الأحد 16/10/1444 هـ الموافق 07/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
نميمة البلد: آه يا بيروت ... انها كارثة الفساد....جهاد حرب

مما لا شك فيه أن ما بعد لحظة الانفجار "الكارثة" في مرفأ بيروت العاصمة اللبنانية في الرابع من آب/ أغسطس لن يشبه ما قبله ليس فقط نتيجة موت واصابة الكثير من اللبنانيين أو حجم الدمار الذي لحق بالمباني والبنى التحتية في العاصمة، التي ما زالت تنهض من دمار تلو الاخر بفعل أدوات داخلية أو غزو خارجي، بل لحجم كارثة الفساد والإهمال وانهيار أسس وقواعد العقد الاجتماعي في البلاد ما بين سلطة الفساد الطائفي أو تشابك المصالح الشخصية والطائفية على حساب المصلحة العامة وباختطاف الدولة لحساب أطراف وجماعات غيرت أولويات الدولة، وقلبت غنى التنوع الاجتماعي والطائفي فيها الى جحيم الهيمنة على الحكم والسياسة.

لا تقتصر الكارثة التي حلت ببيروت عاصمة الدولة اللبنانية فقط فجميع عواصم الدول العربية؛ التي ينخرها الفساد وسوء الإدارة والإهمال والتخلي عن قيم الدولة المدونة في دساتيرها والتشبث بمراكز قوى اجتماعية كالعشائر والعروش أو طوائف دينية أو جماعات عرقية أو قوى اقتصادية تهيمن على ثروات البلاد أو مجموعات مسلحة بخلق مزارع خاصة بدلا من دولة لجميع مواطنيها، معرضة عاجلا أم آجلا لكارثة اشبه بها ما دام المتنفذين والزعماء الحاليين يتكالبون على السلطة والحكم مهملين مصالح المواطنين ومستقبل دولهم وكأنهم لا يأبهون للطوفان من بعدهم أو حتى في حضرتهم.

يستحق اللبنانيون دولة أفضل مما هي عليه اليوم، وحكومة قادرة على تغيير نظام الحكم وطبيعة ساستها؛ من دولة يختطفها زعماء الطوائف الى دولة يحكمها دستور يحمي المواطنين، ويتيح الفرص للجميع لتبوء مكانته للمساهمة في نهضة البلاد، واستعادة حقوقهم، ويكرس مبدأ فصل السلطات، ويحاسب الفاسدين، ودولة مؤسسات تسير في دواليبها عملية الإصلاح والتغيير باتجاه المستقبل، مستقبل جميع اللبنانيين لا ساستها أو زعماء طوائفها.

تغيير يمنح شباب لبنان، ذكورا واناثا، أملاً في المستقبل ويعطيهم القدرة على البقاء ويمنعهم من "نعيم" الهجرة. تغيير يعيد الحق لأهله؛ اللبنانيون جميعا بدون طرابيش الطوائف والمناطق والعائلات وبدون زعماء بالوراثة أو جالسين في الحكم أبد الدهر، أصحاب العقد الاجتماعي الذين يقررون طبيعة الحكم والحكام وهم مصدر السلطات فعلا لا قولا ممارسة لا تدوينا في دساتير ورقية تدوسها مصالح زعماء الحكم وزبانيتهم. هذا التغيير يمنح العواصم الأخرى المنتظرة لكارثة جديدة من نفس النوع أو غيره، املا بالقدرة على التغيير لاستباق الكارثة ومنع وقوعها، تغيير يوقف الفساد والفاسدين وينهي اختطاف الدولة لمصالح افراد محدودين أو جماعات معينة.  

آه يا بيروت الجميلة ببحرها وجبلها، وبناسها وطقوسها وثقافتها؛ لم أستطع استجماع قوتي وحيلتي للاتصال بأصدقائي اللبنانيين القاطنين في بيروت العاصمة سوى صباح اليوم للاطمئنان على سلامتهم وعلى عائلاتهم خشية من عدم الرد وخوفا من حصول اذى لأحدهم. آه يا بيروت انها كارثة الفساد والخوف على الأحباء.


 

2020-08-07