الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
هل سيشكل الوباء فرصة لتطوير التعليم عن بعد؟ ...فضل سليمان

هل سيشكل الوباء فرصة لتطوير التعليم عن بعد؟

وفقاً لإحصاءات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، فإن عدداً غير مسبوق من الطلاب قد انقطعوا عن مدارسهم وجامعاتهم بسبب قيام الحكومات بإغلاقها في محاولةٍ لإبطاء انتشار فيروس كورونا والحفاظ على سلامة الطلاب والكادر التدريسي. وحتى وقت كتابة هذه المقالة، فإن 70 دولة أعلنت إغلاق مدارسها وجامعاتها في مناطق محدودة أو في كامل الدولة، ما يعني أن توقف العملية التعليمية قد أثَّر على اكثر من  500   مليون طالب حتى الآن.

وفي مواجهة هذا الانقطاع عن التعليم ضمن إطار المنظومة التعليمية الكلاسيكية، وحرصاً من الحكومات على ضمان استمرار مسيرة التعليم، فقد لجأت العديد منها إلى الحلول الرقمية لتوفير موارد التعلم ومتابعة الدروس والامتحانات، منها الدول العربية والحلول التي اتبعتها لمواصلة العملية التعليمية:

 

فلسطين:

انتقلت جامعات الضفة الغربية بسرعة إلى “التعلم عن بعد” بعد أن أغلقت السلطة الفلسطينية جميع المؤسسات التعليمية. لكن الطلاب لا يبدون راضيين عن التغيير المفاجئ.

ففي 5 آذار/ مارس، وبعد تأكيد إصابة 16 شخص بفيروس كورونا في بيت لحم، أعلن الرئيس محمود عباس حالة الطوارئ لمدة 30 يومًا في الضفة الغربية. ونتيجة لذلك، أغلقت السلطة الفلسطينية جميع الجامعات البالغ عددها 24 والكليات والمدارس لمدة 30 يومًا.

قال المسؤولون إنه، وبهدف خدمة الطلاب البالغ عددهم 181,786 طالبًا خلال فترة الإغلاق، لجأت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى التعلم عن بعد، حيث سيتم بث الدروس عبر اليوتيوب والراديو والتلفزيون للطلاب من الصف الأول إلى الصف الثاني عشر.

بعض المعلمين في فلسطين وفوْر الإعلان عن خطة الطوارئ، أعلنوا عن مبادرات فردية لاستمرار العملية التعليمية عن بُعد.

أمّا بالنسبة للتعليم العالي، فقد طلبت الوزارة من جميع الجامعات مواصلة الدروس عبر الإنترنت اعتبارًا من 14 آذار/ مارس. وتخطط الجامعات لاستخدام استراتيجيات مختلفة مثل التعلم المُدمج، والصفوف الإلكترونية، والفصول الافتراضية. سيتم استخدام تطبيقات مختلفة مثل زووم Zoom وغوغل هانغ آوتس Google Hangouts.

 

ويبلغ عدد الجامعات في فلسطين نحو 17 جامعة في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما يبلغ عدد الطلبة 218113 طالب.

لا تملك الجامعات الفلسطينية إمكانات لتقديم مساقات عبر الإنترنت، لكنها تملك في العموم عناوين البريد الإلكتروني للطلاب ووفّرت لهم طرقًا، لتحميل الواجبات الدراسية، على سبيل المثال، في ما يسمى بـ “الحصص الإلكترونية”.

انواع التعليم عن بعد

Asynchronous Learning

هذا النوع من التعليم يعطي فرصة أكبر للطالب للتعلم بالسرعة التي يحددها، فهو يوفر مرونة أكبر للطالب، فالطالب غير ملزم باتباع جدول معين للمحاضرات وتسليم التكليفات والواجبات والمشروعات، فالمواد الدراسية توضع على منصة غالباً في شكل مواد سمعية ومرئية يستطيع الطالب سماعها ومشاهدتها في الوقت الذي يُناسبه، ويُمكن للطالب التواصل مع الطلاب من خلال منصة البرنامج الإلكترونية.

