السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
بسبب أصولها اليهودية منذ 600 عامًا: لاجئة فلسطينية تحصل على الجنسية الاسبانية! (القصة كاملة بالصور)

«يسافر اللاجئ الفلسطيني 600 عام.. ويكتشف أن لديه أصول يهودية.. وقد يكون إسبانيًا! هكذا علقت الصحف الاسبانية على قصة اللاجئة الفلسطينية هبة إسكندراني، التي حصلت مؤخراً على الجنسية الاسبانية، بعد إثبات أصولها الإسبانية باستخدام تحليل الحامض النووي DNA. 

قامت هبة بتوثيق التجربة التي عاشتها طول الثلاث سنوات الماضية حتى حصلت على الجنسية الاسبانية، بالصور والفيديوهات عبر حسابها على موقع الفيسبوك«، ونقلته عنها الكثير من المواقع والصحف الاسبانية.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة «لوكسمبورج تايمز»، فإنه تم اثبات نتيجة الحامض النووي، نَسب «هبة»، من عائلة يهودية، هُجِرت من إسبانيا قسراً منذ 600 سنة، ضمن 132 ألف يهودي من «السفرديم»، الذين تم تهجيرهم في نهاية «حروب الاسترداد»، كما يطلق عليها الاسبانيون، أو سقوط الأندلس كما تُعرِفها المصادر الإسلامية.

هبة اسكندرانى وجواز سفر اسبانى

رحلة هبة إسكندراني بين صفحات التاريخ :

هبة نبيل اسكندراني، ولدت في دبي، وهي واحدة من عدة آلاف من اللاجئين الفلسطينيين الحاملين لهوية غير معترف بها دوليًا، فهي من أب فلسطيني، وأم من لبنان هاجروا إلى البرتغال وعاشوا فيها بدون أوراق رسمية تعترف بجنسيتهم الفلسطينية.

كانت البداية، عندما قامت هبة، البالغة من العمر 26 عامًا، بالبحث بين صفحات التاريخ من أجل البحث عن جذور عائلتها، لتجد أن تاريخ عائلتها يعود لأكثر من 600 عام في اسبانيا، وذلك لانها رفضت قبول عدم الاعتراف الدولي بهويتها الفلسطينية، وبعد ثلاث سنوات من حرب خاضتها مع محاميها لاثبات أصولها، استطاعت، أن تحمل جواز سفر إسبانيًا في 12 سبتمبر من هذا العام.

وفى حوار أجرته «هبة»، لموقع «كونتاكتو» البرتغالى، أعربت فيه عن سعادتها الكبيرة بحصولها على الجنسية الاسبانية، قائلة: «سأتمكن أخيرًا من زيارة فلسطين بجواز سفرى الاسبانى، ولكنى أخشى من التشكيك في هويتى الفلسطينية كونى يهودية الأصل».

أصل العائلات اليهودية في اسبانيا

وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة (Science Daily)، أعدها «هاري أوستر»، مدير برنامج علم الوراثة البشرية في كلية الطب بجامعة نيويورك، خلصت الدراسة، إلى أن الرجال اليهود يشتركون في بعض الصفات الوراثية مع غير اليهود من الشرق الأوسط، بما في ذلك الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين، وتختلف هذه التوقيعات بشكل كبير عن الرجال غير اليهود خارج هذه المنطقة.

الهدف: البحث عن وطن

تقول هبة لـصحيفة «لوكسمبورج تايمز»: «لطالما كنت في صراع مع هويتي، دون أي شعور بالانتماء، لأنني لم أمتلك وثائق معترف بها». موضحة أن جدها لأبيها، نُفي من فلسطين إلى لبنان عام 1948، خلال النكبة.

وثيقة الجد الاكبر من الاب احمد يافا اسكندرانى

ووفقًا لحوار أجرته «هبة» مع موقع «كونتاكتو»، قالت فيه: «عندما كنت طفلة، سألت والدى، عما إذا كان بإمكانى أن أصبح سياسية لبنانية أوسفيرة لبلد ما. فأجابنى بـلا. سألته وماذا عن فلسطين؟ هل يمكنني؟، رد بالسلب مرة أخرى. كانت حجيته (ليس عندك وثائق).

