السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
إلى شعب 'الفايسبوك' وكل شرفاء الوطن العربي...الطاهر العبيدي

والدتي الحاجّة " فاطمة العبيدي" أيها الناس لمدّة عشرين سنة، وبحسابها هي "أربعين سنة بين الليل والنهار"
هذه الأم أيها السادة لمدة عشرين سنة، كل صباح تعتلي سطح بيتنا لتطعم العصافير الجالية، وتحكي معهم لساعات طويلة فتقول لهم علنا " يا عصافير أنتم قريبون من رب العالمين، "أدعوا الله معايا
يرجعلي ولدي، ويهمّل زيد العابدين بن علي اللي حرمني من ولدي الوحيد، عيني اللي نشوف بيها..." وتظل تتوسّل للعصافير بالقول: " يا عصافير السماء يا حمام غار حراء التي حفظت رسول الله دعوتكم مقبولة، أطلبوا ربي يرجّعلي كبدتي اللي حرمني
منها بن علي، الله يحرمو  من قبر في بلادو"..
"يا عصافير السماء أنتم ما تحتاجوا باسبورات ولا فيزا، روحوا طلّوا  على الطاهر وليدي شوفوه متغطي والا عريان، قالولي باريس باردة وجليدة"
" يا عصافير السماء أنتم قراب من ربي
  اطلبوا معايا اللي ما ينام الليل يردلي ولدي الطاهر، ويهمّل زين العابدين بن علي اللي..."

لتظل هذه الأم أيها السادة لمدة عشرين سنة على هذه الحال، وأسألوا كل جيران الحي والأهل كلهم سيخبروكم بمصداقية هذه القصة، وما قاسته هذه الأم المكلومة، نتيجة حرمانها بالغياب القسري من إبنها الوحيد..

والدتي هذه أيها السادة لما رجعت من المنفى بعد عشرين سنة يوم 5 مارس2011،عانقتها بحرارة في المطار، ومن وقع صدمة الفرحة فقدت ذاكرتها نهائيا وإلى الأبد، ولم يبق في ذهنها سوى "وليدي وينو ما جاش لتو"

لمن يمجّدون الطغاة أحياء أو أموات، ويرون فيهم مثلا أسوق لهم هذه القصة الواقعية، من معاناة جدا مختصرة، لإحدى أمهات تونس زمن حكم زين العابدين بن علي..

صحفي وكاتب تونسي مقيم باريس

2019-10-06