السبت 29/10/1444 هـ الموافق 20/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
'معهد أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي':الحكومة الإسرائيلية مطالبة بالتخطيط والاستعداد لتسهيلات تدريجية ومراقبة لقيود الحركة والعمل والتجمهر واستئناف النشاط الاقتصادي

القدس المحتلة-الوسط اليوم:

رأى تقرير صادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، أمس، أن "معظم خطوات اللجم صحيحة، على ما يبدو، بحد ذاتها ولفترة فرضها، كي تسهم في عرقلة انتشار الفيروس".

لكن التقرير - الذي أعده الباحثان في المعهد، رئيس الدائرة الإستراتيجية السابق في الجيش الإسرائيلي، أساف أوروين، والنائب السابق لضابط الصحة الرئيسي وملحق الجيش الإسرائيلي في كوريا الجنوبية، الدكتور أوفير كوهين – اعتبر أنه "على غرار المفهوم الأمني الإسرائيلي، فإن الدفاع وحده لا يحقق الانتصار. وفي أزمة الكورونا، فإن الأمر الموازي للهجوم المضاد هو جعل الفيروس يتراجع، تسريح وتطهير جزئي للسكان، البلدات وقطاعات اقتصادية واجتماعية، تمهيدا لاستئناف نشاطها الاقتصادي، المدني والديمقراطي بحجم واسع، وذلك بثمن محتمل بمصطلحات قومية وأخلاقية".

وفيما تركز وسائل الإعلام على أعداد الوفيات والإصابات بكورونا ووتيرة ارتفاعها، رأى التقرير أن "هذا أساس ضعيف لاتخاذ القرارات على المستوى القومي. وذلك لأنه يتعامل مع تفاصيل وليس مع الصورة القومية الواسعة، وكذلك لأن عدد الفحوصات لكورونا القليل لا يعكس صورة جديدة وشاملة".

من الجهة الأخرى، أشار التقرير إلى أن "عاملا أساسيا للمتابعة هو وتيرة ارتفاع عدد المرضى بحالات خطيرة، مقابل قدرات العلاج المكثف وأجهزة التنفس الاصطناعي الشاغرة... وزيادة الفحوصات لدى المرضى الذين تظهر عليهم الأعراض، وعزلهم بشكل فوري بحجر صحي".

لكن التقرير شدد على أنه لا يمكن اعتماد ذلك كسياسة إستراتيجية، وذلك لثلاثة أسباب: "وجود الفيروس وفترة انتقال العدوى قد يستمر لأشهر وربما لسنوات أيضا، وفرض إغلاق على مجمل السكان لفترة طويلة ليس معقولا؛ حتى تحقيق النتيجة المتوقعة، سينهار الاقتصاد، المناعة الاجتماعية، التعليم، الطواقم الطبية وما إلى ذلك. وفي كهذا ستتضرر صحة الجمهور أيضا، وإن لم يكن من كورونا مباشرة، والانتصار على الفيروس سيكون مكلفا لدولة منتحرة اقتصاديا؛ حتى لو اجتثثنا الفيروس في إسرائيل، فإنه سيعود بسرعة لدى إعادة فتح المطار الدولي ووصول حاملي الفيروس من خارج البلاد. وعندها سنضطر إلى الدخول في إغلاق آخر، وهكذا دواليك".

"مناعة القطيع"

وحسب التقرير، فإن "أجزاء الحل موجودة بين مركبات المشكلة. وينقسم السكان في فترة الوباء إلى حاملي الفيروس وناقلي العدوى، معافين قد يصابون بالعدوى ومتماثلين للشفاء... ومفتاح الخروج من الإغلاق متعلق بجهات تسمح باستئناف أنشطة المرافق الاقتصادية والمجتمع بمستوى محتمل من المخاطرة حتى بوجود الفيروس".

ولفت التقرير إلى أنه "وفقا لخبراء في الطب، فإنه يوجد بيننا أشخاص شفيوا من الفيروس، حتى لو أصيبوا به من دون ظهور أعراض، ولديهم مناعة ضده. ورغم أنه لم تجر أبحاثا شافية على الفيروس، وليس واضحا تماما ما هي معايير المناعة الحاصلة في الإنسان نتيجة الانكشاف له، لكن ثمة احتمالا مرتفعا لأن نرجح أنه مثل باقي الأمراض المعدية، يطور الإنسان مناعة بعد مرضه، وهذه المناعة تكون، بالتأكيد، ناجعة للسنة الأولى التي تلي المرض. وإذا نجحنا بالوصول إلى مناعة طبيعية بنسبة 80% من السكان في البلاد، فسنستفيد من ظاهرة ’مناعة القطيع’، التي احتمالات انتقال العدوى فيها هامشية، لأن شريحة كبيرة جدا من السكان محصنة من مسبب المرض".

