في وطني عندما أرادوا قول الحق إعتقلوا , في وطني خرجوا كالشمس من المغرب
فظنوا أنها القيامة فأعتموا الشمس لتبقى الظلمة مستمرة .
في وطني لم يستطيعوا قول الحق , ضد فساد ونهب وقتل للحق فوجدوا جوابا : إصمتوا واخرسوا .. في وطني هناك تصنفيات للكائن البشري مواطن بأدنى الهرم , يعلوه مسؤول "صغير المنافذ" فمسؤول "واصل " يملك ما لا تملك وأملك , فوزير أو منصب مرموق ورتبة , وهناك من هم من الصُلب والدمِ النقي الذي لا تملكه أنت البشري صاحب الدم الملوث بهذا المثلث الهرمي.
وأنت .. من أنت ؟ لتقول كفى أريد طعامي المنهوب , ومالي المسلوب , وحقي المغصوب والمباح عرضه المصلوب وتطالب بإصلاح المعطوب , إزالة كل الفساد و العيوب تذكر من أنت ؟ أنت المكروب المغضوب عليه .
من أنت لتقول لا , حتى لو رأيت فسادا وتعلم أن هذا ليس من حق فلان , بل هو حق لك ولسائر المواطنين بالدرجة السفلى من الهرم لا يحق لك الخروج وقول لا .
من أنت لتطالب بملابس بالية ترتديها لتستر جسد الحق , ويرتدون بدلات غالية ولن تستر جسد الباطل ؟ عذرا من أنت لتطالب بتعليم مثل أبنائهم ؟ برحلات سفر ومنح مثلهم ؟
بوظائف لأبنائك مثل أبنائهم ؟ بوظائف لك مثلهم ؟
من أنت لتملك أرقاما بالحسابات البنكية مثلهم ؟
من أنت لتنام على وسادة من ريش نعام ؟
من أنت لتركب أفخم السيارت الفارهة , القصور العظيمة ؟ من أنت ؟
من أنت لتسافر بطيارات خاصة وتنزل الفنادق الساحلية على شواطئ هذا العالم لتتسمر على الشاطئ ؟ من أنت ؟ لتقول : لاحقوا الفاسدين وحاسبوهم ؟
من أنت لتقول شفاشفية وضوح ,علانية لا أسرار وطبطبة ؟
من أنت لتقول : أن هناك فسادا إقتصادي أجتماعي قضائي إعلامي سياسي إداري ؟
من أنت لتراقب سوادهم , بهتان أقوالهم , بطشهم وجشعهم وظلم أفعالهم , جهر صوت زيفهم ؟ من أنت ؟ ..... أوه تناسيت أنت وأنا نحن وحوشا بشرية كما "الطنطل" الذي تنقالت أخباره بالأساطير السومرية في العراق والجزيرة العربية . أنت وحشا غامضا كما المانتيكور الذي تواجد ببلاد فارس .
من نحن لنحظى بمنزلة الإنسان الرفيع أمثالهم , أوَ نحضن شجرة الصبار بحثا عن حنان ؟! أوَ نبحث عن الزمهرير لندفى ؟ لا لن نكون يوما مثلهم وطبقا للهرم أعلاه ,على هذا البشري المازوخي "المواطن" أن يشكر الله على نِعم السادية ووتفضلهم علينا !
فيجب عليكم أعزائي أن تكتموا أفواهكم ولاتنطقوا ببنس شفة , يسرقون وينتشرون كما قوم يأجوج ومأجوج فيفسدون بالأرض فنقول : يارب ما هذا الكرم .. يظلمون ولا يعدلون ويأخذون ماهو لنا فنقولوا : الحمدلله لم تذهب لغريب , فهو من عظام رقبتهم .
من نحن لنحظى بحياة مثلهم وننعم بالفردوس مثلهم ؟
أو حتى نعكر صفو حياتهم ونزعجهم بأمثالنا. وإياك أن تخرج وتقول : لا.
فالتهمة باتت معروفة تجمهر غير مشروع وخرق نظام الطوارئ , أنت المواطن بآخر الهرم , إياك أن تقول لا ستصبح الإبن الضال العاق إحذر ,أنت لا تستحق هذا الكرم .
نظام العبودية هذا لن تهدمه أمثالك , نظام رق حديث يحيط بنا , فلا فرق بيننا وبين عبيد السومريين قبل آلاف السنين , نكذب على بعضنا البعض ونرسم إبتسامة حرية مزيفة وعقولنا مصفدة , أيدينا مكبلة , ألسنتنا مقيدة , نتصنع الغنى ونحتضن الفقر , نرتدي الظلم صيفا , نتألق بالإجحاف شتاءا , ننام على أغنية "بكرا بيخلص هالكابوس وبدل الشمس بتضوي شموس " لكن لم نستيقظ والكابوس لم ينته , وشمسنا لم تظهر وشموسهم تشرق وتزداد توهجا وغنى ومالا وراحة وأمنا وأمانا ووظائف ورتب وسيارات وفلل ولم تشرق شمسنا بعد .
