الأربعاء 4/11/1444 هـ الموافق 24/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
لإيران الحق بامتلاك السلاح النووي ....عبد الستار قاسم

إذا كان هناك دولة واحدة في العالم تمتلك السلاح النووي، فإن لكل دولة على وجه الأرض الحق بامتلاك السلاح النووي. وإذا كان هناك من يمتلك أسلحة الدمار الشامل فإن هذه الأسلحة ليست محرمة على أحد. كل شخص وكل دولة وكل جمعية وتنظيم له الحق بالدفاع عن نفسه/ا، ولا يحق لأحد أن يكون وصيا على العالم ويوزع شهادات امتلاك كيفما يشاء بخاصة إذا كان جهة مارقة لا أخلاقية متوحشة مثل الولايات المتحدة الأمريكية. الدول الكبرى التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية تفرض نفسها على العالم، وهي التي وضعت المواثيق الدولية، وهي التي صاغت المعاهدات الدولية، ودائما القوي الذي يضع القانون، ويضعه بالطريقة التي يراها مناسبة لمصالحه. أرادت الدول المنتصرة أن تحتكر القوة، وأن تحتكر السلاح الفتاك وقررت أن الأسلحة النووية من اختصاصها فقط واختصاص من يروق لها من الدول.

هناك دول تمتلك السلاح النووي من خارج إطار الدول المنتصرة مثل الهند وباكستان وكوريا الشمالية والكيان الصهيوني. صمت العالم صمت أهل القبور عن تطوير الصهاينة للسلاح النووي، ولم تأت دول الاستعمار على ذكر النشاطات الصهيونية النووية، ولا على وجود قنابل ذرية لديها والصواريخ التي تحمل الرؤوس النووية. لا يوجد لدينا وثائق حول تجارب الصهاينة النووية، لكن التسريبات العلمية والإعلامية تؤكد امتلاك الصهاينة للسلاح النووي. صمت العالم على تطوير القدرات النووية الصهيونية بمن فيهم الأنظمة العربية الخسيسة الساقطة التي وقعت على معاهدة عدم انتشار السلاح النووي بدون شروط، وبدون إلزام الصهاينة بالمعاهدة وتوظيف وكالة الطاقة الذرية الدولية للتفتيش النووي داخل الكيان الصهيوني. ومطلوب من إيران الانسحاب من المعاهدة لغاية توقيع إسرائيل عليها، وقيام وكالة الطاقة الذرية الدولية بالتفتيش عن النشاطات النووية الإسرائيلية وتدمير منشآتها وأسلحتها النووية.

أمريكا وإسرائيل تمتلكان السلاح النووي، وهما دولتان معتديتان عدوانيتان مارقتان ولا تقيمان وزنا لقيمة أخلاقية أو اعتبارات إنسانية. الصهاينة يكترثون فقط بأمنهم حتى لو كان في ذلك تهديد للسلم العالمي، والأمريكيون يهتمون بأرباحهم حتى لو جاعت الشعوب. الصهاينة يحتلون فلسطين ومقدسات العرب والمسلمين ويدنسون الأماكن المقدسة، وهم يشردون ملايين الفلسطينيين ويمنعونهم من العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، وهم يعرضون الأمن العالمي باستمرار للخطر، ولولا وجودهم لما كانت المنطقة العربية لتشهد كل هذه الحروب والدمار والهلاك. أما أمريكا فدولة جشعة استعمارية مصاصة لدماء الشعوب وثرواتهم. وسبق لها أن استعملت القنابل النووية ضد اليابان، واستعملت كل أساليب التدمير ضد فياتنام وعملت على تحويلها إلى صحراء قاحلة، وهي التي هددت بشطب كوريا الشمالية من خريطة العالم، وهي التي تهدد إيران بالتغييب عن الساحة الدولية، وهي التي تمارس إرهاب الحصار الاقتصادي ضد عدد من الدول.

أمريكا وإسرائيل دولتان غير مسؤوليتين وهما لا تقيمان اعتبارا لمعايير أخلاقية أو إنسانية، وهما مصدر التهديد الأول للأمن والسلم العالميين. تقول إسرائيل وأمريكا إن إيران دولة غير مسؤولة وهي تدعم الإرهاب، ويجب عدم السماح لها بامتلاك السلاح النووي. والحق أن إسرائيل وأمريكا أكبر داعمين للإرهاب العالمي. إسرائيل دولة تحتل أرض الغير وتشرد الشعب وهذا هو الإرهاب بعينه. إسرائيل دولة إرهاب، والاحتلال بالتعريف إرهاب. أما أمريكا فشريك أساسي في تشكيل تنظيمات إرهابية في المنطقة العربية الإسلامية. أمريكا هي التي شاركت السعودية وإسرائيل في تمويل وتسليح التنظيمات الإرهابية. وأمريكا هي التي تدعم أنظمة الاستبداد العربي وتحمي هذه الأنظمة الإرهابية. أغلب الأنظمة العربية إرهابية وكل من يدعمها إرهابي. وعند الحديث ضد الإرهاب، أمريكا وإسرائيل آخر من يحق لهما الحديث في هذا المضمار.

امتلاك السلاح النووي واجب ديني إسلامي ليس بهدف العدوان وإنما بهدف الدفاع. العدوان في الإسلام محرم، ولا يحق لمسلم أن يعتدي على أحد، لكن الله يأمر المسلمين بالدفاع عن أنفسهم. امتلاك السلاح النووي مسألة دفاعية من الزاوية الإسلامية. إيران مستهدفة من قبل الدول الاستعمارية: بريطانيا وأمريكا وفرنسا، وهي مستهدفة بقوة من قبل الكيان الصهيوني وبعض الأنظمة العربية مثل السعودية، ولهذا من واجبها الديني الإسلامي أن تطور قدراتها العسكرية لتكون قادرة على ردع الأعداء واعتداءاتهم. مفهوم أن الظرف الدولي الآن لا يسمح بعلنية تطوير السلاح النووي، لكن إعداد البنية التحتية للإنتاج النووي واجب إسلامي.

ليس مطلوبا من المسلمين تصعير خدودهم للآخرين، وإنما مطلوب منهم أن يكونوا أقوياء مناصرين للحق رادعين للظالمين.

2019-07-15