Synchronous Learning

هذا النوع من التعليم يوفر مرونة أقل للطلاب، فالطالب يلتزم بجدول معين للمحاضرات من خلال ما يُسمى بغرف المحادثات الإلكترونية أو الـ (Video Conference)، ولكن هذا النوع يوفر تواصلاً أكبر مع الطلاب والأساتذة، وقد يُلزم الطلاب أيضاً بالولوج يومياً على منصة البرنامج وتسجيل الحضور للحصول على المواد الدراسية الخاصة ببرنامجه وأي معلومات أخرى.

Hybrid Learning

هذا النوع هو مزيج من النوعين السابقين، فقد يختلف النظام من محاضرة لأخرى، حسب ما يتفق الطلاب وأستاذ المادة، فأحياناً توجد محاضرات يتطلب حضورها التسجيل والتواصل في وقت معين، وأخرى يُمكن مُشاهدتها في الوقت الذي يُناسب الطالب، وأحياناً تكون المحاضرات في وقت معين ولكن التكليفات يُمكن تسليمها في أي وقت.

مزايا وعيوب التعليم \ التعلم عن بعد:

أولاً: المزايا

  1. توفير مصروفات السفر وتوفير الوقت المبذول للوصول لمكان الدراسة. كذلك توفير مصروفات السكن ومصروفات شراء المواد والكتب الدراسية.
  2. يتمتع الطلاب بمرونة أكبر تُمكّنهم من تحديد مواعيد دراستهم وإنجاز تكليفاتهم وفقاً لظروف عملهم وحياتهم الاجتماعية والعائلية.
  3. عدم حصر الطلاب باختيار جامعة في منطقة جغرافية معينة، وبذلك تزداد اختيارات البرامج الدراسية أمام الطالب.
  4. توفير فرصة أكبر للطلاب غير القادرين كذوي الاحتياجات الخاصة من التعلم في جامعات مرموقة.
  5. توفير المواد الدراسية على الإنترنت مما يضمن تخزينها والوصول لها بعد ذلك بشكل أسهل في أي وقت من أي مكان.
  6. توفير فرصة أكبر للطلاب للعمل بالسرعة التي يفضلوها.

 

ثانياً: العيوب:

  1. لن ينال الطلاب فرصة التواصل الجيد مع الأساتذة للإجابة عن استفساراتهم وأسئلتهم حول ما يدرسوه بشكل أوضح وأكثر استفاضة مثل الفصول الدراسية بالجامعة.
  2. تتطلب الدراسة رقابة ذاتية والتزاماً كبيراً نابعاً من الطالب حتى يستطيع إنجاز مهامه الدراسية وتكليفاته بدون جدول دراسي زمني محدد.
  3. قلة التواصل مع زملاء الدراسة والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم.
  4. قد تتميز المادة الدراسية المُقدمة على الإنترنت بقلة المواد السمعية والبصرية التي تتوفر في المواد المعروضة بالفصل الدراسي.
  5. يتطلب هذا النوع من الدراسة أن يكون الطالب على دراية كافية باستخدام التكنولوجيا للتأكد من الاستفادة الكاملة بالمادة الدراسية.

 

ما هي وسائل التعليم عن بعد ؟

الوسيلة الأولى:

 أن يشبك الطلبة جميعهم على شبكة الإنترنت حيث يقوم المعلم بالشرح صوت وصورة أو صوت أو صورة مع احتمالية حدوث المناقشات والمحادثات بين الطلبة والمعلم وتتطلَّب هذه الوسيلة التزامًا من جميع الطلبة من ناحية الوقت وكأنَّهم ذاهبين إلى المحاضرة سويًا.