لئن شكرتم لأزيدنكم وهذا من فضل الله عليكم , أعلم هذه الآية وأحفظها من على قصوركم , فأنا شكرت المولى على رغيف يابس وأنت شكرته على مائدة كما التي طلبها حواريو عيسى عليه السلام .! وهي كانت لنا نحن .
طفحتم مالا وذهبا , طفحنا فقرا وغبنا , يخبروك أن كل ذلك مقدر ولايريدون كل ذلك هي فقط عطايا المولى لهؤلاء ونحن خوارج من أقدار الله , فالظل لهم , ولا يصلنا سوى لهب الشمس , النعيم محرم على منهم بأسفل الهرم , فالجحيم ملاذنا , الغسّاق شرابنا والسلسبيل شرابهم والفرودس مسكنهم ونشيدنا بالجحيم أبيات محمود درويش المختنقة , الحزينة , اليائسة :
أخذوا الفطور واللحم جوعونا , تركوا لنا قوت الحمام
أخذوا الماء ولا نملك سداد الفاتورة عطشنا , رضعنا الغمام
إعقلنا لقولنا لا .. لم نعد للبيت أخرسونا , فأصبحنا سكان الخيام
ألجموا إستعاراتنا وكبلت كلماتنا منعونا , فقدنا حقنا بالكلام .
فأخبرهم يا محمود أن يفكروا بغيرهم !!
أستذكر قول الرسول ﷺ من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان .
ونحن طفحنا منكر البعض منكم لذلك ستسمعوا "لا" التي لا تعجبكم , لأن منكركم جلي واضح لنا , لم يعد هناك قماشا ليستره , ولا قانونا وأشخاصا ليغطيه , فاستئصلوا فساد البعض وأوقفوهم وحاسبوهم , لا نكره شخصا منهم ولا نعلم أحدا منهم سوى أخبارا عن منكرهم , ربما تناسى البعض منهم أنهم في خدمة من هو بأدنى بالهرم "نحن" رواتبكم ووظائفكم لخدمتنا "نحن" , سياراتكم وبدلاتكم الفارهة التي تملكونها كانت بسبب خدمتنا ولخدمتنا , تخرجون وتلقوا خطابات رنانة لنا "نحن" سكان الجحيم ,فالنعيم ليس محتكرا لكم , نحن الآن كما الأب الذي "دلع" إبنه فلم يقل له "لا" يوما فغضب وبكى , يريد أن يخضع له الأب دوما ويقول له نعم بني لك ما شئت والأب لصدقه وكرمه وواسعة قلبه كان يقول : نعم دوما فضلا لا أمرا , لكن تمادى الإبن , فيوما يسرق من محفظته ويوما يسرق مفتاح سيارته , تمادى تمادى فقال الأب : لا حسبك . يجب أن يعاقب الإبن على أفعاله الطائشة المراهقة . مللنا ونحن خاضعون لنعم
نعم لسكوتنا , سرقتنا ونعم للفساد والظلم وذهاب العدل , نعم لكل إجحاف نعم لفقرنا وجوعنا نعم لعدم محسابة أي فاسد , نعم لزراعة الوهم والوساد والبهتان
ونعم لمحاسبتنا لقولنا لا .
سنستخدم أضعف الإيمان وأكثره حتى محاسبة الفاسدين , حتى تمطر سماء الظلم عدلا وإنصافا حتى يحاسب السارق الفاسد آجلا أم عاجلا فالحق باق والباطل إلى زوال ,سيكسر ذاك الهرم , فإعتقلوا كل من يقول لا بوجه الباطل واسجنوه ولن تخرسوا ذاك البشري بأدنى الهرم بل سيقلبه رأسا على عقب وهذا هو الصواب .
أنتم خدام هذا الملك المسمى "مواطن" سيف العدل وعين الحق والقانون , فيرى ظلما فيحكم عدلا , يرى فاسدا فيحاكمه , يرى إعواجاجا فيقومه , يرى زيفا وكذبا فيغيره , يرى باطلا فيكسوه حقا , يرى قحطا فيزرعه مروجا , يرى سرقة وفقرا فيبدلها غنى وعدالة . سيبقى المواطن وسيحكم , نعم سيحكم وتعلو كلمة لا بوجه كل فاسد يريد إسكات العدل , ستبقى كلمة لا لتهزعرشه وعرش كل باطل وسيحكم المواطن .
بقلم المحامي الكاتب : أحمد مطلق أبو صفية .