الجمعة 21/10/1444 هـ الموافق 12/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
انتقاء رؤساء أمريكا حسب المرحلة....د. أحمد رمضان لافى

  ازدحمت المكتبات العربية بالكثير من الكتب والدراسات والمقالات التى تناولت المواقف الأمريكية تجاه الصراع العربى الاسرئيلي , وامتلأت الفضائيات بالتحليل والتوصيف, وجميعها اتفقت على أن السياسة الامريكية ثابتة تجاه الصراع , وتتمثل فى الحفاظ على أمن اسرائيل وتفوقها العسكرى فى المنطقة , وخلق الصراعات وفى نفس الوقت العمل على ادارتها , وتتغير السياسة الامريكية فقط بالوسائل والأساليب حسب ما تقتضيه المرحلة واحتياجاتها, ضاربة بعرض الحائط كل الأعراف والمواثيق الدولية . إذاَ ما الذى ستضيفه هذه المقالة؟ وماهو الجديد؟ ولكى لا نطيل وفى هذه العجالة سنسلط الضوء على بعض المراحل التى شهدت العلاقة بين الفلسطينيين والإدارات الأمريكية اتصالاَ مباشراَ وعلى أعلى المستويات, ولنبدأ فترة الرئيس "كلنتون" , فمنذ اعلان اتفاق اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة اسرائيل, وقد لاقت هذه الخطوة ترحيباَ كبيراَ فى جميع المحافل الدولية وكانت ادارة كلنتون قد استحوذت على ادارة العملية وقدمت المساعدات الآمنية والمالية للسلطة الفلسطينية وكان للمساعدات والمنح الامنية النصيب الأكبر لهذه المساعدات لأنها تلبى الاحتياجات الأمنية الاسرائيلية , ثم قيام الرئيس كلنتون شخصيا بافتتاح مطار غزة الدولى أمام العالم  وهى رسالة تؤكد الاستحواذ الامريكى للمشروع السياسى الذى يخدم مصلحتها فى حينه, ولكن عندما جاءت لحظة الحقيقة وفى مفاوضات كامب ديفيد الثانية وفى صيف 2000 اصطدمت ادارة كلنتون بالمواقف الفلسطينية الثابتة حول كافة القضايا وعندها قاموا بتحميل الفشل للراحل "ياسر عرفات", وسلمت ادارة كلنتون الملف بكل مافيه من وجهة نظر صهيونية الى ادارة جاء رئيسها رغم أنف أمه التى كانت أول المعترضين عليه متهمة اياه بالخمور والقمار وهو لا يفقه شيئا, فجائت ادارة "بوش الابن " بمجموعة من المتطرفين وأصحاب الشركات العالمية وقاموا بتوظيف السياسة بما يخدم مصالحهم الاقتصادية والمالية, متسلحين ببعض المؤثرات التى لعبت دوراَ بارزا في ممارسة تلك السياسة مثل هجمات 11 سبتمبر 2001 التى اطاحت بالهيبة الامريكية والتى تدور الشكوك حولها ومن يقف خلفها,, مما اعطى عصابة البيت الابيض قوة دفع باعلان الحرب على كل شى , وقاموا باحتلال العراق بمساعدة الفرس وغيرهم ,وكان اكبر الخاسرين الانتفاضة الفلسطينية و"ياسر عرفات "باعتباره متهم من قبل ":شارون وبوش الابن " حيث اعطى الاخير "شارون" ضوءَ اخضر باغتياله , ولم تغادر ادارة "بوش" الا بعد طرح مشروع "الفوضى الخلاقة" التى قدمته "كونداليزارايس" والذى يهدف من وجهة نظرها الى دمقرطة المنطقة العربية والتى ما زالت نيرانها تلتهم المنطقة , ثم جائت ادارة " باراك أوباما" ذات الأصول الإسلامية ليكمل ما برنامج رايس واستحضار الاسلام السياسى لتًعُم الفوضى الغير خلاقة, حيث لم يبقى جزء من الأراضى العربية ألا والتهب اشتعالاَ بحجج مختلفة ,

 

 

وبهذه الصورة استحضرت القوة الخفية شخصية تعتبر الأكثر جدلية فى التاريخ السياسى الأمريكي  "ترامب الشاذ" والأكثر جرأة فى الوقاحة فكانت الطريق معبدة ليسلك مسلكاَ لا لبس فيه , فنقل السفارة الأمريكية الى القدس, وأوقف الدعم المالى لوكالة الغوث واليوم يخرج وزير خارجيته ليعلن رسمياَ بأن الإستيطان الإسرائيلى فى الأرضى المحتلة لا يتعارض مع القانون الدولى.

خلاصة القول ... إن القوة الخفية التى تحكم وتتحكم فى صنع السياسة الأمريكية تجاه الصراع مع اسرائيل تقوم بصناعة الشخص المناسب للمرحلة شكلاَ ومضموناَ... فكلنتون.. كان من الاشخاص الودودين لما شهدت فترته انفتاح وأمل, أما بوش الابن فكان مُنًفّراَ لما  شهدت فترته الحرب على "الارهاب" حسب  تصنيفهم وكرهه لياسر عرفات,, أما أوباما الذى أعطى وصوله بعض الأمل  للكثير من المراقبين بسبب خلفيته التاريخية المرتبظة بالإسلام إلا إنه فى عهده كانت الكوارث, وأخيرا جاؤوا بشخصية ترامب الذى لم يعد باستطاعة المحللين السياسيين والنفسيين قراءة وتوقع ما الذى سيقدم عليه فى كل صباح.

[email protected]

2019-11-19