حصلت «هبة» على شهادتها الجامعية في الهندسة المعمارية بـ «دبي»، وسافرت إلى المملكة المتحدة للدراسة تحت درجة الماجستير في إدارة المشاريع.

تقول لـ «كونتاكتو»: «عندما وصلت إلى لندن، كان علىَ الذهاب إلى مركز الشرطة للتسجيل. وعندما قدمت جواز السفر اللبنانى الخاص بى للضابط، ووجد أن جنسيتى المسجلة هي»لاجئ فلسطيني«. قال الشرطي:»آسف، أنا لا أفهم، هو جواز سفر لبناني، بهوية فلسطينية، لكن مكتوب أنكِ ولدتى في دبي. ما هي جنسيتك على أي حال؟«وردت»هبة«عليه:»إذا كان لديك إجابة، من فضلك قل لي«.

كان هذا الموقف، بمثابة الفتيل الذي اشعل شرارة بحثها عن وطن حقيقى لها.. بحسب وصفها.

في النهاية.. أصولها يهودية:

يوضح التقرير، حالة الرفض الدائم التي كانت تعيشه «هبة»، بحثًا عن مخرج لمشكلة الجنسية وأوراقها الغير موثوقة، فبدأت في طرح أسئلة حول أصول العائلة.

تقول وفقًا للتقرير: «سألت والدي من أين نحن في الأصل، فأجاب بأنه سمع شائعات بأننا مصريون، فذهبت إلى موقع جوجل وبحثت عن: (أصل الاسم إسكندراني). ظهر لى في نتائج البحث»اعثر على جذور أسلافك اليهود الإسكندراني في الأرجنتين«.

وتابعت: «هل يمكنك أن تتخيل؟ أنا عربية وفلسطينية وفجأة قرأت أن أصل اسمي يهودي، في حين أن أصل مشكلتي هو أن إسرائيل كانت دائمًا معادية للفلسطينيين».

من هذا الخيط، بدأت «هبة»، بالبحث عن اجابات توضح أصولها، وبدأت تسأل متخصصون في علم الأنساب والمواطنة، وهكذا اكتشفت قائمة بأسماء العائلة اليهودية التي تضمنت اسمها. تقول: «ذهبت إلى أبى وقلت له (قد تكون يهوديًا) وكان رده»مستحيل! نحن فلسطينيون«.

وثيقة هوية جد هبة لأبيها ، صادرة عام 1948 عن الانتداب البريطاني في فلسطين

انغمست هبة في عالم المكتبات والوثائق القديمة والكتب عن النسب، حتى وصلت إلى أن اسم العائلة كان من أصول يهودية، بما في ذلك الحاخامات والشخصيات التي لعبت دورًا مهمًا في الشرق الأوسط على مر القرون. أخذت نسخًا وصورًا مما وجدت وأرسلت إلى والدها. لقد اقتنع أخيرًا أن شيئًا مثيرًا للاهتمام كان يحدث هناك وقرر مساعدتها في عملية التحقيق.. بحسب ما ذكره التقرير.

تشرح قائلة في حوارها مع «كونتاكتو»: «قمت بعمل تحليل الحمض النووى، وطلبت منهم أن يدرسوا نسب والدي فقط، لأن والدتي كانت تعلم أنها لبنانية نقية منذ أجيال، جاءت النتائج»مروعة«كالتالى:»أنتِ 0٪ من الشرق الأوسط. سلالة والدك من أبرز اليهود، حوالي 50٪ من شمال إفريقيا و50٪ من شبه الجزيرة الأيبيرية«، وبذلك تم اعلان أن جذور عائلتى من سفاردية- المصطلح المستخدم لأحفاد اليهود من البرتغال وإسبانيا.

وثيقة الجدة من الام والبحث عن اصل جذور ألاجداد

مرة أخرى، من خلال محرك البحث الأكثر شهرة في العالم، وجدت هبة أخيرًا المحامي المقيم في برشلونة، جورجيو غوارنيري، الذي استطاع ان يحقق أمنية هبة في الحصول على الجنسية الاسبانية. يقول:«على الرغم من كل صور الكتب التي وجدتها، لم يتم اعتبارها وثائق لدعم قضيتها، لذلك كان من الضروري جمع وثائق هوية الأسرة».

وفقًا للتقرير، اضطرت هبة إلى إعادة بناء شجرة عائلتها، والسفر إلى 600 عام في التاريخ لمدة ثلاث سنوات.

