الأحد 16/10/1444 هـ الموافق 07/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الشهداء يعودون هذا الأسبوع... راسم عبيدات

ها هم الشهداء يعودون يا روائينا الكبير الطاهر وطار....عادوا بعد 170 عاماً من احتجاز جثامينهم في باريس من قبل دولة الإستعمار الفرنسي،عادت رفاة 24 شهيداً من أبطال الجزائر والمقاومة الجزائرية، لكي تحتضنهم الأرض التي ضحوا من اجلها ...عادوا لكي يجري استقبال جثامينهم بما يليق بتضحياتهم ونضالاتهم....عادوا لكي يعرف شعب الجزائر العظيم بان هؤلاء من صنعوا لهم فجراً للحرية،وهم من دفعوا دماءهم ثمناً لتحرير الوطن،عادوا لكي يكشفوا حقيقة هذا الغرب الإستعماري الذي يتغنى يحقوق الإنسان والديمقراطية والإنسانية والحرية والعدالة،اغتصب هؤلاء الفرنسيين أرض الجزائر،وأحتلوها لأكثر من مائة وثلاثين عاماً،وقتلوا من شعبها اكثر من مليون جزائري وسجنوا مئات الآلاف...واعدموا المئات في الصحاري بطرق وحشية يندى لها الجبين،بل وأجروا تجارب الطبية على العديد من الأسرى الجزائريين،وحعلوا منهم فئران تجارب لإختبار نجاعة الأدوية للعديد من الأمراض،نعم هذا غرب متوحش ومجرم،مصالحه واقتصاده فوق كل الإعتبارات الإنسانية...ومع انتشار فيروس جائحة " كورونا"،كوفيد 19،رأينا كيف تعامل هذا الغرب الإستعماري وامريكا مع هذا الوباء الفيروسي،قالوا الإقتصاد فوق حياة البشر،والرئيس البريطاني بوريس جونسون اليميني المتطرف،قال "علينا ان نتعامل مع هذا الفيروس ضمن ما يسمى بمناعة القطيع"....عليكم أن تثقوا بأن هذه الرأسمالية المتعولمة " تسلع" البشر،فالبشر لا قيمة لهم اذا ما تعارض ذلك مع مصالح القوى الإستعمارية،ولكم أن تتخيلوا ليس فقط أمريكا تفرض حصاراً ظالماً على ايران منذ أربعين عاماً،بل رفضت توصيات منظمة الصحة العالمية والعديد من المؤسسات الدولية،بتخفيف الحصار عن ايران،والسماح بإدخال اجهزة ومعدات طبية لمواجهة انتشار جائحة " كورونا" في ايران ..؟؟،حتى الوباء يريدون ان يبتزوا الدول والشعوب من خلاله،فرئيسهم وكبيرهم الذي علمهم السحر ترامب،سياسته قائمة على الإبتزاز و"إستحلاب" المال،وهذه السياسة لم تنفع سوى مع الدول الفاقدة لإرادتها وقرارها السياسي والمرتعبة من أمريكا،مثل المشيخات الخليجية العربية،وفي المقدمة منها السعودية والإمارات والبحرين وقطر.

أمريكا المتغنية بالإنسانية والحرية والديمقراطية،تقر قانون ما يسمى ب " قيصر" لقتل الشعب السوري وحرمانه من أبسط مقومات الحياة البشرية،وكذلك تفعل نفس الشيء مع لبنان،والسبب واضح إما الخضوع للشروط والإملاءات الأمرو صهيونية،وإما الموت جوعاً،فرفع الحصار مقابل الخضوع والخنوع...

