السبت 15/10/1444 هـ الموافق 06/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
تدابير ضم أراضي الضفة الغربية والأغوار // عبد الله الحمارنه

مشروع ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والأغوار ليس وليد اللحظة، ولم يأت بشكل فجائي بل كان نتيجة تخطيط مسبق منذ سنوات خلت، فالاتفاقيات الدولية مع السلطة الفلسطينية لم تستطع إيقاف الاستيطان الإسرائيلي، فأثبتت الدراسات تزايد التوسع الاحلالي للاستيطان عقب تقديم أي حل سياسي نظراً لارتكاز السياسة الإسرائيلية على مبدأ تقليل التكلفة السياسية للاستيطان لضمان نموه بشكل متسارع وبدون أي قيود.

بدء التطبيق الفعلي لعمليات الإحلال الاستيطاني الإسرائيلي قبل إعلان تشكيل دولة الاحتلال الإسرائيلي، التب اعتبرت الاستيطان أحد اهم الركائز في الوصول الى الدولة المزعومة، وأيضا بعد إعلان الدولة عام 1948م لم يتراجع عن هذه الفكر أبدا.

وحتى نفهم سياق عملية "الضم"، فانه من الواجب إن نؤكد أن كثير من الدراسات وصلت لنتيجة أن المستوطنات الضفة الغربية لم تنشأ بهدف حل إشكال سكاني لدولة الاحتلال، بل بهدف تطبيق سياسة استراتيجية حيث كزت موجات الاستيطان الإسرائيلي الأولى على مناطق حاكمة في فلسطين المحتلة مثل القدس، والأغوار، وقمم الجبال لمساعدة الاحتلال حماية السهول التي احتلها عند إعلانه قيام "الدولة"، فمثلا يافا وعكا وحيفا والمناطق الغربية من فلسطين المحتلة جلها مناطق سهلية، ويسهل الوصول اليها أو استهدافها من السلاسل الجبلية المحيطة بها من الجهة المقابلة وهي الضفة الغربية، الحل الأمثل لإزالة هذا التهديد هو تعزيز مشروع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والأماكن الحاكمة.

هذه الأماكن تعتبر السيطرة عليها ضرورة أمنية لضمان عدم تشكيلها أي خطر أمني حقيقي على المدن الكبيرة في فلسطين المحتلة، فمثلا قرب رام الله من مدينة القدس شكل هاجسا لدولة الاحتلال نظرا لوجود سلسلة جبال يمكنها كشف كل التحركات بمدينة القدس، لذلك ركزت دولة الاحتلال 19% من مستوطني الضفة بمستوطنات بالقرب من مدينتي رام الله والبيرة، وركزت 50% من المستوطنين بالقدس المحتلة.

ولأهمية التوسع الاستيطاني، تركز دولة الاحتلال على صناعة مسار حياة يتمتع برفاهية عالية للمستوطنين بالضفة الغربية والأغوار، فمثلا يستثمر في المستوطنات الريفية بشكل أكبر من نظيراتها لاحتوائها على منظومات زراعية وصناعية وتجارية والاهم سياحية، هذه المنظومات تساعد دولة الاحتلال على اكتساب شرعية على المستوى العالمي.

مرتكزات الإحلال في الضفة الغربية والأغوار

حتى تنفذ دولة الاحتلال عملية الإحلال في الضفة الغربية والأغوار – الضم – اتخذت عدة خطوات على فترات طويلة، حتى تصل لمرحلة الإعلان التام عنه، فعملت على تسكين عدد كبير من المستوطنين في كلا المنطقتين لترويج الحجج بان لها مواطنين تسعى لحماية وإبقاء قوات الاحتلال الإسرائيلي الاحتلال حاضرة في كل مكان.

كما أنها عملت على مصادرة الأراضي التي تتمتع بأهمية استراتيجية سواء للمناطق الحاكمة كما أسلفنا أو للاماكن التي تحوي ينابيع مياه او قمم جبلية، ثم عملت – دولة الاحتلال – على استصدار قوانين وقرارات تساهم في تعزيز تواجد المستوطنين بالضفة الغربية، والتي آخرها قانون الملكية الفردية للمستوطنين بالضفة الغربية، وإقامة المعابر على مداخل المدن الفلسطينية لتعزيز السيطرة لصالح المستوطنين، مثل معبر الحمرا وقلنديا، والزعيم، وزعترة، والرام وغيرها.

وبلك تكون أتمت دولة الاحتلال مثلث الإحلال – الضم – "شعب" و"أرض" و"قانون"، لتقوم بالترويج للعالم أن لها الحق في ضم الضفة الغربية والأغوار نظرا لأن المكونات السابقة جزء من دولة الاحتلال، وأؤكد هنا على نقطة مهمة أن دولة الاحتلال تعتزم على ضم أرض وليس سكان، فكل الأراضي والملكيات الفلسطينية الخاصة الواقعة ضمن مناطق الإحلال سيتم مصادرتها بشكل تلقائي، وعليه فان نسب الإحلال التي يتم الحديث عنها قد تكون أكبر مما هو معلن.

يتساءل البعض عن سبب قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي بهذه الإجراءات الدبلوماسية والعسكرية للإعلان عن ضم الضفة الغربية والأغوار، لكن المتابع لسلوك دولة الاحتلال يستنتج بشكل واضح أن الهدف هو إذابة الهوية الوطنية الفلسطينية حتى تختفي تماما، في محاولة لكسر أي محاولة للشعب الفلسطيني لتحرير وطنه.

كاتب مختص بشؤون الاستيطان

 

2020-06-23