الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
نتنياهو ملك اسرائيل من دويلة صنيعة الاستعمار الى امبراطورية عنصرية....بقلم عدنان رمضان

اسرائيل التي عرفتها المنطقة قبل سبعين عاما لم تتغير في جوهرها كبنية استعمارية ولكنها ايضا لم تبقى على حالها فقدة مرت وتمر بتحولات كبيرة وسريعة ونموا هائلا من دويلة ومحمية غربية واداة صغيرة الى كيان دولة اقليمية تسعى نحو شرعنة وجودها الى امبراطورية عنصرية يتجاوز دورها الذي تلعبه امكانيات عناصر بنيتها الاساسية انطلاقا من الجغرافيا والديموغرافيا ومرورا بالايدلوجيا والتاريخ والمؤسسات لتصل بذاتها بعد هذه العظمة المغرورة والكاذبة الى نهاياتها فهي بمقدار تعبيرها عن جوهرها تنتج نقيضها وعناصر مقاومتها وتفتح الابواب الى مواجهات كبرى ستؤدي حتما الى نهايتها

يشهد العالم الذي نعيش به هذه الايام تغيرات كبرى في البنية التي يقوم عليها النمط العالمي التقليدي للدول والمجتمعات والمدن  وكذلك لطرق التواصل والتعلم والانتاج والاستهلاك  ويتعاظم فيه دور راس المال وراس المال المالي والمجموعات المتحكمة بمقدرات وتوجهات الشعوب ويشهد هذا العالم لتراجع او تغير لادوار المنظمات والبنى والهياكل الدولية التي ولدت مع بداية القرن ورسخت مع انتهاء الحرب العالمية الثانية وكان لها دور كبير في صياغة حال الامم والشعوب وقباداتها نحو العولمة ، وكان من نتائجها السلبية علينا في المنطقة العربية اتفاقيات سايسكس بيكو  وانتاج الدولة القطرية العاجزة وايضا النكبة الفلسطينية وانشاء وزرع الكيان الصهيوني في المنطقة كتجلي لاستمرار وديمومة مشروع الهيمنة الاستعماري في المنطقة

 ارهاصات مرحلة تاريخية وعصر بشري جديد يتشكل في عالمنا الذي نعيش به عصر تتم فيه قولبة الانسان والمجتمعات وانماط العمل والانتاج والاستهلاك لتلبية حاجات  الفئات التي تتحكم بالقرار ، عصر تتراجع فيه الحرية وحقوق الانسان الى درجات غير مسبوقة ،فمقولة ان هناك بشر زائدون عن الحاجة تحولت الى سياسات تتجسد على ارض هذا العالم  غير المكترث  دعونا نتامل ماساة اليمن وحصار غزة  عالم اليوم يتم فيه الاستغناء اكثر فاكثر عن الاتفاقيات والقوانين الدولية ويطهر الدور المتعاظم لمجموعات الضغط والتاثير والشركات الكبرى ووالتي تتمظهر باسم الدول تارة او من خارج سياقات الدولة المتعارف عليها ويصبح تعيين الرؤساء او ازالتهم قد تنتج عن نزوات في دوائر القرار العالمي

نتنياهو السياسي الانتهازي البارع في ملاحظة المتغيرات العالمية والاستفادة منها وكذلك الحركة الصهيونية البارعة في صناعة الحدث العالمي وفي بناء قدراتها الموجهة للتاثير على متخذي القرار في الدوائر العالمية سواء أكانت منظمات دولية او اقتصادية مالية او امنية او علمية واكاديمية او عبر الامبراطوريات الاعلامية المنتشرة في بقاع العالم المختلفة ،فنرى الصهاينة يساهمون بقوة مع ممثلي اليمين القومي الصاعد في الكثير من الدول العالمية وخصوصا الغربية انظروا  ستيف بانون والدور الذي يلعبه في تاجيج وتوجيه حركات اليمين ا العنصرية في مواجهة عملاق المضاربات وممثل المرحلة التاريخية السابقة سوروس - لاحظوا اننا ايضا خارج هذه المعادلات،  نتأثر بنتائجها وليس لنا اي دولر او خطط تجاهها - هذه التغيرات ليست في الولايات المتحدة او روسيا الاتحادية فحسب بل الكثير من دول اوروبا الغربية والشرقية والهند والبرازيل والفلبين  وغيرها الانماط التقليدية للدولة وادوارها تغيرت وتتغير وتوفر فرص كبيرة لاؤلئك الذين ينتهجون سياسات فاشية او عدوانية وعنصرية علنية  هذه البيئة العالمية التي تدخل فيها اسرائيل عصرها الجديد ليس كاداة وصنيعة استعمارية فحسب بل كلاعب اساسي وبارع في صياغة التوجهات العنصرية والفاشية للعالم الجديد وفي تعميم وتجارة الشركات الامنية وحروب المرتزقة

