في سابقة ربما هي الأولى من نوعها، اعتذرت اسرائيل، عن قيام وحدة من جيشها المرابط على الحدود مع قطاع غزة بقتل احد عناصر كتائب الشهيد عز الدين القسام ،الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية حماس يوم الخميس الماضي مؤكدة على حد زعم الناطق بلسان جيشها ان الحادث نجم عن سوء فهم ولم يكن مقصودا.
هذا الاعتذار اعتبره المراقبون السياسيون أمرا غير مألوف سيما انه سبق للجيش الاسرائيلي ان ارتكب العديد من المجازر وعمليات الاغتيال والقتل التي ذهب ضحيتها مئات الاف الفلسطينيين والعرب بين شهيد وجريح ،ومنهم أسرى من أفراد الجيش المصري ،في حرب الخامس من حزيران عام ١٩٦٧،من دون ان يطرف لها جفن ومن دون ان يكون مطروحا على اجندتها حتى مجرد التفكير باي شكل من أشكال الاعتذار، فما بالذي دفع بمتغطرس مثل نتنياهو الى تقديم هذا الاعتذار،؟ وهو الذي كان يهدد قبل يومين اد بقصف ايران ويواصل بغطرسة قصف سوريا كلما رأى ذلك ضروريا
قبل الاجابة على هذا السؤال لا بد من الاشارة الى ان المحلل العسكري في صحيفة (يديعوت احرونوت) واسعة الانتشار "يوسي يهوشع" راى في عدد الجمعة الماضي من الصحيفة بان اعتذار الجيش ليس بسيطا ولكنه يعبر عن حقيقة معقدة وهي ان قوة الردع الاسرائيلية تتأكل مشيرا إلى أن حماس هي التي باتت اليوم تضع قواعد اللعبة واسرائيل هي التي ترسل لها الرسائل بانها لا تريد الحرب
واشارت مصادر اسرائيلية بان حكومة نتنياهو
تكتف بهذا الاعتذار فطلبت من السيسي كعادتها بعد كل جريمة ترتكبها بحق القطاع المحاصر ، إرسال وفد من المخابرات العامة المصرية الى قطاع غزة، على. جناح السرعة، طالبة منه التوسط لدى حركة حماس وبذل أقصى الضغوط ، على قيادتها السياسية لمنع كتائب عز الدين القيام من تنفيذ الرد الذي وعدت به على جريمة الاغتيال.
وكعادتها عند حدوث نذر تصعيد عسكري او بعد
فقد حملت الوسيط المصري رسائل متناقضة،ففي الوقت الذي اكدت فيه بانه لا نية لديها للدخول في مواجهة عسكرية مع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة فقد هددت عبر نفس الوسيط ، بان الرد سوف يكون في حال اصرار كتائب القسام على تنفيذ تهديدها بالثأر لاستشهاد عنصرها ساحقا وقد يصل إلى حد تنفيذ عملية عسكرية واسعة اسوة بما حدث في مثل هذا الشهر من عام ٢٠١٤ من عدوان على قطاع غزة..
ولكن مشكلة نتنياهو التي يفهمها المحللون السياسيون والعسكريين ومعهم خصومه السياسييون، وكذلك بطبيعة الحال المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ان فلمه بات محروقا،اي بمعنى ان جميع اولائك يفهمون بانه لا يستطيع الذهاب الى الحرب لحل مشكلة اسرائيل ومشاكله الشخصية لا مع غزة ولا مع غيرها من اطراف محور المقاومة .
وهذا ما عبر عنه عضو المكتب السياسي في'حركة حماس فتحي حماد عندما اكد في ختام فعاليات مسيرة العودة التي جرت امس على حدود قطاع غزة بان حماس سوف تثار لدماء شهيدها رغم الوساطة المصرية بل وذهبت إلى أبعد من ذلك حيث أمهل حكومة نتنياهو اسبوعا واحدا ينتهي مساء يوم الجمعة القادم لتطبيق التفاهات التي تم التوصل اليها واذا لم تنفذ' فان أبواب جهنم سوف تفتح عليها.
وعلى هذا الضوء فان نتنياهو وهذه قناعتنا بات في ورطة حقيقية فهو لا يستطيع الذهاب لا الى حرب مع غزة ولا حتى الى مواجهة محدودة معها سيما وأن انتخابات الكنيست المبكرة في السابع عشر من أيلول سبتمبر القادم باتت على الأبواب وعودة ايهود باراك الى الحياة السياسية اعاد خلط الأوراق واي خطأ في الحسابات كحدوث مواجهة عسكرية حماس' تنتهي باتفاق تهدئة مذل لاسرائيل قد يطيح به في الانتخابات القادمة
لذلك فان الاعتقاد يساورني بان نتنياهو سيجد نفسه مضطرا لتقديم تنازلات لغزة حتى لو حدث نوع من التصعيد المدروس او التصعيد تحت السيطرة في قادم الأيام.