الثلاثاء 11/10/1444 هـ الموافق 02/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
خبرت الله بكل شيء ...بدوي الدقادوسي

أخبرت الله بكل شيء أوشك المغرب أن يؤذن وهذه الفتاة ترفع اللافتة منذ الصباح ، لم تجلس ، لم ترخ زراعيها . " أخي الكويتي المصريون العالقون في مركز الإيواء ليسوا أعداءك بل ضحايا ظرف عصيب ، فعاملهم بإنسانيتك ، وتخيل نفسك مكانهم " نظرات الود والامتنان لها والإشفاق عليها كانت تتقاطر لتتجمع على صفحة وجهها ، وددت لو قمت لأعبر لها عن امتناني ، الكردون المحيط بنا من سيارات الدورية ليس به ثغرة تسمح بالنفاد .

عدت لمتابعة التطبيقات على جوالي أنتقل من الفيس لتويتر للواتس هذا ما أستطيع فعله في هذا المتر المسموح لي بالتحرك فيه . حفظ كل منا قصة حياة جاره من خلال صراخه على زوجته وأمه وأولاده بالماسينجر ، فلا تتعجب حين يسألني أحدهم : ازي شروق ؟

اتصالحت مع جدتها؟

والواد محمود بقى بيسمع كلام أمه ومبيخرجش ، وكنت ملزما أن أطمئنهم وكأنه حق من حقوقهم فينهي حديثه معي بجملة : ربنا يخليك لهم وترجع ليهم بالسلامة .

رفع إبراهيم البحيري الفوطة من فوق رأسه ، سألني : بالقي كم على آذان المغرب ؟

نظرت بساعة الجوال ، ربع ساعة ، من خلال تثاؤبه .. موائد الرحمن كان زمانها حلت مشكلتنا دلوقتي منك لله يا كرونا . اعتدل أحمد الكفراوي جالسا : وكنا هنحتاج موائد الرحمن في إيه ولا كنا هنبقى هنا ليه من أصله يا مغفل؟

وكأن الحديث عود كبريت أشعل الحماس عند الجميع فتدخل مشعل الصعيدي صارخا : سبوكوا من الكلام الماسخ دا وقولي يا أستاذ : مفيش رد على الشكوى اللي رفعناها على جروب الواتس لوزيرة الهجرة؟ فتحت الواتس ، ابتسمت ، اعتدل الجميع ليتابعوا معي رسالة وزيرة الهجرة " أطمئن المصريين بالخليج فالأولوية لهم في المرحلة المقبلة ، ولاتسمعوا لمروجي الشائعات التي تريد النيل من الدولة المصرية في الوقت الحالي واستغلال الوضع لأمور بعينها " قطع رنين الهاتف قراءتي رددت ببهجة إنه الشيخ محمود نزال جاري الفلسطيني الذي كنا نتجاذب أطراف الحديث عقب كل خروج من المسجد حتى يفترق كل لبيته - فينك يا أستاذ؟ - هكون فين ! في معسكر الإيواء . - دقائق وأكون عندك . شد وجذب بينه وبين عساكر الدورية انتهى سريعا بكل ما يحمله الشيخ من طعام . - باسم الله ما شاء الله ! من أين أتيت بكل هذا الخير؟ ابتسم الشبخ بوقار - أنت نسيت إني فلسطيني ولي باع طويل بمخيمات الإيواء وما تحتاجه؟ وضع بيدي مظروفا وقال لي : هذا من فاعل خير وانصرف مبتسما . كنت أدرك أن هذه الدينارات منه ولكنه استحى أن يقدمها لي كمساعدة منه حتى لاأرفض .

وزعت الوجبات على المحيطين بي ، طاهر قاسم ذلك الصعيدي الصامت ، ليس من عادته أن ينام طويلا هكذا ، أخذت في تحريكه ليتناول وجبته .. هززته بعنف .. طاااااهر .. رد ياطااااهر ... تجعوا حوله ، غطوه وهم ينطقون الشهادة وإنا لله وإنا إليه راجعون . أصاب من حولي الهلع بعد نقل جثمان طاهر وارتفاع درجة حرارتي وصراخي ... طاهر ... طاهر.. فأفسحوا لي قليلا فازدادت مساحتي مترا إضافي .أعطاني أحدهم حبة ،ابتلعتها ورحت في نوم عميق ، رأيت الطفل السوري ذي الثلاث سنوات الذي أصيب بطلقة لم يقل بعدها إلا جملة واحدة " سأخبر الله بكل شيء " رأيته يقترب مني ويبتسم ويربت على رأسي " لقد أخبرت الله بكل شيء "

2020-05-04