أَنَا الْعُصْفُور الحَبيس دَاخِل الْقَفَص الْحَدِيدِيّ أُرتل نَشِيد بِلَادِي فِي حِضْنِ أَمٍ لَيْسَتْ أُمِّي وَلَسْت اِبْنهَا لَا رُعَاةٌ لِي وَلَا حَبٍّ وَلَا حَنَان ، وَأَنَا سَئِمْت مِنْ نَظَرَات غَامِضَة تَتَهَدَّد بِالشَّرّ وَالْوَعِيد كالأزقة الْخَلْفِيَّة المعتمة ، تَعِبَت مِنْ وَطَن سَلْب مِنِّي كُلِّ شَيْء فِي ذرْوَة شَبَابِي يَمْنَحَنِي فَقَط حَقِّ الْعَمَل أَنْ أَكُونَ عبدًا مطيعًا للجزارين فَكُنْت ذبيحًا ، نَعَمْ إنَّهُ سَوَاد الْغُرْبَة الحالك أَيْنَ مَا ولّيتَ نَظَرك لَيْسَ هُنَاكَ إلَّا السَّوَاد وَالْحُزْن مَكْواة تركض فَوْق الْمَلاَمِح وَتَمْسَح عَنْهَا التَّعَابِير كالأبتسامة وَالشَّوْق واللهفة وَالْحِلْم ، أَصْبَحْت وُجُوهَنَا شاحبة مَنْسِيَّة عَلَى حَافَّةِ الْعُمْر . .
سوريتي آيَتِهَا الْأُمّ الحزينة كَيْفَ تَرَيْنَ مَا حَالَ بِنَا وَكَيْف خَطّ الْبُعْد خطوطه بَيْنَنَا ، عَلَى نَاصِيَةِ القَلْعَة الْتَقَيْنَا قُلْت لَهَا إنِّي أبْحَثُ عَنْ الْأَمَان وَالِاسْتِقْرَار ، همست فِي قَلْبِي وَالدّمْع ينسال مِن شوارعها عَلَى شَكْلِ خَرَاب وجثث لَا تَحْزَنْ دَعْنِي أُخْدَر لَك جُرْحَك وأحيك خيوطي قَرُب نزفك وَاذْهَب وَلَا تَدَعَ حُبُّك لِي أَنْ يَقْتُلَكَ لَكِنْ لَا تتركني لِلنِّسْيَان فانداح قَلْبِي يجاوبها سَأَمُوت أَلْفَ مَرَّةٍ وَأَظَلّ أُحِبُّك .