الخميس 5/5/1446 هـ الموافق 07/11/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
نتانياهو :ملك بدون مملكه....د.ناجي صادق شراب

هل ينطبق على نتانياهو حكم ملكة بريطانيا تملك ولا تحكم؟ وعلى الكنيست الإسرائيلي بمجلس العموم الذى يمكنه ان يفعل كل شئ ويغير كل النظام السياسىالبريطانىإلا ان يحول الرجل لمرأة والمرأة لرجل.هذا السؤال فرضته نتائج الانتخابات الأخيرة وفوز نتانياهو بولاية خامسه،وفوز اليمين المتشددبأغلبية 65 مقعدا تسمح له بتمرير اى قانون يريده ،وتراجع قوة اليسار والكتلة العربية . وهذه الانتخابات قد تكون ألأقوى وألأفضل لليكود واليمين، فحزب الليكود في انتخابات 2009 حصل على 19 مقعدا وفى انتخابات انتخابات 20013 حصل على 31 معدا  وفى انتخابات  2015حصل على ثلاثين مقعداوفى هذه الانتخابات حصل على 35 مقعدا تذكرنا بقوة الحزب الواحد التي عاشها حزب العمل حتى انتخابات 1977 التي كسر فيها الليكود إحتكار حزب العمل في تشكيل الحكومات الإسرائيلية... ولقب الملك او الساحر هو اللقب الذى أطلقه عليه مناصريه في حزب الليكود. ولا شك ان فرص النجاح التى قد أتيحت له تفوق ما أتيح للقيادات الصهيونية أمثال هيرتزل وجابوتنسكى وبن جوريونوغولدامائير ورابين وشارون وغيرهم. وسيكتب له في تاريخه الشخصى وتاريخ إسرائيل في يوليو القادم انه رئيس الوزراء الذى حكم أطول فترة حكم ، وهى حالة لا يمكن توقعها في المنظور البعيد للسياسة ألإسرائيلية.وبهذا الفوز يتحكم نتانياهو بمقاليد السلطة كلها في إسرائيل التنفيذية والتشريعية وحتى القضائية من خلال المحكمة العليا، وسيطرته على المؤسسة العسكرية وألأمنية. لكن لهذه السيطرة حدود وقيود ستحول دون أن يشعر نتانياهو انه الملك الوحيد الذى يحكم ويملك. فأولا قدرته في صدور قانون جديد يمنع من محاكمة رئيس الوزراء طيلة فترة حكمه يتهم الفساد التي تنتظر نتانياهو ، وصدور هذا القانون ليس صعبا لكنه يتوقف على تأييد الأحزاب الحريدية شاس وهتورات واللتان تملكان 15 قعدا وبيدهما تحديد مصير نتانياهو ، ولكن الثمنالسياسى سيكون كبيرا فيما يتعلق بالموازانات المالية المخصصة لها، وفى قانون التجنيد للمتدينين ،وألأخطر المطالبة الصريحة والقاطعة بصدور قرار بضم الضفة الغربية على إعتبار من وجهة نظرهما أنها تشكل أرض إسرائيل الكبرى،هذا الثمن السياسيى قد يثير خلافات ومعارضه من بقية الأحزاب التي تشارك في الحكومة القادمة ، وخصوصا إذا شارك حزب ليبرمان  الذى يحرص نتانياهو على بقائه في الحكومة رغم مقاعدة الأربعة. ولقد تمكن اليمين من فرض أيدولوجيته الصهيونية المتشدده على مجمل السياسة الإسرائيلية ، برفض فكرة التسوية السياسية مع الفلسطينيين وإجهاض فكرة حل الدولتين نهائيا، وتقويض أسس النظام السياسى الإسرائيلي الذى كان يتباهى بديموقراطيتة وسط حالة من التخلف الديموقراطىالعربى ، وبروز وهيمنة الأفكار اليمينية والعنصرية ، وزيادة درجة الكراهية نحو العرب والفلسطينيين خصوصا.ولقد كشفت نتائج الانتخابات الواحد والعشرون للكنيست أن الليكود هو الحزب الوحيد الذى بات متغلغلا في كل شرائح المجتمع الإسرائيلي بإستثناء الأقلية العربية في داخل إسرائيل. وحسم بها قوته السياسية التى جعلت الناخب الإسرائيلي يتغاضى عن كل تهم الفساد ، مفضلا فكرة الرجل القوى ،وكشفت عن عمق رؤيته الشعبوية ، ومعارضته لفكرة الدولة الفلسطينية وهو ما يروق للناخب اليمينىوالإستيطانى في إسرائيل.ودعوته الغريبة للجماعات اليمينة النائمة للتصويت لأن العرب يحشدون مناصريهم للذهاب لصناديق الإقتراع. دعوة تحمل في طياتها نزعة شعبويةعنصرية . عرف نتانياهو كيف يثير هذه النزعة الشعبوبة ، وكيف يقويها ويدعمها ، ويوظفها في الانتخابات لأخيرة وهى التي سيعتمد عليها طوال فترة حكمه ويغذيها لتحميه من أي محكمة بتهم الفساد. ورغم قوته وفوزه في الانتخابات تبقى كل الإحتمالات مفتوحه ةوقائمه ،وصحيح أنه لا يوجد في إسرائيل ما يلزم رئيس الوزراء على التنحى من منصبه في حال تقديمه للمحاكمة غير ان هناك أمثلة تؤرق نتانياهو مثل محاكمة رابين عام 1976، ومحاكمة أولمرت عام 2009 والتي سجن على أثرها. وعموما يعتمد نتانياهو على شعبويته التي لم يتمتع بها من سبقه، فالناخب الإسرائيلي لم يعد يعنيه كثيرا فساد الإدارة من نظافتها بقدر ما يعنية الموقف من قضايا التسوية السياسية مع الفلسطينيين، والقضايا الداخلية وقضايا الهوية والعداء للنخب الإشكنازية التي عبر عنها قادة اليسار الوسط مثل حزب أزرق أبيض الذى قادة ثلاثة جنرالات في إسرائيل.ولا يزال يرتبط  اليسارفي ذهن هذا

اليمين بما يسمى معسكر السلام. ، فيسجل لنتانياهو نجاحه في تحقيق إنجازات إقتصاديه  شعر بها المواطن الإسرائيلي ، وتحقيق إنجازات خارجية في علاقاته الإقليمية وفى علاقاته مع إدارة ترامب وبوتين وفى الهند وفى دول أخرى كثيره، وترويجه لنظرية الرجل القوى والشعبويةالجديده التي يمثلها، وهذا موضع مقالتى القادمة نتانياهو ممثل الشعبويةالجديده. وسيبقى نتانياهو ملك بدون مملكه.

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]

 

 

2019-04-25