الوسيلة الثانية:

تُعْتَبر هذه الوسيلة أشبه بالدروس الخصوصية حيث يقوم المعلم والتلميذ وحدهم بالدخول على شبكة الإنترنت وبدء عملية التعليم.

الوسيلة الثالثة:

لا تتطلَّب هذه الوسيلة التزامًا من الطلبة أو المعلمين بأيّة مواعيد حيث يقوم المعلّم بتسجيل المحاضرة صوت أو صورة أي مقطع فيديو ويقوم الطلبة بالدخول إليه عندما يتسنَّح لهم ذلك لكن لا يبقى التسجيل إلَّا لفترة محددة وغالبًا ما تكون مدتها أسبوع وهذه هي الوسيلة الأكثر مرونة بالنسبة للتلاميذ. وهذه الطريقة يتم اعتمادها أيضًا في إعطاء الدورات عبر الانترنت.

اهم تطبيقات للتعليم التفاعلي

هناك مجموعة كاملة من الأدوات التي يمكنهم استخدامها في الفصل وكذلك في المنزل ومن أهم هذه الأدوات هي التطبيقات التي يمكنهم تثبيتها على الهواتف الذكية أو على الأجهزة اللوحية.:

1-تطبيق  Google Classroom

يُعتبر تطبيق شركة جوجل Google Classroom من أفضل التطبيقات التعليمية سواء للمعلمين أو الطلاب كما أنه يحتل المركز الثالث ضمن أفضل التطبيقات التعليمية على متجر آب ستور.

يساعد تطبيق Google Classroom المعلمين على تنظيم وإدارة مهام الفصول الدراسية بسلاسة وتعزيز التواصل مع الطلاب لتوفير الوقت وزيادة الإنتاجية.

يمكن للمعلمين من خلال تطبيق Google Classroom إنشاء الفصول الدراسية وتوزيع المهام وإرسال الملاحظات، والإعلان عن ما هو جديد، وطرح الأسئلة على الطلاب وإضافة التعليقات على الإجابات، مما يُحسن من مستوى التواصل مع طلابهم سواء داخل الفصل أو خارجه.

2-تطبيق  ClassDojo

يُعد تطبيق ClassDojo واحد من أكثر التطبيقات شعبية للمعلمين في عام 2018، فهو يُستخدم في أكثر من 180 دولة ومتاح بأكثر من 30 لغة مختلفة.

يتمتع التطبيق بواجهة مستخدم بسيطة سواء للمعلم من أجل إدارة الفصول الدراسية والتواصل مع الطلاب وأولياء الأمور، أو للطلاب من أجل إنجاز المهام الدراسية، أو لأولياء الأمور لمتابعة تقدم أبنائهم الدراسي.

كما يتيح التطبيق للمعلمين تشجيع الطلاب على تنمية مهاراتهم وإبراز السلوكيات الإيجابية من خلال إعطائهم  نقاط وألقاب مختلفة مثل: لقب الأكثر عملًا Hard Worker، أو لقب الأكثر تنظيمًا أومن يساعدون الآخرين وهكذا، كما يمكنهم أيضًا تقسيم الطلاب في مجموعات بطريقة سلسة.

3-تطبيق Kahoot

يعتبر تطبيق Kahoot من أفضل التطبيقات التعليمية التفاعلية حيث يستند إلى أسلوب Gamification في التعليم، وهو التعلم باللعب في الفصول الدراسية والذي من شأنه أن يحفز المعلمين والطلاب ويشجعهم على الانتقال من الجو التقليدي إلى جو من الحماس والتنافس.

يتمتع التطبيق بواجهة مستخدم بسيطة، ويمكن للمعلمين من خلاله إنشاء سلسلة من الأسئلة متعددة الخيارات تحمل اسم kahoots مع إضافة مقاطع فيديو وصور ومخططات إلى الأسئلة لزيادة تفاعل الطلاب، ويستطيع الطلاب الانضمام إلى التطبيق من أجل الإجابة على الأسئلة، ويحصل الطالب الأسرع في الإجابة على معظم النقاط، مع نظام الترتيب التنافسي، مما يعمل على تشجيع الطلاب على المشاركة والتنافس مع زملائهم.