وأضاف التقرير أن "هؤلاء الأشخاص المحصنين بإمكانهم المساعدة بتطوير مناعة لفترة طويلة، لكن الأهم من ذلك، هو أن خطر الإصابة بالعدوى في الأمد القريب ضئيل، وبمرور الوقت يتراجع أيضا خطر نقل العدوى إلى آخرين. وكلما ازداد حجم المحصنين بين السكان، بإمكان إسرائيل الاعتماد عليهم كاحتياطي قومي إستراتيجي لاستئناف نشاط المرافق الاقتصادية، في الطريق نحو النصر. ومن أجل تطبيق هذه القدرة، ينبغي العثور على المحصنين بواسطة فحوصات ملائمة، مصداقية والتوسع في اكتشاف مضادات".

وأشار التقرير إلى "وجود احتياطي كبير ومتاح أكثر، الآن، بين أجزاء من السكان الذين مستوى خطورتهم على انتشار حالات المرض الخطيرة متدن نسبيا، ولذلك بالإمكان السماح لهم باستئناف عملهم بمستوى خطر مقبول، ومن دون المخاطرة بارتفاع حالات المرضى الخطيرة ومن دون زيادة الطلب على أجهزة التنفس الاصطناعي. ومن شأن تحرير السكان الشبان، مع توزيع واسع لنماذج أسئلة صحية وفحوصات لكشف الفيروس والمناعة، بشكل سريع وواسع، إلى جانب خطوات حذرة والحفاظ على النظافة في أماكن العمل والحيز العام، أن يسمح باستئناف أنشطة المرافق الاقتصادية تدريجيا، وبخطورة مراقبة ومتدنية على الصحة".

سياسة أخرى

اقترح التقرير أن تتبع الحكومة الإسرائيلية سياسة مختلفة عن تلك التي تم اتباعها حتى الآن. وتستند السياسة المقترحة إلى ثلاثة مبادئ: "الجهد الأساسي ينتقل من لجم الوباء على حساب الاقتصاد إلى استئناف النشاط الاقتصادي من خلال منع انتشار الفيروس؛ استبدال أسلوب فرض القيود الشاملة على جميع السكان بتسهيلات تفاضلية على أجزاء من السكان وبموجب مستوى خطورة إصابتهم بحالات مرض خطيرة – المرضى المزمنين، الأعمار، المنطقة السكنية؛ إلى جانب الجهود لحماية السكان الحساسين حيال الإصابة بالعدوى والذين يحملون الفيروس وبؤر انتشاره من الإصابة بالعدوى، ينبغي بذل جهد لتوسيع كاشف السكان الذين تحصنوا بشكل طبيعي من الفيروس".

وتحفّظ التقرير جدا من استعراض تقارير أمام الحكومة، تشكل أساسا لاتخاذ قرارات، وخاصة تحليلات حول السكان جميعهم، "وبذلك يهدرون القدرة على التمييز بين مستويات مخاطر انتشار المرض بين أجزاء الجمهور"، ولفت إلى أهمية استعراض التوقعات الاقتصادية وتأثيرها على استمرار القيود الحالية، "من أجل الامتناع عن سياسة، ستنقذ الجمهور من انتشار كورونا، لكنها ستؤدي إلى دمار المرافق الاقتصادية والمس بشدة بصحة الجمهور لأسباب أخرى".

وخلص التقرير إلى أن "الحكومة الإسرائيلية مطالبة بالتخطيط والاستعداد لتسهيلات تدريجية ومراقبة لقيود الحركة، العمل والتجمهر، واستئناف نشاط اقتصاد إسرائيل ومجتمعها للسكان في مستوى خطورة مقبول، وخلال فترة معقولة. وسياسة كهذه ستفتح نافذة أمل لمواطني إسرائيل، في ظل مجمل التوقعات القاسية والمخيفة، التي غايتها الأساسية دفع الجمهور إلى الانصياع للتعليمات والامتناع عن عدم الاكتراث، وربما لأسباب أخرى... وبعد عشية الفصح، التي تحولت إلى ليلة حظر تجول، بالإمكان أن نخرج من العزلة وقيود شاملة إلى حرية متجددة، مدروسة ومسؤولة".

2020-04-09