توضح «هبة» في حوارها مع «كونتاكتو»، قائلة: «عندما بدأت برسم فروع عائلتى القديمة، بدأت أدرك أن جميع أعمامى الكبار لديهم أسماء يهودية، لم يكن هناك اسم مسلم واحد، من موسى إلى روبن، أو زكريا، أو يعقوب، وداود، كل هذه الأسماء كانت جزءًا من عائلتي ولم يتساءل أحد أبدًا عن سبب وجود هذه الأسماء في عائلتنا؟ كلنا فلسطينيون وطردنا من هناك بعد سنوات عديدة بسبب الحرب».

لكن الاكتشافات استمرت، بعد ملف مليء بالوثائق، طلبت السلطات الإسبانية مزيدًا من الأدلة. كان من بينها وثيقة تثبت هوية الجدة الكبرى للأب. ويكشف التقرير بحسب رواية «هبة»، أن والدتها كانت تسافر كثيرا إلى بيروت، لزيارة منزل العائلة، في آخر زيارة لها، اكتشفت هوية الجدة الكبرى لأبيها، وهى لطيفة الجربي، تم الوصول إلى الوثيقة الخاصة بها، وكانت تحمل لقبًا جديدًا من أصول يهودية، مرتبط بشمال إفريقيا.

جمعت هبة، مع إخوتها الأربعة، الأب وعمها، جميع المستندات اللازمة للشروع في إجراءات طلب الجنسية الاسبانية، في كل من البرتغال وإسبانيا. ثم بدأوا أولى الخطوات في البرتغال.

من هم اليهود المطرودين من سفراد؟

يقول جورجيو غوارنيري، المحامي الذي عمل في مكتب يقدم المساعدة للعائلات المنحدرة من اليهود السفارديم في برشلونة، لكونتاكتو، إنه يتذكر أن هبة اتصلت به «دون أي توقعات»، لتستفسر عن القانون الذي دخل حيز التنفيذ في 1 أكتوبر2015 الذي يمنح الجنسية الإسبانية للسفارديم، كتعويض تاريخي لليهود المطرودين من سفراد قبل 524 عامًا.

قام المحامى بالبحث عن اتجاه جديد لحل تلك القضية، من خلال الرجوع إلى قائمة «الباحثين السفارديم المعتمدين»، وهم الوحيدون الذين يمكنهم إصدار تقارير الأنساب التي كان من الممكن استخدامها لمثل هذه الطلبات للحصول على الجنسية.

يوضح المحامي لـ «كونتاكتو» قائلا: «بعد شهرين من الوصول إلى اختصاصى ماهر في هذا الشأن، كانت النتائج التي توصل إليها مفيدة للغاية، حيث استطعنا اتباع الجذور الأولى لعائلة هبة».

ووفقًا للمحامي، فإن القرار السياسي للدولة باتخاذ قرار «بإصلاح» الضرر الناجم عن اضطهاد اليهود السفارديم في الماضي، وإجبارهم على المعمودية الكاثوليكية إذا أرادوا البقاء في اسبانيا، ينبع من مبادرة شعبية من خلال عريضة عامة تهدف إلى لفت انتباه المُشرع إلى الرغبة في أن يستأنف أحفاد هؤلاء الأجداد الروابط مع أصولهم، حيث لم يتمكنوا من ذلك بسبب طرد أسلافهم ونفيهم.. بحسب ما ذكره لـ «كونتاكتو».

الهوية الفلسطينية:

تقول هبة لـ «كونتاكتو»،: «إذا كان ما كنت اعانيه ناتج من سلبية أجيال عديدة من أسلافي، فربما في عقلي الباطن هذا الشعور بعدم الانتماء والشعور بالدونية بسبب عدم امتلاك وثائق بالفعل كان أمرا لا استطيع تحمله..أخبرتني سيدة أنني كسرت الآن هذه الحلقة المفرغة في عائلتي، وأن هذا ليس فقط بالنسبة لي، ولكن لجميع الأجيال الماضية».

في الوقت الحالي، تشعر «هبة»، بالسعادة أخيرا لأنها حصلت على جواز سفر، لكنها في نفس الوقت تخشى التشكيك في هويتها الفلسطينية بسبب أنها اكتشف جذورها اليهودية.

المصدر :المصري اليوم

2020-09-26