في هذا العالم نرى اسرائيل وهي تسير نحو طبيعتها وجوهرها الحقيقي  تتفوق على نفسها كبنية استعمارية وبنية هيمنة غربية تنزع عن وجهها الاقنعة الزائفة الان تتكشف الامور وتتجلى الحقيقة صارخة ولا يتردد هذا الكيان الاستيطاني العنصري في الظهور على حقيقته البشعة ، فاشية وعنصرية بغيضة يتخلى عن مكياج التعددية ،  فالكيان الان يتحرك  في فضاء العفن والعنصرية البغيضة على المستوى العالمي هذا الفضاء هو الاكسجين الذي يتنفسه ويمده بالحياه  ولا  شيء  في الكيان خارج هذا السياق والفضاء يستطيع العيش وهم اليسار مات اختنق وانتهى  لذلك نرى اطراف العنصرية الفاشية  يتبارون في مشاريع الغاء للفلسطيني أوضرب كل من يحاول الوقوف امام توسعية واطماع هذا الكيان، تشريع يهودية الدولة وطبيعتها الاستعمارية الاستيطانية ،الممارسات والسياسات العدوانية السافرة على "دول "المنطقة وعمليات الامنية في قلب العواصم العالمية سياسات ازعر العالم التي تضع العالم على حافة الهاوية بين الحين والاخر هي في جوهر بنية هذا الكيان وليست نتاج لاية ظروف طارئة او عوامل خارجية  

ليس هناك هزيمة معنوية واكثر سطحية او خبث من اولئك الذين يلومون الفلسطيني الذي قاطع انتخابات الكنيست الاسرائيلي و قال " انا لن اساهم او اكون جزء من عملية تشريع لمنظومات الاحتلال والهيمنة والتمييز ومنطلق السياسات التي قتلت وشردت وهجرت شعبنا قسريا تحت تهديد نيران الدبابات والمجازر " هذه المنظومات التي لا زالت تطارده وتمارس ضده ابشع انواع الاضطهاد والتمييز ،البعض يحمل الفلسطينيون الذين قاطعوا جزء من مسؤولية بقاء نتنياهو على سدة الحكم في اسرائيل ،فاي درك هذا الذي وصل الية مدعوا الثقافة في مجتمعنا الفلسطيني ، اولئك من نسو او تناسوا ان اسرائيل الاولى منذ ما قبل النكبة ومرورا بالنكسة والبدايات الاولى للاستيطان في القدس الضفة وحتى العام 1977 هي صنيعة كاملة لحزب العمل وكذلك دعونا نذكرهم ان نتنياهو كان جنديا في عملية التحول المجتمعي الكبير وعمليات التحريض على عملية السلام في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي لكن باراك هو من قضى على حلم ووهم اولئك الذين توهموا حل الدولتين واسس لموقف عالمي متراخي اذا لم نقل معارض تجاه هذا "الحلم الفلسطيني " وان من تسوقون لهم بانهم مختلفون ويفتحون افاقا لمزيد من وهم السلام هم انفسهم من بنوا سيرتهم على الدماء الفلسطينية والعربية والان تدخل اسرائيل مرحلتها الثالثة ككيان جديد يلفظ عن اكتافه حمل تبرير نفسه كحركة تحررقومي لليهود الى كونها مساهم فعال في مواجهة وضرب حركات المقاومة سواء كانت في المنطقة او في بقاع العالم المختلفة ،فهذا الكيان اصبح  قادر ان يتواجد مع ادواته وحلفائه على امتداد القارات الخمس

