الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
رجل وطني وموقف مُشرف....محمود كعوش

محمد السعودي...رجل وطني وموقف مشرف

تحية شكر وامتنان لرئيس بلدية مدينة صيدا اللبنانية محمد السعودي على موقفه إلى جانب اللاجئين الفلسطينيين ضد إجراءات وزير العمل "القواتي كميل أبو سليمان

 

أبدى رئيس بلدية صيدا في جنوب لبنان السيد محمد السعودي موقفاً وطنياً لافتاً عندما أيد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان منذ 71 عاما، في تحركاتهم ضد إجراءات وزير العمل اللبناني ووزارته بخصوص العمالة الفلسطينية في هذا البلد الشقيق.

جاء موقف السعودي الذي تميز عن مواقف الكثير من الوطنيين اللبنانيين خلال افتتاح فاعليات بطولة الخان الدولية للكيوكوشنكاي في خان الإفرنج، والتي تم تنظيمها ضمن فاعليات مهرجان بلدية صيدا والشبكة الرياضية في العشرين من الشهر الجاري.

يومها اعتبر رئيس بلدية صيدا، أن ما يحصل في صيدا هو نتيجة قرارات وزارة العمل في لبنان المتعلقة بتنظيم العمالة يشكل ضربة كبيرة للمدينة، و"نحن في صيدا لا نفرق بين لبناني أو فلسطيني، وعدد اللبنانيين يكاد يكون قريباً من عدد الفلسطينيين ويمكن عدد الفلسطينيين أكثر. هم في قلبنا ويجب ان يأخذوا حقوقهم كاملة وليس فقط ما يطالبون به بل يجب ان يعطوهم حق التملك. هم موجودون عندنا من 70 عاما وجميعم ولدوا في مدينة صيدا وما يزال هناك من ينظر لهم كلاجئين! ... لا ..هم أهل البلد وأسياد البلد في صيدا".

لا شك أن موقف السعودي كان لافتاً جداً، وكان من الطبيعي أن يحظى بتأييد وترحيب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إلا أنه بالمقلب الآخر كان من شأنه أن يثير ضجة مدوية وخلافات في الأوساط السياسية والحزبية والشعبية في لبنان، خاصة تلك التي تقف موقفاً عدائياً منهم، والتي ما برحت تعبر عن ذلك العداء منذ توقيع "اتفاقية القاهرة" بين السلطة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية التي رعاها الزعيم العربي الكبير الراحل جمال عبد الناصر في عام 1969. وهي ذات الأوساط التي استقوت بالعدو الصهيوني في حروب متعددة شنتها ضد المخيمات الفلسطينية، بدءاً بمخيم "تل الزعتر" وانتهاءً بصبرا وشاتيلا، تارة بذريعة عدم موافقتها على "اتفاق القاهرة" والعمل على إسقاطه، وطوراً بذرية "التوطين" و"الإخلال بالتوازن الطائفي" وذرائع أخرى عديدة.

لذا لم يكن مستهجناً أن تتطوع أبواق إعلامية لبنانية حاقدة لشن حملة مسعورة ضد السيد السعودي والتواجد الفلسطيني في لبنان وبالأخص في مدينته صيدا، وتصريحاته بخصوص العمالة الفلسطينية وإجراءات وزارة العمل اللبنانية بحق اللاجئين الفلسطينيين، التي اعتبرتها تلك الأبواق زوراً وبهتاناً مؤيدة للاجئين الفلسطينيين "على حساب المصلحة الوطنية اللبنانية".

ولم يكن مستهجناً أن يكون الإعلامي جوزيف أبو فاضل واحداً من تلك الأبواق، فهو معروف بحرصه على أن يكون له "في كل عرس قرص" من باب الحفاظ على بقائه في الصورة، بغض النظر عما إذا كان على حق أو باطل. ولم يكن مستهجناً أيضاً ذلك الأسلوب "الشوارعي" الحاقد وغير المتوازن الذي استعمله في هجومه على اللاجئين الفلسطينيين والسيد السعودي ومن يمثل في صيدا على حد سواء، وهو أسلوب لطالما عرفته عنه وسائل الإعلام اللبنانية التي اعتاد أن يظهر من خلال شاشاتها، خاصة محطات التلفزة مثل "الجديد" و"otv" و"mtv" التي كانت منبره الذي تعرض من خلاله للسعودي وللاجئين الفلسطينيين.

لا عتب على جوزيف أبو فاضل وأمثاله من الإعلاميين المعروفين بعنصريتهم في لبنان لأن خلفياتهم السياسية تردهم إلى أصولهم الحقيقية كلما استدعى الأمر ذلك، وكلما طُلب منهم ذلك لأغراض شخصية ولغايات "في نفس يعقوب"، وتخفيهم خلف يافطات سياسية وطنية مزعومة مثل تأييدهم لنهج المقاومة وبعض الأقطار العربية التي تخوض معارك ضارية ضد الإرهاب الأصولي لا يغطي خلفياتهم السياسية اليمينة، الإنعزالية، العنصرية.

تحية محبة وشكر وامتنان للسيد محمد السعودي ومواقفه الوطنية والعروبية التي عُرف بها منذ زمن بعيد، حتى قبل أن يصبح رئيساً لبلدية صيدا.

وتحية محبة وشكر لأبناء مدينة صيدا الوطنيين الأحرار وللتآخي اللبناني الفلسطيني الذي عادة ما تعبر عنه مدينة صيدا. وتحية إلى كل الوطنيين اللبنانيين الذين يبدون محبتهم وتعاطفهم مع اللاجئين الفلسطينيين وقضيتهم العادلة.

وأخيراً من المهم التأكيد للمرة المليون أن الفلسطينيين في لبنان وفي كل مكان في الوطن العربي وديار الشتات يتمسكون بحق العودة ويرفضون التوطين على كل أشكاله ولا يرضون بديلاً لأرض الرباط.

 

محمود كعوش

كاتب وباحث فلسطيني مقيم بالدنمارك

[email protected]      

2019-07-27