الخميس 16/10/1445 هـ الموافق 25/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
رحلة مثيرة...غادة بشناق

أطلّتِ الأميرةُ الصغيرةُ لين، مِن شُباك غُرفتها الجميلة، في قصرها الفخم العالي.

وكانت تُطل على بيتٍ صغير مُتواضعٍ، تسكنُهُ عائلةٌ مُكونة مِن أبٍ وأم وصبي اسمهُ سامر وبنتٌ اسمها سَمر.

كان يفصلُ بين القصرِ والبيتِ سورٌ شاهق وأشجارُ سروٍ عالية.

كان سامر وسمر يَهُمّان بالخُروج، صاحتِ الأميرةُ لين:

  - إلى أين تذهبان ؟

رفع سامر رأسهُ وقال: -

 ذاهبان إلى البحر.

قالت لين: "كم أتوقُ لرؤية البحرِ الذي طالما سمعتُ عنه ولا أعرفه".

قال سامر: "في كل مرةٍ تقولينَ أشتاقُ لرؤية البحرِ ولا تذهبين. إتخذي قراركِ وتعالي معنا".

قالت سمر: "لكن الملكَ لا يسمحُ لها أن تسبح مع عامّة الناس. ألم تسمع حديث أبي دوماً !؟".

حَدّقتِ الأميرة وهي تنظر إلى أسفل، وصَمتت بُرهة. ثم قالت:

    - إنتظروني، أريد أن أذهب معكم، ولكنّ المشكلة هي كيف أنزل من القصر؟

قال سامر: "سأساعدك".

ذهب في الحال وأحضرَ حبلاً متيناً طويلاً، ثُمّ رماهُ إلى أعلى الشجرة القريبة من شُبّاكِ القصر.

قال سامر: "هَيا، تسلّقي على الحبل وإنزلي".

تردّدتِ الأميرةُ للحظةٍ وهي خائفة.

قال سامر: "لا تخافي ولا تترددي، إنطلقي, كوني شجاعه!".

خلعت لين التاجَ عن رأسها وألقتهُ على السرير. ثم نزلت بواسطةِ الحبل إلى ساحة الحديقة. فرحَ الأولادُ وخرجوا مُهللين مُنشدين:

"لا خوفَ بعد اليوم،

لا قُنوط بعد اليوم،

لا قُيود بعد اليوم".

تابعوا سَيرهم حتى وصلوا البحر، شَهقت الأميرة بتعجّب وقالت: "يا الله! ما أجمله وما أكبره!"

أسرعت تغطس رجليها في الماء وتتراشق، وتهرول فرِحَة.

قالت لها سمر: "أتجيدين السباحة؟ إحذري، لِئَلا تغرقي".

قال سامر: "أنا أعلّمكِ السباحة. ألقي بجسدكِ إلى الماء، وافتحي ذراعيك بقوة، وشقي البحر عميقاً وجَذّفي، وارفعي رأسك عالياً وتنفسي عميقاً وانفضي الماء برجليك وحَلقي. وإرفعي رأسك للشمس ثم حلقي قدماً وحَلّقي".

وفجأةً، ظهر حوتٌ ضخمٌ قبيحُ المَنظر، يُزمجر بصوتٍ رهيب.

سارع الأولاد بالهرب، لكنه أمسك بسامر بين فَكّيه الضَخمين.

صرخت سمر رعباً وقالت : "ماذا نفعل؟"

قالت الأميرة لين: "يجب أن ننقذهُ ونساعده وبسرعة"

سَبحت لين بسرعةٍ إلى الشاطئ وأحضرت غصن شجرةٍ يابس. ثم رجعت إلى الحوت وضربته على فمه. فتح الحوتُ فمهُ ليبتلع الغُصن، فوضعتِ الغصنَ عامودياً في فمه، فبقي مفتوحاً.

نادت بأعلى صوتها : "سامر". تشجّع واخرُج من العتمة، إلى النور، وكُن قوياً، صلباً كما عهدتك.

وأخذت لين وسمر تدندنان: "لا خوف بعد اليوم،

 لا قنوط بعد اليوم،

لا قيود بعد اليوم"

خرج سامر من بطن الحوت، مَدّت لين يداها لتُمسكَ به، وخرج سامر منتصراً مبتهجاً.

2020-08-27