الثلاثاء 11/10/1444 هـ الموافق 02/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
كيف يتم رسم ملامح المشهد الأدبي النسوي في البلاد؟... د. روزلاند كريم دعيم

من أجل الإجابة عن هذا السؤال علينا أن نأخذ بعين الاعتبار عدة متغيرات غير ثابتة، مثل: مفهوم الجانر ونشأته وتطوره ونقاء النوع، مفهوم النسوية بحسب التيارات المختلفة، تطور المناهج النقدية وتنوع قضايا المجتمع في حقب زمنية مختلفة.

وتنبثق عن هذا السؤال عدة أسئلة:

من يكتب هذا الأدب؟ هل هو الرجل أم المرأة؟

ما هو مضمون هذا الأدب وماذا يعالج؟

هل يعنى بالقضايا اليومية الحياتية الاجتماعية؟

أم يعالج القضايا المصيرية والتاريخية والجوهرية والنضالية والإنسانية؟

هل يعبر عن قضية نسوية حادة وعميقة وجادة؟

هل يعنى بحركة نضالية أو حركة تغيير؟

هل يعالج قضايا المجتمع المقهور؟ وما هو الجوهر وراء التسمية؟

هل ما تكتبه المرأة أكثر عمقًا وصدقًا في القضايا المرتبطة بها؟

هل يختلف الشكل الفني لو اختلف جنس المؤلف؟

هذه الأسئلة وغيرها تشكل حجر الأساس لدراسة أدب المرأة أو الأدب النسوي بتسمياته وتوجهاته وتياراته المختلفة.

ولكن، مما لا شك فيه أن الأدب النسوي (بتسمياته) يجب أن يقاس بمعايير فنية وشكلية وبنيوية ولغوية. 

الأدب المنشود يجب أن يكون أدبًا جيدًا بالدرجة الأولى دون الالتفات إلى من يقف وراءه.

ونعود إلى السؤال الرئيسي:

من يرسم عالم الأدب النسوي والمشهد الأدبي النسوي؟

1. المؤسسات الرسمية والحزبية والأهلية والاجتماعية؛ الصحف الحزبية، دور النشر، النوادي الثقافية غيرها. فمن تربطها علاقة رسمية أو شخصية من جمهور الكاتبات قد تحصل على ترويج ونشر ودعم. وهذه المؤسسات قد تكون لها اليد الطولى أيضًا في إبعاد أو إقصاء أشخاص معينين دون غيرهم، لا بل وتهميشهم.

2. الوزارات والسلطة الرسمية؛ وكل من له علاقة طيبة أو قريبة من مركز السلطة بأفرادها ومؤسساتها.

3. الحركة الأدبية الأكاديمية؛ وهي التي تختار أسماء الكاتبات لبحث إنتاجها وترويجه، تختار الباحثات وربما الباحثين في مؤتمراتها الأدبية، وهي بذلك تتحكم بنظرية التلقي وتدخل وسيطًا بين الكاتب والمتلقي.  فهل هذه الحركة تعتمد معايير أدبية فنية نقدية وبحثية خالصة، أم لاعتباراتها الشخصية وأذواقها الذاتية دور في رسم معالم المشهد الدبي النسوي وتحديد هوية الكاتبات وتصنيفهن في فئات.

ومما يجدر التنويه إليه إلى أن التغيير المجتمعي قد يؤثر على طريقة عرض القضايا المرتبطة بعالم المرأة بأشكال منسجمة مع الواقع الجديد، فما كان ملائمًا قبل عقود قد يكون غير مطروح للنقاش اليوم.

وخلاصة القول، لتكن التسمية مهما كانت أنا أوافق وأدعم احتواء الكاتبات الجادات ودعمهن وتوجيههن وأنا مع دعم كل من تملك قدرة أدبية لغوية فنية وفكرًا نقيًّا ولكني لست مع التمييز المصحح ولا مع تقديم التنازلات الفنية الأدبية بكل مركباتها.

 

2019-07-12