
شكوك وتفتيش
ومضى التقرير “سيتم إجراء عمليات تفتيش دقيقة بحق أي زائر مغربي جديد، أو غيره من المواطنين العرب القادمين من المغرب إلى جبل طارق، ورفض دخول أي شخص يعرف ارتباطه بأي شكل من الأشكال بليبيا”.
وأوضح موجز وزارة الدفاع البريطانية أن “أي تعزيز للدفاع الجوي في جبل طارق يجب أن يتم شرحه بوضوح للإسبان، حتى لا نتعرض إلى خطر دخول هدف زائف، مقاتلة إسبانية مثلا، لأن أي خطأ في هذا الأمر سيترتب عليه أزمة سياسية كبيرة”.
يذكر أنه في 15 أبريل/ نيسان 1986 شن الجيش الأمريكي سلسلة غارات جوية على أهداف متعددة في جميع أنحاء ليبيا، بما في ذلك مقر إقامة القذافي في طرابلس، الذي أخلى القصر الرئاسي هو وعائلته في الوقت المناسب، بعد مكالمة هاتفية تحذيرية من رئيس وزراء إيطاليا، بيتينو كراكسي.
وقتل في تلك الغارات نحو 60 من العسكريين والمدنيين بينهم طفل، كما قتل طيارين تابعين للقوات الجوية الأمريكية، بعد إسقاط مقاتلة من طراز “إف-111” فوق خليج سدرة.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أنه ما أثار بريطانيا وأمريكا، ما حدث في منتصف الثمانينات، من استخدام القوات البحرية السوفيتية الموانئ الليبية في طرابلس وطبرق، واحتفاظ ليبيا بعدة آلاف من المستشارين العسكريين السويفت في بلادها، وشملت أنشطة لعدد من المتخصصين في تعزيز الدفاعات الجوية الليبية ضد أي هجمات أمريكية أخرى.
بداية السقوط
في شباط/ فبراير 2011، اندلعت في بنغازي (شرق) احتجاجات واجهها نظام القذافي بالقمع العنيف، وذلك قبل أن تتوسع إلى مناطق أخرى.
وفي آذار/ مارس، شنّ تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجوماً تمثل بقصف جوي مكثف على مقار القوات التابعة للقذافي، بعد حصوله على الضوء الأخضر من جانب الأمم المتحدة.
في 20 تشرين الأول/ أكتوبر، قُتل القذافي في آخر هجوم للمعارضين على سرت، مسقط رأسه، إلى الشرق من العاصمة الليبية.
في 12 آذار/ مارس 2016 بعد ثلاثة أشهر على توقيع الاتفاق برعاية الأمم المتحدة، أعلنت حكومة وفاق مدعومة من المجتمع الدولي. ووصل رئيسها فايز السراج إلى طرابلس نهاية آذار/ مارس. وفي الشرق أعلنت حكومة موازية مدعومة من المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي.
وتتنازع الحكومتان السلطة في ليبيا، الأولى حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا ومقرها طرابلس ويديرها فايز السراج والثانية حكومة موازية في شرق البلاد يدعمها “الجيش الوطني الليبي” وأعلنها المشير خليفة حفتر من جانب واحد.
في 28 شباط/ فبراير الماضي أعلنت الأمم المتحدة عن اتفاق حول تنظيم انتخابات بين السراج وحفتر.