الخميس 20/10/1444 هـ الموافق 11/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مها والوباء...روز اليوسف شعبان

خيوطُ الشمس الأولى تسلّلتْ من نافذَتِها، أحسّتْ بدفءٍ يسري في أوصالِها، فتحتْ مها عينيها ونهضتْ من فراشِها، تساورُها أفكارٌ شتّى...

تُرى كم شخصًا أصيبَ بالوباء هذا الصباح؟

هل سأنجو أنا وأهلي منهُ؟

ما هو وضعُ جدّتي؟ هل هي بخير؟

وكيف حالُ أصدقائي وطلّابِ صفي وأساتذتي؟ كم أنا مشتاقةٌ لهم جميعًا!!

منذ أسبوعين وأنا سجينةٌ في بيتي، لا تسمحُ لي والدتي بالخروج بتاتًا، أشعرُ بالملل والشوق للعودة إلى حياتي الطبيعيّة، أذهبُ لمدرستي، أزورُ أصدقائي، نلعبُ معًا، أزورُ جدّتي، أتنزّهُ في الطبيعة، أنطلقُ فيها، أستمتعُ بجمالها، أستنشقُ شذا ورودِها، أما لهذا السجن من نهايةٍ؟

أزاحتْ ستائرَ نافذتِها لترى الشمسَ تتراءى شيئًا فشيئًا من وراء الأفق. ابتسمتْ وقالت ْ في نفسها: الحياةُ جميلةٌ رغمَ كلِّ شيءٍ!

لا بُدَّ أنْ أحمي نفسي وعائلَتي من هذا الوباء!

تمضمضتْ بالماء الدافئ والملحِ، حتى تتخلّصَ من جرثومةِ الكورونا، التي قد تكون علقتْ ربّما في حنجرتها، غسّلتْ وعقّمتْ يديها، بدّلتْ ملابسَها، وضعتْ كمّامةً على أنفها وفمها، وخرجتْ دون أن تُعلمَ والدتَها، وقصدتْ بيتَ جدّتها، فهي لم ترها منذ أسبوعين وتشعرُ بشوقٍ شديدٍ لها.

قبل أن تصلَ مها بيتَ جدّتها، ساورتْها المخاوفُ، وبدأتْ تتساءلُ: تُرى هل سأسبّبُ الأذى لجدتي إذا زرتُها؟

قد لا أتمالكُ نفسي وأُقبّلُها، أو ربّما تندفعُ اليّ جدتي وتحضُنُني! ماذا أفعلُ؟

هل أتابعُ طريقي إلى بيت جدّتي؟ أم أعودُ إلى البيت؟

بعد تردّدٍ قررتْ مها أن تعودَ لبيتِها فسلامةُ جدّتها وصحّتِها أهمُّ من كلّ شيء!

دخلتْ بيتَها بدّلتْ ملابسَها ونشرتْها في الشمس الدافئة، حتى تقتلَ الشمسُ الجراثيمَ التي قد تكون علقتْ بثيابها، فهي لا تريد أن تضُرَّ نفسَها أو أهلَ بيتِها.

دخلت المطبخَ وحيّت والدتَها، واعتذرتْ لها لأنّها خرجتْ من البيت بدون إذنها. قَبِلَتْ أمُّها اعتذارَها وشكرتها لأنَّها تمالكتْ نفسَها وحكّمتْ عقلَها ولم تضعفْ أمامَ مشاعرِها، ثمّ دعتْها لشرب عصيرِ الحامضِ، والشاي الساخنِ.

لقد تغيّرَ نظام فطورِنا قالت في نفسها.

لكن لا بأس! سأتّبعُ إرشاداتِ وتوصياتِ وزارةِ الصحةِ، حتى أنجو بنفسي وأحمي أهلي!

وأنتم أصدقائي هل ستتّبعون جميعَ التوصياتِ لتحموا أنفسَكُم وأهلَكُم؟

فالحياةُ جميلةٌ وحريٌّ بنا أن نحياها بصحةٍ وحُبٍّ وأملٍ!

2020-04-08