الإثنين 13/10/1445 هـ الموافق 22/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
لماذا تمخض جبل تهديدات نتنياهو لغزة فولد وساطة مصرية ؟! .. محمد النوباني

من شاهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يغرد من واشنطن، بعد تلقيه نبأ قيام المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في ساعة مبكرة من صباح الاثنين الماضي باطلاق صاروخ متطور وذات قوة تدميرية كبيرة على شمال تل ابيب قائلا "سوف اختصر زيارتي واعود الى اسرائيل لأكون الى جانب مواطني دولتي في المعركة ضد الارهاب " تهيأ له ان الرد على ذلك الصاروخ سيكون ساحقا ماحقا وقد يصل الى حد شن حرب على قطاع غزة للقضاء على حكم حركة حماس، واعادة الاعتبار لقوة الردع الاسرائيلية التي بات يؤكد قادة عسكريون وسياسيون اسرائيليون سابقون متحررون من قيد الوظيفة على انها تاكلت بل وحتى انهارت. لكن ما حدث على أرض الواقع ان الرد الاسرائيلي بقي في اضيق نطاق وتحت السيطرة بحيث لا يستدرج ردا فلسطينيا واسع النطاق يؤدي الى اتساع نطاق العمليات العسكرية او نشوب حرب وبالتالي الى المزيد من انكشاف عورة اسرائيل الاستراتيجية ومواطن ضعفها مما قد يؤدي الى سقوط واسقاط نتنياهو في انتخابات الكنيست الاسرائيلي القادمة في التاسع من نيسان ابريل المقبل .

ولذلك فقد ابقى رئيس الوزراء الاسرائيلي على دور الوفد الأمني المصري ليحافظ على قناة اتصال غير مباشرة مع المقاومة في غزة بما يساعده على النزول عن الشجرة العالية التي حاول الصعود اليها بسبب تصريحاته الحادة وعالية النبرة ازاء غزة الذي يعرف هو اكثر من غيره بانه عاجز عن تنفيذها. وقد باتت خطة نتنياهو في هذا المجال واضحة المعالم ومكشوفه، فهو يطلق تصريحات نارية حادة متوعدا مقاومة غزة بالويل والثبور وعظائم الامور، للاستهلاك الاسرائيلي، فيما يبلغ غزة ان القصف الذي ستقوم به طائراته لمواقع واهداف في القطاع لن تتجاوز الخطوط الحمراء التي تحدث عنها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في تصريح صحافي مقتضب مساء الاثنين الماضي كالقيام باغتيالات لقادة في المقاومة او ما شاكل.

هذه "المشهدية" غير المالوفة في التعامل بين احتلال و حركة تحرر وطني، او مقاومة مسلحة، و الناجمة عن حالة توازن رعب على المستوى العسكري من ناحية وعن عدم توفر حالة فلسطينية و عربية ودولية مواتية لانتصار المقاومة،بعد، من ناحية اخرى أدت الى ظهور بعض الاصوات الاسرائيلية التي تقول بان نتنياهو اضعف قوة الردع الاسرائيلية في مواجهة حماس وخضع لاملاءاتها وبعض الاصوات الفلسطينية التي ادعت في اليومين الماضيين بان مقاومة غزة متواطئة مع نتنياهو وتسعي الى فصل غزة عن الضفة وتمرير صفقة القرن. ولكن الحقيقة ان كلا التحليلين خاطئين، فعلى المستوى الاسرائيلي فان بنيامين نتنياهو يتمنى القضاء على مقاومة غزة او يستيقظ من النوم ويرى غزة قد غرقت بالبحر كما قال ذات يوم سلفه المقبور اسحق رابين ولكن ما يمنعه عن ذلك ليس كرم اخلاقه بل القوة الرادعة التي باتت تملكها غزة لا سيما على صعيد الصواريخ ولن يغير من هذه الحقيقةايا كان رئيس الوزراء الاسرائيلي المقبل، اما على المستوى الفلسطيني فان من يزعم بان مقاومة غزة متواطئة مع نتنياهو وضالعة في مخطط فصل غزة عن الضفة وتمرير صفقة القرن هو مخطئ وملتبس ومشتبه وكلامه مردود عليه لان نتنياهو عاجز ببساطة عن تطويع غزة وكسر ارادتها لانها تملك قوة ردع تمنعه من استباحتها كما يحصل في الضفة

2019-03-28