نحن في فلسطين تعرضنا لأبشع غزوة اقتلاعية في التاريخ البشري الحديث،حيث احتلت أرضنا وهجر أكثر من نصف شعبنا،وجرى إحلال المستعمرين الصهاينة مكانه،ورغم كل شلال الدم الفلسطيني النازف على مذبح الحرية والتحرر من نير الإحتلال،لم ننجح حتى الان في أن ننتزع جزء من حقوقنا،وإقامة دولتنا المستقلة على جزء من فلسطين التاريخية،وفي إطار الصراع المحتدم والمتواصل مع عدونا الصهيوني الذي يحتل أرضنا ويغتصب حقوقنا،دفعنا عشرات ألآلاف الشهداء،والذين ما زال الإحتلال يحتجز جثامين أكثر من 250 منهم منذ خمسين عاماً في مقابر الأرقام،وهناك 63 آخرين محتجزة جثامينهم في ثلاجات مشافي الإحتلال،فحتى من يستشهدون يخيفون المحتلين في قبورهم،الأموات لا يتعذبون،ولكنهم بإحتجاز جثامينهم  من قبل هؤلاء المستعمرين،يريدون ان يجعلوا اهلهم وذويهم يعيشون في عذاب ومعاناة دائمتين،فهم يتشوقون ليس لرؤية رفات أجساد شهدائهم،ودفنهم بما يليق بهم ووفق الشرائع السماوية،والتي لا يحترمها المحتل،تصوروا محتلين وغزاة يخافون جثامين الشهداء،فهم لا يريدون للشهداء أن يتحولوا الى أنماذج لأبناء شعوبهم،وأن لا تتحول قبورهم الى مزارات،أي عقليات استعمارية وإحتلالية هذه،التي تعاقب الأحياء والأموات،وتتشدق بالإنسانية والحرية والديمقراطية ..؟؟،التاريخ يعلم بان طريق الغزاة والإستعمار والإحتلال الى زوال،مهما طال الزمن،فالشعوب لا تتخلى عن حقوقها ولا عن شهدائها،ولذلك نحن كشعب فلسطيني،من حقنا ان نحلم وبان هذا الحلم سيتحقق،حيث سيعود شهدائنا ،هؤلاء الشهداء الذين يعبدون لنا الطريق نحو الحرية والإستقلال،لكي يصنعوا فجراً لنا ولأطفالنا في عيش كريم ووطن حر،بعيداً عن حواجز الإذلال والقمع والتنكيل والقتل بدم بارد،فشعبنا آن له أن ينعتق من نير الإحتلال،وأن يحتفل بعودة شهدائه،هؤلاء الشهداء الذين أحلم بان يتم تسجية جثامينهم في سهل واسع،وان يمر عشرات بل مئات الألآف من ابناء شعبنا على جثامينهم،يؤدون لهم التحية،وان يجري تكريمهم بما يليق بهم.

الجزائريون عادت جثامين شهدائهم بعد عاماً،والرئيس الجزائري العروبي الكبير هواري بومدين قائد الثورة الجزائرية منع أي مسؤول جزائري من زيارة فرنسا،قبل ان تعيد جثامين شهداء الجزائر،وكذلك منع قرينته من ان تتعالج في فرنسا او تزورها،ما لم تعد جثامين شهداء الجزائر.

وها هي جثامين شهداء أبطال الجزائر تعود،لكي تدفن رفاتهم،بما يليق بتلك القامات الكبيرة التي عبدت الطريق نحو إستقلال الجزائر وحرية شعبها،ولا أعتقد بان جثامين شهدائنا ستبقى محتجزة الى الأبد لا في مقابر الأرقام الإحتلالية،ولا في ثلاجات مشافيه،وحتماً ستعود تلك الرفات ويفرج عنها،لكي  يحتضنها تراب الوطن الذي ضحوا من اجله،ولكي يودعهم شعبهم بما يليق بنضالاتهم وتضحياتهم،هذا الشعب الذي يسير على درب ألآلام مسيحه،وما زال يتعذب ويتعرض للذل والقمع والتنكيل،فلا بد أن يبزغ فجر حريتهوان يعود مشرديه ولاجئيه الى وطنهم.

صحيح أن درب الحرية والكرامة والعزة شاق وطويل،ولكن مهما طال هذا الدرب،وكثرت أشواكه،فلا بد أن  يبزغ فجر حرية هذا الشعب،هذا شعب رغم كل المحاولات والمؤامرات والمشاريع والمخططات التصفوية لكي تشطب حقوقه وتصفي قضيته بكل ركائزها،لكنه مثل طائر الفينيق يخرج دوماً من تحت الرماد،ويصر على البقاء،وأن ينال حريته وإستقلاله.

 

فلسطين – القدس المحتلة

5/7/2020

[email protected]

 

2020-07-06