تمر الأيام سريعاً، وفي كل إشراقه صباحٍ جديد تعود بنا الذاكرة إلي أيامٌ خَلا فيها رجالٌ لله، كانت تتزين برؤيتهم الوجوه، فهم كالشمسِ في ضحى الصباح المُشرق، وفي الليل الكاحل كدُجى القمر المضيء، يبتسمون للحياة رغم بأسها، ويعيشون في كنف الشهادة مُستلين سلاح الوعي والإيمان والثورة. طيفه لايزال في القلب.. نتذكره بأخلاقه الحسنة وبطولاته الفذة، ومواقفه النبيلة.. في الذكرى السنوية وفي رحاب المعنى الأعظم للشهادة ثمانية عشر عاما مرت كلمح البصر على رحيل القائد الشهيد البطل "إلياس عيد سمعان عيد " الذي قدم حياته فداء لوطنه الغالي.
نعم ما أصعبه من فراق، حين يرحل العزيز تاركاً وراءه ذكرى عطرة لن تمحى أبداً؛ فقد حفرت في الذاكرة، وكتبت بمداد الوفاء والإخلاص في كل القلوب غادر الحياة ليلحق بركب صحبٍ اختاروا الرحيل عن الدُنيا باكراً، فهامت العيون تبكيه دمعاً وانتفضت القلوب غضباً وحزناً، وسُجِّي البطل في قبره يودع الحياة والبسمة تملأ شفاهَهُ والنور يملأ عيونه وصيحات التكبير تطلقها حناجر الرجال التي فاضت لحاهم بالدمع بكاءً. رحل لجنان عرضها السموات والأرض، في مقامٍ لا ينبغي إلا لأهله ممن ترك قلبه ذليلة لله وحده، لا يبغي من حياته إلا رضي المولى وقد نال بشهادة العظماء، على النقيض تماماً من حال قاتله الذي لم تدم الفرحة على شفاه قادته من اغتياله ، فقسم الرجال بالرد له ولكل شهداء فلسطين حين دك فرسان الحق بصواريخهم كيسوفيم واشكول وسديروت وعسقلان وخلقوا الرعب لهذا القاتل الجبان الذي لم يعِي أن القائد يخلفه ألف قائد وأن إلياس يخلفه الف إلياس وأن الدم يطلبه الدم والسلاح يطلبه السلاح و الشهيد يحيى الملايين.
رحلت وتركتم أثراً طيباً في الوطن، لبيتم نداء الوطن، وبدمائكم سطر التاريخ تضحياتكم، نلتم شرف الشهادة، وبكل فخر أنتم شهداء فلسطين، أنتم في القلب .
نعم يا شهيدنا لم تعرف للخوف أي معنى، عشت بطلاً ورحلت بطلاً، وقد قدمت روحك في سبيل حماية وطنك ومن يعش فيه , ستظل ذكراك خالدة لتحملها الأجيال، ويتحدثوا بها بكل فخر .
وستبقى فلسطين بتضحياتكم وحب محبيها، الشوكة الحادة في حلوق أعدائها، وستبقى غزة العصية دوماً عن كل من يريد بها شراً ومكراً.