الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
قرار الضم... فتح قائد المشروع الوطني ...لما طه الفقيه

 

 قبل ثلاثة أعوام فازت اسرائيل برئاسة اللجنة القانونية في الأمم المتحدة، منذ تلك اللحظة تأكدت تماماً أن العالم بعد سبعين عاماً على احتلال فلسطين لا يرى لا يسمع ولا يتكلم ! وأنه منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا كل المواقف الدولية ما هي إلا مواقف تحت شعار "الإنسانية والمساواة والعدل" التى لا يعرفها العالم سواء كان العالم الغربي أو العربي أو حتى العالم الإسلامي ! 

منذ إعلان فوز إسرائيل برئاسة اللجنة القانونية وأنا أتساءل:
من الذي إنتهك القانون الدولي وحقوق الانسان وارتكب العديد من الجرائم والحروب حتى أنهاه بأطول إحتلالٍ على مرِّ التاريخ ؟؟!!
من هجرَّ الفلسطينيين من أرضهم وسرقها وهدم منازل السكان الأصليين ويعمل على استبدال ملامحها الكنعانية ؟؟!!
من سرق حضارتنا وزوّرَ تاريخنا ومارس النفي القسري ليمنعنا فيما بعد من حق العودة ؟؟!!
من شدَّ الطوق على غزة هاشم ؟! من حاصر ياسر عرفات في عرينه ؟! من أقام جدار الفصل العنصري ليلتهم الأراضي فيمسي جدراً للضم والتوسع ؟! من يبني المستوطنات ويعمل على تهويد القدس ؟! من قتل الأطفال الأبرياء في صبرا وشاتيلا ودير ياسين ومخيم جنين وغزة وغيرها من المجازر التي لا تُعدّ ولا تُحصى ؟؟!!
من يقوم بعمليات الاغتيال المُنظمة ؟! ومن يأسر الفلسطينيين ويُعذبهم أشد أنواع العذاب ؟! من إغتصب النساء ويهتك عرضهنَّ في كل معركة ؟! ومن يستخدم الاسلحة المحرمة دولياً ؟! ومن ومن ومن ..........
كلنا نعرف أن الصمت الدولي على إنتهاكات إسرائيل  بحق الشعب الفلسطيني صمتٌ خجول! لا يُضحي بعلاقاته الوطيدة مع الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل من أجل إرضاء الفلسطينيين او حتى دعمهم، لدرجة أصبحنا نتفهم قلق (بان كيمون) آنذاك، حتى كنت اقول: (الزلمة بتعب كتير وهو قلقان.. والقلق الزايد مش منيح للصحة).
لكن أن تصل الوقاحة بأن تكون إسرائيل رئيساً للجنة القانونية ويخرج علينا الصهيوني (داني دانون) ويقول: (اسرائيل رائدة عالمياً في القانون الدولي ومكافحة الإرهاب)؛ فهذه الكارثة الكبرى من أكبر منتهك للقانون الدولي ! مما يُؤكد لنا كفلسطينيين أن ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة.
وهذا حال الصمت العربي والدولي لقرار الضم أيضاً، علماً أن هذا القرار  ليس وليد اليوم، وإنما استكمالاً لما حدث في العام ١٩٦٧ من إستيلاءٍ على الأراضي واحتلالٍ للقدس وضواحيها؛ واليوم يستكمل الاحتلال اغتصابه لباقي الاراضي وخاصة الأغوار ليبنوا عليها وطنهم المزعوم.
اذ تعتبر اسرائيل الاراضي التي تريد ضمها هي بالاصل اراضي كانت ذات سيادة اسرائيلية (قبل اتفاق اسلو) وتريد استرجاعها وهذه مقدمة لفرض السيادة الكاملة على الاراضي الفلسطينية. وعليه يعتبر قرار الضم هذا مخالفًا للقانون الدولي الذي اعطى اسرائيل رئاسة اللجنة القانونية! كما ويعتبر مخالفا لميثاق الامم المتحدة. 
والجدير ذكره ان قرارات القيادة الفلسطينية بانهاء الاتفاقيات والمعاهدات والتفاهمات بما فيها التنسيق الامني مع اسرائيل جاء بقرار حكيم، وضربة قوية لاسرائيل لاننا لا نطالب بالتأجيل او الانتظار للاول من تموز ليمر قرار الضم بصمت؛ وانما نطالب اسرائيل بالتراجع الفوري عن هذا القرار الذي جاء ضمن مخططات صفقة القرن التي رفضتها القيادة الفلسطينية جملة وتفصيلا؛ فالدولة الفلسطينية ليست هدية او منة من احد؛ وانما نتاج نضالات وعذابات شعب عظيم.   
وعند إعادة قراءة التاريخ مجدداً سنجد أن (حركة التحرير الوطني الفلسطيني/ فتح) ومنذ انطلاقتها في العام ١٩٦٥ حاملةً للمشروع الوطني الفلسطيني والحامية للقضية الفلسطينية من التصفية والتبعية والإندثار، في الوقت الذي تحاول فيه ميليشيات حماس حرف البوصلة واجترار الشعب إلى أزماتٍ داخلية كان أعظمها الانقلاب الأَسوَدْ وما تلاه من إعتداءات على ابناء الحركة؛ كان آخرها الاعتداء على الحاجة المناضلة (أم جبر وشاح) أم الاسرى والشهداء، وما تَبِعهُ من زَجّ الحركة الاسيرة في الاحداث الداخلية والمواجهة التي لطالما كانت بمعزل عن الدخول بها. فلصالح من تعمل حماس؟
وهذا يُعدّ تجاوز خطير على كافة الاصعدة الذي لا يقبل به أي فلسطينيٍ صامدٍ مُرابط؛ ولكن تُصِرُ (حماس) على تنفيذ أجندةٍ تُبقيها معزولةً عن فلسطين الأرض والإنسان خاصة في ظل المؤامره الكُبرى على قضيتنا وثوابتنا وشعبنا.
إننا اليوم نواجه أخطر المؤامرات لتصفية القضية الفلسطينية؛ ومن يعتقد أن (فتح) غير قادرة على قيادة المرحلة فهو واهم، فهي تعرف أن عدوها واحد وهو الغاصب الصهيوني؛ وستواجه هذه المرحلة التاريخية كسابقاتها بكافة الوسائل المُتاحة؛ وهذا ليس غريباً على حركةٍ جمعت كل الاختلافات في مدارها لتكون حركة الفقراء والبسطاء والمناضلين والأحرار، حركةً للكل الفلسطيني؛ وهنا يسعني أن أتذكر ما قاله السيد الرئيس محمود عباس: (لن أُنهي حياتي بأيِ خيانة).
نعم سنبقى أوفياء للعهد وسنحمي الوطن بالغالي والنفيس؛ ولن تكون الظروف المعيشية خاصرتنا الهشة التي يحاول الاحتلال استغلالها، ولن يكون رغيف الخبز أغلى من تراب البلاد، وسنمضي مُسلحين بالإرادة والعَزم والثبات خلف القائد العام بكل ما تُمليه متطلبات المرحلة.
2020-06-22