الشعب الفلسطيني منذ عام ١٩٤٨ وحتى قبل ذلك يعيش في أزمات متلاحقة ، لكنه صامد وكان يضع اسأليب نضالية تتناسب مع الواقع ، ومرت أوقات على شعبنا اكل "التشراديش" وهي الخبز الذي كان يصنع من الشعير ويتم جمعها من روث الحيونات ناهيك عن حياة اللجوء الى حالات القصف لأطفالنا ب اف ١٦ ، لكن هذا الشعب كطائر الفينيق يخرج دوما من تحت الرماد شامخا صلباً .
ما نمر به الان من اخطر وأصعب المراحل ليس ماليا فقط بل سياسيا ، وهجوم امريكي لتصفية القضية الفلسطينية من خلال البدء بتطبيق المشروع الذي اطلقوا عليه صفقة القرن والتي سيتم تطبيق المرحلة الثانية منه من خلال ورشة البحرين وبعد تطبيق المرحلة الاولى بالاعتراف بالقدس عاصمة للمحتلين وإغلاق مكتب منظمة التحرير واعتبارها منظمة ارهابية والتي اعترفوا فيها و وقعت في بيتهم الابيض اتفاقيات السلام وكذلك استهداف الأونروا لانهاء قضية اللاجئين ، وإصدار قانون من الكنيست الاسرائيلي بخصم مستحقات الشهداء والاسرى باعتبار ابطال الحرية إرهابين .
هنا وقفت القيادة الموقف المشرف اما حرية وكرامة وعملية سلام تفضي لدولة مستقلة او البحث عن خيارات اخرى ، فرفضت صفقة القرن وقطعت كافة الاتصالات مع الامريكان واعلنت انهم لم يعودوا وسيطا بل هم طرف منحاز للطرف الاخر و معادي لحقوق شعبنا.
الواقع الحقيقي الان ان شعبنا ليس لديه أزمة مالية جراء خصم مستحقات الاسرى والتي تصل قيمتها لعشرة مليون دولار حيث ان ما حول من دولة قطر الشقيقة وحدها يعالج ذلك خلال هذا العام وبعده ، فقد التزمت بتحويل شهري خمسون مليون دولار لتغطي ثلاثون شهرا قادماً .
البعض سيقول لماذا نرفض المبلغ كاملا للمقاصة ونحن نستطيع ان ندفع الرواتب دون نقص حتى على الاسرى والشهداء ، فالإجابة واضحة القيادة ذاهبة بخياراتها لمواجهة تنصل الطرف الاخر من اتفاقية اسلو وايضا لان في ذلك السماح للاحتلال بالقرصنة المستمرة على أموالنا وعلى الية صرفها وكذلك اعطاءهم اعتراف امام العالم ان أسرانا الابطال إرهابين وبعد ذلك تصدر قانون اخر تعتبر دعم اهلنا في غزة والقدس إرهاباً ثم احياء مناسبة إرهاباً ، وفقط مطلوب منا ان نبقى نعترف بهم وننسق معهم أمنياً التزاما من طرف فلسطين فقط بالاتفاقيات ، وان لا سيادة لنا ولا قرار.
القيادة اخذت قرارها الصلب واعلنت بداية معركتها الجديدة مع نتياهو ، بعد التأكد من تصرفات الامريكان والاحتلال وعلى الارض ، بقبر اتفاقية أوسلو من خلال الإجراءات التي ذكرناها بخصوص القدس واللاجئين ومنظمة التحرير وحل الدولتين والذي لم يذكره ترمب في اي لقاء مع القيادة الفلسطينية في اربع لقاءت مع الرئيس ابو مازن ، وأعلنوها لا حقوق لكم الا ان تكونوا عبيدا لرواتبكم وخبزكم.
ما يحدث الان معركة واشتباك سياسي سيتبعه إجراءات قد تكون اصعب علينا ، لكن فيها حفاظ على الثورة واستمرارها نحو التحرير ، فيها عزة وكرامة ، مثل وقف التنسيق الأمني وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال وغيرها من القرارات التي قد تفجر الاوضاع نحو خيارات اخرى ، سيكون منها ونتيجتها مواجهة بأشكال مختلفة مع العدو يضغ ابناء شعبنا ارواحهم وابناءهم ومعيشتهم رخيصة امام هدف الحرية والاستقلال ، وفِي حال تفجرت الاوضاع اجزم انها ستحتاج الى فترات طويلة لنصل للهدوء والراحة ولكن هذه المرة بعد نيل الحرية والاستقلال .
ما تشهده الساحة الان وبوضوح ليست عجز مالي بل سقف وموقف وطني عالي ، علينا جميعا مواطنين ومؤسسات افرادا وجماعات أحزابا وفصائل ان نتوحد في مواجهة ما بدأت امريكا واسرائيل بتطبيقه لانهاء حلمنا ، واثق ان الشعب الفلسطيني الجبار لن يقول كلمة "اخ" او يتذمر بل سيستمر بالهجوم حتى تحقيق النصر وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس ، وانا حتماً لمنتصرون .