الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
'صَغيرتــي الكَبيــرة'....فراس ياغي

 أيقظتنـي بجاذبيـةِ ريشـةِ نَعامَتـها، فَصحَـوْتُ على بسـماتٍ زهيـةٍ كُنْـتُ في حلـمِ الإشـتياقِ لِرُؤْيَتـها والإسْـتِئناسِ بـها وفيـها...بَـادرتْ عَينـايَ الناعِسـَتين برقصـةٍ صباحيـةٍ منتشـيةٍ بِكافــينِ تِلْكَ البسـمةِ...حَبيبتـي كَــبُرتْ ونَضجَـتْ وخَطَـتْ سُـلّمَها بِخُطـوةِ سُـكونِ الفَـراغِ المُـطْمــَئِن لِطَبيعَتـهِ الكَوْنيّـةِ حَيْـثُ الصْـانِـعُ لا يُخْطـيءَ صُنْعَــه.

مَسكَتْ يَـدَيَّ وقَـادَتْنـي فـي مَتـاهـاتِ تِـلكَ الغـابـةِ الـمليئـةِ بِمـلاييـنِ الشـجراتِ والشـجيراتِ...وَقَفـتْ أَمـامَ الصُـنَوْبَر وهَمَسـتْ فـي أُذنِـها، فإهتـزّ غُصْـنَها رافعـاً يَـدَيّـه حامـداً وشـاكراً...حَيّتْـها، وإسـتَمرتْ بِنشـوَةِ المُنْتصـر...تَـوَقفَـتْ، فـوَقَفْـتُ مَعـها، نَظَـرتْ، فَـرأَيّـت الـبلّـوط يَـنْتَشـي ويَـهْمـس للـزَعـرور بإسـمها، فـإنْطَـلقَـتْ زَقْـزَقـات العَصـافيـر وتـَحَركـت مُـوسيقـى النَسَـمَات الـهوائِيّـة فَـرَقَـص الـفِطْـر مُـتَمايِـلاً ومُـرَحِـباً وإنْبَـعَثَـتْ رَوائِـحَ وَرديَـةً لـها مَـذاقٌ تِـبْريـزِيٌ فـيهِ نَـفْـسٌ مُـطْمَئِنْـةٌ.

صَـعَدتْ صَـغيـرَتـِي الـكَبيـرةِ تَـلّةٍ فـي وَسـطِ غَـابَتُـها، وَنَـظَـرتْ شَـجراتِ وَشُـجَيْـراتِ وُورودِ غَـابَتُـها وَنَـفَخَـتْ عِـطْرَهـا كَـلمـاتٍ غَيْـرَ مَـكْتـوبـةٍ، وَلا مَـنْطـوقَـةٍ، وَلا مَـقروءَةٍ، فَـصَفّـقَ الـجَميـعُ وَفَـهِموا تِـلكَ الـخُطْبَـةِ، لأَنّهُـم رَأوْا فِـعْلاً وَلَـمْ يَسْـمَعـوا كَـلِمَةً، فَـصَـغِيـرَتْـي تَـجـاوَزَتْ مَـرْحَـلَـةَ  الـنَفّـسِ اللّـوْامَـةِ.

2020-02-28