كما يتيح للمعلمين إنشاء الوجبات المنزلية في شكل سلسلة kahoots لجعل الواجبات المنزلية شيء ممتع بالنسبة للطلاب، كما يوفر للمعلمين الكثير من الوقت لمخصص لتصحيح الواجبات يدويًا.

التطبيق متاح مجانًا لكل من مستخدمي أجهزة أندرويد على متجر جوجل بلاي ولمستخدمي آيفون وآيباد عبر متجر آيتيونز.

المعيقات

 يقول أحمد عوادة  الطالب في السنة الأولى  في كلية حقوق الإنسان والقانون الدولي في جامعة القدس

 “المشكلة الرئيسية التي نواجهها تتعلق بالقضايا التقنية بسبب ضعف خدمة الإنترنت في فلسطين. التواصل المباشر طريقة أفضل وأكثر فعالية. لسوء الحظ، الخيار الوحيد المتاح لنا في هذه الحالة هو التعلم عن بعد.”

هل يستطيع الأساتذة التكيف مع التعلم عبر الإنترنت؟ في جميع الجامعات، يحاول المسئولون التأكيد على ان  الأساتذة يحتاجون لتدريب على لكيفية استخدام برامج التعلم عن بعد بفعالية.

 

وهل يعتبر  “التعلم عن بعد حل مؤقت علينا التكيف معه للتعامل مع الوضع الحالي فيما يتعلق بوباء فيروس كورونا.” ام ان هذه الفرصة قد تخلق مناخا جديدا لتطوير التعليم في فلسطين؟

من المؤكد انه من الضرورة البدء بتنفيذ دورات تدريبية للمعلمين لإرشادِهم حول كيفية استخدام النظم الالكترونية المختلفة والتطبيقات الخاصة حتى يتمكنوا من مساعدة الطلبة. الا ان ضعف او غياب الإنترنت سيشكل عائق للبعض.

تشعر إحدى المحاضرات في جامعة القدس، والتي طلبت عدم الكشف عن اسمها، بالقلق إزاء إمكانية وصول الطلاب للإنترنت. قالت المحاضرة، “مع ضعف الاتصال بالإنترنت لدى معظم طلابي، لا يمكنني التدريس بطريقة فعالة. لم يحضر العديد من الطلاب في صفوفي الإلكترونية. أرسلوا لي رسائل بريد إلكتروني تفيد أنهم لم يتمكنوا من تسجيل الدخول لأسباب عديدة، لا سيما المسائل المرتبطة بالاتصال بالإنترنت.”

 في فلسطين، وكما هو الحال في الدول العربية الأخرى، يُنظر إلى التعلم الإلكتروني على أنه عرضة للغش. كما يعتقد الطلاب أن الوضع أكثر سلبية بالنسبة للتخصصات التي تتطلب تدريبات عملية.

ان قانون التعليم العالي لعام 2018 أقر 3 أنظمة للتعليم، وهي التعليم بالانتظام وهو نظام تعليمي يتيح للطالب الالتحاق بالمؤسسة التعليمية وحضور المحاضرات بصورة مباشرة ومنتظمة، والتعليم المفتوح، والذي يتيح فرص التعلم لكل شخص راغب فيه بغض النظر عن عمره ومدى تفرغه للدراسة المنتظمة وقدرته على حضور المحاضرات، والتعليم الالكتروني (عن بعد)

الآن السؤال الذي يقفز الى الأذهان بعد التمني للجميع العافية والصحة، هل سيدفعنا هذا الوباء الى اخذ قرارات مصيرية في مجال التعليم تنعكس ايجابا على مستقبل نظامنا التعليمي ليصبح اكثر ملائمة للعصر الذي نعيشه؟

2020-03-18