الخميس 13/10/1444 هـ الموافق 04/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
المعنى التاريخي للصهيونية ( 1).... تميم منصور

اسم الصهيونية مشتق من لفظ صهيون ، وهي كلمة كنعانية اطلقت على اسم حصن كان قائماً على جبل شرقي القدس القديمة قبل أن يسيطر عليها رجال الملك داوود هذا ما ذكره حمزة عمر الفاروقي في كتابه " ضياع فلسطين " أما يعقوب كامل الدجاني في كتابه " فلسطين واليهود " فقد  كتب ان صهيون اسم تلة تقع في القدس كان قد أقام عليها اليبوسيون حصناً قبل ظهور بني اسرائيل .

اما في كتاب العهد القديم ، فيشير إلى أن جبل صهيون، هو احدى التلال الشرقية التابعة لمدينة القدس ، والتي سيطر عليها الملك داوود ، وأسس عليها عاصمة مُلكه – انظر الاصحاح الخامس من سفر صموئيل – هذا ما يشير اليه أكثر الباحثين.

 تنبع اهمية جبل صهيون  من الوجهة الدينية يعود الى اعتقاد البعض بأن هذا الجبل موطن الآلهة " يَهوة " وهذا الاله يدير شؤونه وشؤون القدس من فوق هذا الجبل .

في العهد الجديد " الانجيل " فإن ذكر جبل صهيون قليل جداً إلا ان ذكره ورد بكثرة في الأدبيات المسيحية التي اشارت بغالبيتها الى أهمية مدينة القدس الدينية .

تقع تلة صهيون خارج اسوار القدس القديمة ، وتطل على قرية سلوان وعين السلطان ، أما قدسيتها فتعود الى وجود غرفة العشاء السري للسيد المسيح ، ويوجد بها الكثير من الارساليات النصرانية والاماكن الدينية المسيحية ، ويتواجد فيها ضريح الشيخ العّلامة " محمد المنسي " الذي رافق الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب ، عندما وفد الى القدس لتسليمها صلحاً عام 636 م .

تذكر المصادر الفلسطينية ان جميع الأراضي الواقعة في تلة صهيون هي ملك عائلة الدجاني الفلسطينية ، ولم يُفرط بذرة تراب واحدة منها ، هذا ما ورد في كتاب " فلسطين واليهود " للكاتبة " لينا يعقوب الدجاني .

ظهرت الصهيونية على مسرح اوروبا السياسي كأيديولوجية سياسية شاملة وحركة سياسية منظمة في أواخر القرن التاسع عشر، لكنها كفكرة ظهرت قبل ذلك بثلاثة قرون على الأقل ، أي قبل انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول ، ومن الحقائق المسلم بها أن الفكر اليهودي في القرن التاسع عشر كان معادياً للصهيونية بشكل عام ، لأنه كان يرتكز على الاصلاح الديني ، ومن وجهة نظر هذا الفكر ، فإن الصهيونية لا تربط بين الدين والقومية ، وهي أي الصهيونية تعارض الرأي التلمودي القائل بأن القوانين التي يجب اطاعتها " هي قوانين البلاد التي يعيش بها اليهود "  وكانت اليهودية التقليدية تعارض علمانية اليهودية السياسية. 

لم يكن في الفكر الكاثوليكي التقليدي قبل قيام الاصلاح الديني ، أدنى مكان لاحتمال العودة اليهودية الى فلسطين ، أو أية فكرة عن وجود الأمة اليهودية ، الكاثوليكية  تعتقد ان اليهود اقترفوا اثماً فطردهم الله من بابل وبذلك انتهى وجود ما يسمى الأمة اليهودية .

بعد حركة الاصلاح الديني البروتستانتية عادت من جديد فكرة أو اسطورة أرض الميعاد بهذا يمكن القول أن حركة الاصلاح الديني البروتستانتية  أتاحت الفرصة للنهضة اليهودية القومية ونادت بعودة اليهودية القومية الى فلسطين .

بالرغم من ذلك بقيت الصهيونية فكرة معزولة عن جماهير اليهود حتى عام 1881 وفي هذه السنة وقعت مذابح ضد اليهود في روسيا بسبب ثبوت مشاركة بعض الشباب اليهود باغتيال القيصر الروسي " اسكندر الثاني " الذي بذل قصارى جهده لمساعدتهم والعمل على اندماجهم داخل المجتمع الروسي وتوفير كافة الحقوق لهم .

ادت هذه المجازر الى زيادة نمو الشعور لدى العديد من التنظيمات اليهودية التي تبنت الفكر الصهيوني ، مثل حركة " محبي صهيون " وحركة " البيلو " فقد ادعت هذه التنظيمات فشل كل محاولات حركات الاصلاح والتنوير التي قامت في اوروبا خلال القرن التاسع عشر ، بتوفير كافة الحقوق لليهود ، والعمل على دمجهم داخل المجتمعات التي يعيشون داخلها .

حَفزت المجازر المذكورة والتي وقعت في فترة حكم القيصر الروسي اسكندر الثالث على تنظيم ما سمي بالهجرة الأولى ، والتي بدأت عام 1882 حتى عام 1904 ، وهي أول هجرة يهودية تنم بدوافع سياسية قومية ، هدفها الاستيطان الزراعي .

كان للبارون روتشيلد اليهودي 1845-1934 دوراً بارزاً في دعم هذه الهجرة ، وساهم في تثبيت اقدام المهاجرين الجدد على ارض فلسطين ، كما ان السلطات العثمانية لم تعمل بصورة جدية على منعها ، بسبب حالة الفساد التي كانت تسود الدولة العثمانية بفضل الأموال التي صرفها روتشيلد ، تمكن اليهود من شراء مساحات من الأراضي على امتداد مراحل مختلفة ، وقد تسربت هذه الأراضي الى الأيادي اليهودية بأشكال وطرق غير شرعية .

تم بيع هذه الأراضي من قبل عائلات اقطاعية غير فلسطينية خاصة من لبنان وسوريا ، ولقد حصلت هذه العائلات على هذه الأراضي بأسعار زهيدة من اصحابها الفلاحين ، أو من الدولة العثمانية ، بعد أن سمحت هذه الدولة لرعايا الاجانب ولرعاياها بشراء الأراضي وتسجيلها ،  بعد بداية ما عرف بعهد الاصلاحات في الدولة العثمانية في الفترة الواقعة ما بين 1840-1863 خاطي شريف وخاطي همايون .

لقد عرضت الدولة العثمانية مساحات واسعة من الأراضي بالمزاد العلني بعد ان عجز اصحابها من الفلاحين تسديد الضرائب المستحقة على هذه الأراضي ، وقد وصلت ايادي اليهود الى هذه الأراضي واشترتها من الدولة العثمانية،  بمعاونة عدداً من الولاة الاتراك ، حدث ذلك على الرغم من ان سياسة الدولة العثمانية كانت تعارض بيع الأراضي لليهود .

هناك مساحات من الأراضي باعها الملاكون الفلسطينيون اضافة الى الأراضي التي باعها الفلاحون لحاجاتهم المادية ، وقد قدرت مساحة هذه الأراضي فقط 6 % من الأراضي التي بيعت في ذلك الحين .

يتبع

 

2020-03-10