الثلاثاء 7/10/1445 هـ الموافق 16/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أشلاء/ رباب خليل

تُقتَطفُ أشلاءٌ من ذاكرتها تموجُ بينَ أحلامٍ وبين أحداثٍ ؛ أزهرَتْ في بسمةٍ يانعةٍ عندَ نبشها أوراقًا

محشُوةً في زوايّا المكتبِ كانَ ذلكَ في ساعاتِ الصباحِ الباكرةِ استيقظتْ في همّةٍ وشغفٍ للبحثِ عن ذكرياتها التي أغفلتها لسنواتٍ . لكنْ باغتها بقايا حُلمٍ راودها في الآونة الآخيرة، في منامها وفي يقظتها، يستثيرها لتنفضَ غبارَ العبثِ وركامَ الماضي لِتنجوَ بما تبقى لها مِنْ رصيدِ أملٍ وسعيٍ.

اتّجهتْ صوْبَ بابِ غرفَتِها ثمّ أقفلتْهُ وجلستِ القرفصاءَ وأخرجتْ تلكَ الاوراق والصّور بهدوءٍ مُفتعلٍ رُبّما وبدأت تُمّزِقُ فيها حتّى أصبحتْ أشلاء فجمّعتها وألقَتْ بها في سلة القمامة وخرجت دونَ أنْ تلتفتَ وراءها أبدًا.

تناولتْ فطورها كالمعتاد مع والدتها وودعتها متجهة نحوَ روتينها اليوميّ.

وهي تسيرُ في أزقّة البلدة القديمة متّجهةً نحوَ عملِها، ألقَتْ التحيّةَ الصّباحيّةَ المُعتادة عليها يوميًّا على الخبّاز، وعلى بائعِ الخضرة، وعلى المارّة في الطّريق ؛ فهي تعشقُ طقوسَها، وتجدُ اللّذةَ في ارتشافِ قهوتَها المبّكرة بمرافقة أبطالِ رواياتها التي تهوى.

وهي منغمسة في عالمِها ممسكةً بالكتابِ بيدٍ، وباليّد الأخرى تمسكُ فنجانَ القهوةِ ذا النكهةَ المرّة المُطّعمّة بحبات الهالِ الشهباءِ؛ دخلَ  شخصٌ ليبتاعَ الكتبَ، فحيّاها وطلبَ منها مساعدتَه في البحثِ عن بعضِ الكُتبِ ، فاحتْ رائحةُ عطرِهِ  في أروقةِ المكتبةِ وبينَ

ثنايّا الكُتبِ ؛ رائحةٌ لمْ تعهدَها من قبل، فشعرَتْ للحظةٍ بأنّه رجلٌ غريبُ الأطوارِ ، فهو يبحثُ عن كتبٍ نادرةٍ، قلّ ما سُئلْتُ عنها طوالَ عملي هُنا .

راحَ يُقلّبُ صفحاتِ الكتبِ ويسترقُ النّظر  إليّ بيْنَ الفَيْنةِ والأُخرى.

تجهّمَتْ ملامحي، وشكَكْتُ بأنّهُ يعرفُني، ولمْ يكُنْ دخوله إلى هذالمكان صُدفةً عاديّةً!

باغَتَني بسؤالٍ عَنْ روايةِ " الغرباء في أرضِ الوطن"

وكانَتْ المفاجأة قدْ أذهلَتْني

 لماذا هذهِ الرواية تحديدًا ؟!

فهي الرواية التي أقرأُ ، أفي هذا مصادفةٌ أيضًا، أمْ أنّه يُناجيني ويبحثُ عني أن،ا وليسَ عنْ كتابٍ يقرأُهُ!

رنّ هاتفي، فسقطَتْ سهوًا  كلماتٌ مُبعثرةٌ من روايت،  فلملمْتُ حروفي وأشلاءَ روحي.

وإذْ بي ما زلتُ أمسكُ بفنجانِ قهوتي وكتابي .....

2020-06-07