الثلاثاء 7/10/1445 هـ الموافق 16/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الاستغلال الأميركي للنتائج....حمادة فراعنة

 

 لو كان أبو عمار حاضراً لما ترك ورشة المنامة تنعقد بدونه، لقلب الطاولة على رأس الداعين، وأحرج المدعوين، فالعرس تمت دعوته لفلسطين، فانعقد من دون الفلسطينيين وغيابهم، علينا أن نتذكر مؤتمر مدريد في 30 / 10 / 1991 ، فقد فرض بوش وجيمس بيكر شروطاً على مشاركة الفلسطينيين: أولاً أن يكونوا ضمن الوفد الأردني أي أن يكون وفدهم غير مستقل، وثانياً أن لا يمثلوا منظمة التحرير، ومع ذلك حنى أبو عمار رأسه للعاصفة الهوجاء في أعقاب هزيمتين: أولهما هزيمة معسكر أصدقائه، ونهاية الاتحاد السوفيتي، وانتصار معسكر أعدائه الأميركيين والإسرائيليين في الحرب الباردة، وثانيهما هزيمة العرب وتدمير العراق واحتلاله على أثر خطيئة صدام حسين في اجتياح الكويت، واستغل بوش وبيكر نتائج الحرب الباردة ونتائج حرب الخليج ودعوا إلى مؤتمر مدريد بهدف جني المستعمرة الإسرائيلية للنتائج الصافية التي أفرزتها الحرب الباردة وحرب الخليج لصالحهم، ففرضوا شروطاً مجحفة على أبو عمار فقبل بها رغم قسوتها، ولكنه غيّر مسارها لصالحه وهو الذي جلس على الطاولة ووقع اتفاق أوسلو في البيت الأبيض عام 1993.

وفريق ترامب مستغلاً نتائج دمار الربيع العربي التي أكلت ما تبقى من العراق مع سوريا وليبيا واليمن وأضعفت دولا اخرى، وضع سيناريو صفقة العصر بدءاً من يوم 6 / 12 / 2017 ، واعترافه بالقدس عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية وما تلاها من إجراءات، مروراً بورشة المنامة يوم 25 / 6 / 2019 ، وما سيعقبها من آثام وجرائم وانتهاكات، فآثر الفلسطينيون وقيادتهم القطيعة وعدم المشاركة بهدف رفع الغطاء الفلسطيني عن شرعية عملية الانعقاد بعيداً عنهم، والنتائج مفتوحة على كل الاحتمالات.

أبو عمار لو كان حياً لما ترك المنامة بدون المشاركة سواء من قبل منظمة التحرير إذا تمت دعوتها، أو دفع شخصيات مستقلة للمشاركة والحضور ليقولوا كلمة منظمة التحرير ويدافعوا عن حقوق شعبهم، ولو كان حاضراً لما ترك غزة تتغول على المؤسسة الفلسطينية وتستقبل المال والدعم مباشرة من دون موافقة منظمة التحرير، وتصل إلى تفاهمات الجوع والمذلة مع عدوها المتغطرس المتفوق، لقفز إلى غزة واحتمى بحضن شعبه هناك في مواجهة العدو وأزال تفرد حركة حماس وتسلطها على أهل غزة، وحضنهم كما فعل مع أحمد ياسين عام 2000 حينما عاد من كامب ديفيد رافضاً المساومة على القدس واللاجئين.

في كارثة الاجتياح الإسرائيلي إلى لبنان عام 1982 ونتائجه طرح الرئيس الأميركي ريغان مبادرته لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وعلى نتائج الحرب الباردة وحرب الخليج دعا بوش إلى مؤتمر مدريد عام 1991، وعلى أثر الربيع العربي ودماره طرح الرئيس ترامب صفقة العصر عام 2017، وهكذا تتواصل المبادرات والاقتراحات الأميركية مستغلة الكوارث العربية لمصلحة العدو الإسرائيلي، ومع ذلك لم يتعلم الفلسطيني من تجاربه فقد سبق وأن حقق ثلاث نتائج لصالحه بفعل نضاله:

أولاً : استعادة الهوية الفلسطينية وولادة منظمة التحرير وانتزاعها حق التمثيل، والإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني عربياً ودولياً.

ثانياً اتفاق أوسلو والعودة إلى الوطن وولادة السلطة كمقدمة لقيام الدولة على أرض فلسطين بفعل الانتفاضة الأولى عام 1987.

ثالثاً رحيل الاحتلال عن غزة بعد فكفكة المستوطنات وإزا لة قواعد جيش الاحتلال عام 2005 بفعل ضربات الانتفاضة الثانية عام 2000.

إنجازات تراكمية مهمة سجل المعارضون ملاحظاتهم عليها وقد تكون انتقاداتهم صحيحة، ولكن النتيجة أن أفعال الفلسطينيين في محطاتهم الثلاثة : الأولى خارج فلسطين والثانية والثالثة من داخل فلسطين، تدلل بالملموس أن النضال، والنضال وحده مقروناً بالوحدة بين مختلف المكونات والفصائل والشخصيات الفلسطينية هو الطريق السالك فقط، وهو الأداة الفاعلة لتحقيق النتائج وانتزاع المكاسب من قلب الوحش الإسرائيلي المتفوق، ذلك هو الدرس، تلك هي النتيجة، ولا أمل لفلسطين بغيرها.

2019-06-29