 والسؤال هل تتحمل  او هل هي مؤهلة بنية الكيان المجتمعية والجغرافية والامنية وهل تستوعب هذه التحولات دون ان تضع نفسها ومن جديد امام نقائضها وامام ايضا مصالح دول وشعوب المنطقة  وان  تساهم  بادائها  في  توسيع وتطوير اداء نقائضها وخاصة من دول تمتلك مشاريع نقيضة او  مجموعات تتعارض ايديولوجيا او قيميا مع هذه التحولات وهي ايضا فئات واسعة ومنتشرة ومؤثرة بقدر ما على المستوى العالمي    لكن الاهم  هو الفئات الشعبية الواسعة والممتدة على مساحات  المنطقة العربية والتي  لم ولن تتقبل هذا الكيان  حتى ولو تم خداع  البعض بشكل مؤقت ،  صحيح ان هذا الكيان نجح في ظل الرعاية الامريكية ببناء تحالفات وتطبيع لعلاقاته مع جزء كبير من الدول والانطمة العربية و"الشرق اوسطية " وتحالف مع الدين السياسي السني في في اكثر من نموذج الا انه ونتيجة لطبيعته العدوانية والعنصرية يستمر بانتاج قوى المقاومة التي تراكم خبراتها وانتصاراتها في مواجهة هذا الكيان وتزداد قدراتها في مواجهة المشروع التوسعي العنصري .

الانتخابات  لا  تعكس  فوز  طرف اسرائيلي  على طرف اخر بل تعكس طبيعة هذه التحولات التي يعيشها هذا الكيان  فالغالبية الساحقة من هذا المجتمع لا تستقر حالتهم ويهدا بالهم الا على ما يراق من الدم الفلسطيني وما يتم نهبه من الاراضي الفلسطينية والعربية  وعلى شعورهم الدائم بالتفوق والفوقية من خلال الغاء الاخر وتحقيره ، وان مكانهم في مشروعهم مكان العبيد والحطابون وما يخدم هيمنتهم واستمرار شعورهم بالتفوق  على الفلسطيني والعربي ان يرتضي المكانة الدونية في مشروعهم  ممارسات وسياسات هذا الكيان لوحدها  كفيلة بان تعيد الامور لتكون في نصابها  ولتوضح جذور الصراع وعدم مشروعية هذا الكيان  وعدم سويته وتناقضه مع طبائع الامور في المنطقة  ،هذه الامور تتضح اكثر فاكثر امام كل فلسطيني اينما تواجد  في الداخل او غزة او الضفة او في المهجر  ونسمع من البسطاء ومن النخب وبشكل دائم انهم سواء في نظره، فالاحتلال واحد يهيمن ويسيطر ويستبيح الارض والانسان الفلسطينيي كل الارض ومجموع الشعب الفلسطيني ، هذا الاحتلال  الذي عمل على تمزيقنا وتفريقنا  وعزل مسارات حركتنا وتفاعلنا كشعب موحد يجمعنا الان بعدائيته وعنصريته وفاشيته.

 

 في معادلات الصراع هناك ضدان والتناقضات الجوهرية لا بد ان تصير الى مرحلة نوعية جديدة  يتم بموجبها الوصول الى حالة نوعية جديدة تتجاوز الضدان  حتى وان انتصر احدهما والقوى التي  تقبل  ان تكون  خارج المعادلات لن يكون  لها مكان في نتائج الصراعات مهما كانت النتائج  ،جزء كبير من القوى الفلسطينية وعبر الممارسات السياسية الفاشلة  تخرج نفسها من معادلات الصراع وبقائها اليوم هو بقاء ذيلي شكلي وضعيف  فالبعض يريد تسويق بقائه وبضاعته الفاسدة على حساب  الحقيقة  التي لا بد وان تنجلي والشعب الفلسطيني بقضيته الواحدة  سيفشل في النهاية محاولات اللعب على خصوصياته لضرب هذه الوحدة وهم  اي المهزومزن الذليون والتابعون ان حاولوا الظهور كاقوياء الا انهم كمطبغون وكحلفاء للاحتلال  الان اضعف من اي وقت مضى   .

2019-04-12