رنات متواصلة إنبعثت من ساعة المنبه المركونة يجانب سريرها، رنينها المتواصل اجبرها على العودة الى عالم الواقع ، اجبرها على افلات زمام غياهب الحلم والعودة الى الحقيقة .
امتدت يدها بتثاقل نحو المنبه لتوقف رنينه المزعج ، انزلت قدميها ببطء لتلامس ارض الغرفة الرطبة .
غسلت وجهها بالماء والصابون التي أخذت فقاعاتها تتعالى لتختفي في سقف الحمام ، جففت وجهها بقطعة قماش معلقة على الباب ايتسمت للمراة ابتسامة رضا وخرجت .
راجعت اجندة اليوم من مواعيد هي تعلم انها على موعد مع صديقتها بعد فراق دام سنوات عشر ، لقد اتصلت بها البارحة قائلة: اريد رؤيتك . لقد وصل اليها صوتها عبر الاثير خاليا من عبارات الشوق التي قد تأتيها بها محملة بالحقائب .
لىبست أجمل ثيابها ، تناولت قرورة العطر التي اهدتها اياها ،رشت الكثير منها لتتناثر قطراتها على جسدها .
صعدت الى الحافلة وقد اتخذ الفرح له مكانا على سحنتها واتخذت هي لها مكانا على احد المقاعد وانطلقت الى لقاء الماضي .
في الطريق أخذت تراجع ذكرياتها برفقتها تستحضرها في الامكنة التي بدات تنجلي أمامها الان :هنا ابدعنا في لعبة الغميضة ، هنا تسابقنا بالوعور والطرقات وبيوت الزعتر والبرقوق والشومر لتقول بصوت عال : اليوم ستنتهي كل تساؤلاتي ليصل صوتها الى مسامع احد الركاب ويصطبغ وجهها بحمرة الخجل .
أحست وكأنها في رحلة الالف ميل لتصل أخيرا الى حيث الحديقة العامة الى حيث الشجرة والمسمار الذي حفرت به الحروف الاولى لأسمائهم ليظهر ظلها أخيرا !
تقدمت لتعانقها عناقا حارا لتفاجا بابعاد جسدها عنها احست ولاول مرة بانها غريبة بان من سجلت باسمها بالقلب نبضة وكانها الان تراها لاول مرة لتقطع عليها افكارها قائلة : لا تستغربي يا عزيزتي انها برودة المشاعر فأنا لم اعد انا وانت لست انت المها طريقة نطقها لتلك الكلمات فتحت بداخلها جرحا ولم يكن القديم قد التئم .
أمسكت حقيبتها التي كانت تحوي ذكرياتهما وافرغتها اسفل الشجرة لتعود بذاكرة فارغة لا تملك من حطام الذكريات قشة واحدة تناولت احدى الاوراق المركونة بين الصور والتي دونت بها سابقا : " ان اردت خسارتي فساساعدك على ذلك ".